الندوة الوطنية الرابعة:متطلبات ثقافة الدولة في الإصلاح السياسي

نظمت الأمانة العامة للحركة اليوم السبت 04 جوان بنادي المجاهد – الجزائر العاصمة 2016 الندوة الوطنية الرابعة للتنمية تحت عنوان:
” متطلبات ثقافة الدولة في الاصلاح السياسي ”
ويأتي اختيار هذين الموضوعين لما يكتسيه مفهوم بناء ثقافة الدولة في تكريس سياسات حماية حقوق الفئات الاجتماعية ، ولما تقتضيه ضرورة إصلاح سياسي بهدف مواكبة التغيرات الحاصلة في البيئة الداخلية والخارجية ، اصلاح يضمن تحقيق المزيد من المشاركة السياسية للمواطنين ، والفعالية و الكفاءة لمؤسسات الدولة مع التأكيد على حماية الحريات والحقوق الأساسية و حضر الندوة منتخبون برلمانييون و منتخبون محليون (APC/APW) حاليون و سابقون وإطارات و مهتمون بموضوع الندوة من مختلف ولايات الوطن.
بعد افتتاح الندوة بآيات من الذكر الحكيم تفضل النائبان في البرلمان السيد منصور عبد العزيز الأمين الوطني للتنمية والمنتخبين والسيدة مقران أسمهان الأمينة الوطنية للعلاقات بكلمات ترحيبة وتقديم موضوع الندوة ومحاورها أمام المشاركين ليفتح المجال للندوة الأولى التي استهل المداخلة الاولى فيها الأستاذ أحمد الدان الأمين العام للحركة بعنوان : الاصلاح السياسي المفهوم والابعاد. وقد تفضل في بدايتها بتقديم تعازي الحركة لعائلات حادث المرور الأليم الذي وقع بولاية الأغواط وأودى بحياة ثلاث وثلاثين قتيلا وأكثر من عشرين جريحا كحصيلة أولية، يتزامن مع استقبال الشهر الكريم ودخول موسم الاصطياف الذي يشهد أعلى معدلات الحوادث داعيا الى تحلي السائقين بروح المسؤولية أمام المآسي التي تشهدها طرقاتنا يوميا. كما ترحم بالمناسبة على الرئيس الصحراوي الراحل محمد عبد العزيز، مجددا تضامن الحركة مع الشعب الصحراوي الذي يحتاج اليوم إلى مزيد من التلاحم والنضال من اجل حقوقه المشروعة في وجه حالة التصعيد التي تمارس عليه سياسيا وعسكريا واقتصاديا. وتناول في مستهل مداخلته مفهوم الاصلاح السياسي باعتباره عملية مستمرة في حياة الدول والضامن للاستجابة للتطلعات الشعبية والتطورات الاجتماعية و متغيرات الساحة الدولية وأن الـتأخر في الاصلاح السياسي من مغذيات الفساد السياسي ، كما أشار الى ما تتعرض له المرجعيات السياسية في المجتمع من تفتيت وتغييب، في مقابل تشكيل مرجعيات جديدة هشة وقائمة على المصالح، كدخول القبيلة كمؤِثر وفاعل في شراء القوائم الانتخابية إذ يعتبره انتقالا للاداء السياسي من رجال السياسة ونخبتها الى القبيلة ، و اضمحلال دور الاعيان في القبيلة ، ومن نتائجها أن انتجت لنا العملية السياسية وفق هذا التوجه الجديد برلمان مجموعة مقاولين عوض برلمان السياسيين وأصبح هدف التشريع هو الاستجابة لمصالح فئة على حساب احتياجات ومصالح المجتمع، وأضاف مؤشرا جديدا طغى على الساحة السياسية في ظل طغيان سلطة المال تراجع مرجعية نوفمبر تراجعا بارزا في حضورها كخلقية سياسية ومحددا نظريا لتوجهات ومواقف الأحزاب. وفي موضوع فصل الدين عن السياسة والسياسي عن الدعوي، الذي أخذ قسطا وافرا من النقاشات السياسية والاعلامية بعد مؤتمر حركة النهضة التونسية، اعتبر الدان هذه الجدلية من التوجهات التي تفضي إلى انتاج الافكار المتطرفة، فالاسلام هو الوعاء الحاضن لحياة الناس وشؤون الدولة، منتقدا مسار حركة النهضة التونسية ومحذرا من انعكاساته السلبية على المنطقة وتمنى مراجعة الصورة التي تم تسويقها لهذا المسار بما يحفظ للوعاء الاسلامي مصداقيته الشعبية ويجسد مدى الثقة التي يضعها فيها الناخبون، كما دعا الجزائر الى دعم التجربة الديمقراطية ودعم السياحة في تونس بما يقتضيه واجب الأخوة ، كما دعا الاحزاب السياسية الجزائرية الى مساعدة التجربة الليبية في المصالحة الوطنية.والدفع بالجهود المبذولة في هذا الاتجاه. من جهة اخرى حذر المتحدث من تحديات خطيرة تمس بالاستقرار الاجتماعي على غرار تعاطي الحكومة السلبي مع فضائح البكالوريا وغياب أي رد فعل رسمي في حينه أمام العبث الذي طال المنظومة التربوية في عمقها ، رد فعل كان لا يجب ان ينزل تحت سقف استقالة أو إقالة وزيرة التربية التي فشلت فى ضمان اجراء مسابقة بحجم البكالوريا رغم ما سخرته الدولة من امكانات هائلة على كل المستويات، ، داعيا الحكومة الى التحرك عبر التواصل الايجابي مع المواطنين ومخاطبة الناس بما لا يترك الساحة في قلق وارتباك، و لحماية الاستقرار الوطني وايقاف اجندات الانزلاق والتعفين، كما دعا السلطة الى المبادرة باجراءات الطمأنة على المستقبل وخاصة في حماية الفعل الانتخابي القادم باعتباره تاسيسا لمرحلة جديدة للجمهورية، وأن النظام الجمهوري يتعرض الى ضغوطات وتحديات يقتضي دعمه لانه أصبح يشكل مصدر قلق للأنظمة الملكية التي تجسد حكم القبيلة والسلطة المطلقة. وختم حديثه بالتأكيد على أن الاصلاح السياسي لا بد له من بيئة للنجاح، وأن البيئة الاقليمية غير المستقرة لا تساعد على نجاح الاصلاح السياسي ، كما أن هشاشة قاعدة الحكم وتنافر مكونات النظام الحاكم وتنابز الهيئات وعدم وضوح رموز السلطة هي بيئة ليست ضامنة للاصلاح السياسي، وأن الحزب السياسي ليس حزبا انتخابيا انما هو جزء من منظومة الاصلاح السياسي ، ولا يجب ان يتحول ضغط الانتخابات إلى عامل قاتل لحركية المبادرات السياسية والتحالفات الاستراتيجية، معرجا على تجربة هيئة التشاور والمتابعة التي تأثرت بفعل الانتخابات القادمة بشكل يوحي بانحصار شديد لتأثيرها وعملها في الساحة. مداخلة الاستاذ عبد العزيز رحابي تمحورت حول أدوار الدبلوماسية الحزبية ومقوماتها، تعرض فيها السيد الوزير والدبلوماسي الأسبق من خلال تجربته الطويلة إلى مفهوم الدبلوماسية الحزبية كجزء من الدبلوماسية الشعبية التي تكمل دور الدبلوماسية الرسمية، معرجا على عديد التجارب المحلية والدولية، واعتبر أن من أهم مقومات نجاح السياسة الخارجية للدول هو تحقيق الاجماع الوطني على مبادئ وتوجهات هذه السياسة، و مدى تلاحم جهد الهيئات الرسمية مع الهيئات الشعبية بمختلف مكوناتها، لأن المصالح الدبلوماسية في الأخير هي مصالح استراتيجية تعمل على ضمان الأمن والاستقرار وتوفير بيئة حاضنة للتنمية والحياة الكريمة للمواطنين. كما أشار إلى ما يتهدد الجزائر من مخاطر كبيرة يشهدها محيطها ، في ظل العزلة التي تسعى جهات عديدة لفرضها عبر اشعال كل حدودها وانهاك القدرات الوطنية في تأمينها، مِؤكدا على أن الاحزاب مطالبة بالتفكير والتعامل بثقافة الدولة وممارسة دبلوماسية الحزب في ظل الدولة، وهي مدعوة لأن ترفع من درجة الوعي بكل المخاطر المحيطة بالبلد الداخلية منها والخارجية، وأن يكون هناك جهد موجه للعمق الاستراتيجي للجزائر الذي لن يكون إلا إفريقيا بحكم كثير من المحددات والعوامل التي تجعل من الجزائر بوابة افريقيا الحقيقية. وتواصلت الندوة في الفترة المسائية بمداخلات حول مواضيع ذات أهمية بتنمية ثقافة الدولة لدى أفراد الأحزاب والطبقة السياسية ككل، والالتزام بأخلاق السلوك السياسي النزيه والخادم لمصالح الشعب وتطلعات المواطنين بمختلف فئاتهم وأن يكون الاصلاح السياسي مستجيبا لتطلعات الطبقة السياسية وارداتها في الخروج من الفعل الانتخابي الى دائرة النزاهة والشفافية واستعادته لمصداقيته التي هزتها ممارسات السلطة بالتزوير والتشويه. كما تناولت الندوة في موضوع ذي صلة وظيفة العلاقات العامة في الأحزاب السياسية، وضرورة بناء رصيد كافي من الثقة للاحزاب مع محيطها المجتمعي والاقتصادي وغيره ،بما يسمح بنشر ثقافة الشراكة والحوار الجماعي، وضرورة أن تسهم الهيئات المنتخبة في تعزيز هذه التوجهات لا ان تقتصر على الدور التشريعي حسب أجندات الحكومة، وان ترتقي الممارسة الحزبية في البرلمان الى مستوى الدفاع عن المصالح الوطنية في شتى الفضاءات الاقليمية والدولية وبعث لجان الصداقة البرلمانية لتؤدي دورها الفعال في خلق ديناميكية دبلوماسية شعبية تفتح للأحزاب مجالا أوسع في ممارسة أدوارها.13346549_1119895898033938_4082154980708137494_n

اترك تعليقًا