رابعة اليمن والربيع الفارسي

10387640_715613618530959_8805601068692228954_n
بقلم عبد الحميد بن سالم

لم تكن حركة الحوثيين في اليمن خارج عن السياق الذي رسمه التحاف الغربي، في أجندة مرتبطة بأمن الكيان الصهيوني ومصالحه ، والتي في مقدمتها محاربة العدو الأول والمباشر المتمثل في المقاومة الإسلامية حماس ، وفصائل المقاومة ، وتجفيف منابعها في المنطقة العربية والإسلامية وهي بالأساس الحركات الإسلامية المعتدلة وفي القلب منها جماعة الإخوان المسلمين .

ولأن ايران لم تعد منبعا ولا داعما لها ، ولا عدوا لهذا الكيان ، وتعتبره العدو التالي بعد أهل السنة والجماعة ، فقد انخرطت في تحالفها مع الغرب ، بمثل هذا التحالف المشبوه ، والذي له سابقته في تاريخ الشيعة الفاطمين حين تحالفوا قديما مع الصليبيين لتمكينهم من بيت المقدس ، ولم يتمكن صلاح الدين الأيوبي من فتحه الا بعدما قضى على الفاطيين ، ووحد بين مصر والشام.

الشاهد في هذا هو أن تحالفا غربيا عربيا ضد الحركات الإسلامية المعتدلة انضمت اليه ايران ، عنوانه قبر الديموقراطية ، ودهس وثيقة حقوق الإنسان ، وكبت الحريات ، وكل المصطلحات التي جاء بها مشروع الشرق الأوسط الكبير، والتي جلبت للأنظمة الويلات ، زعزعت استقرارها وأزاحتها عن الحكم ، وحققت للمقاومة في فلسطين انتصارا أسطوريا ، وزلزلت منظومة الأمن الإسرائيلي ، وأصبحت الشعوب الإسلامية تتحدث عن مرحلة التحرير الكامل للأرض واسترجاع المقدسات . واراد هذا التحالف بالأساس استهداف الحركات المعتدلة وجماعة الإخوان المسلمين بالخصوص، من خلال معركة تباشرها الأنظمة العربية بجيوشها الجرارة التي انحرفت وجهتها منذ خروج مصطلح الإرهاب عن محاربة أعداء الأمة الى قمع ابناء الأمة بدعوى الإرهاب ، ولكن هذه المرة ، لمواجهة أهل القلم وأهل البناء ، وأهل التربية والأخلاق ، وأصحاب مشروع النهضة ، ورافعي شعار السلمية . في مواجهة على شاكلة معركة( رابعة والنهضة )، شعارها : وإذا ماخلا الجبان بأرض طلب الطعن وحده والنزالا . فأطلقوا يد داعش على ماتبقى من أهل السنة في العراق مما خلفه إجرم المالكي في حقهم ، لتصفية آخر سني في العراق .

وبدأت التصفيات في سورية للقادة منهم بالنيران الصديقة التي سيطلقها التحالف الدولي ضد تنظيم مايسمى بـ ( الدولة الإسلامية ) ، بمباركة إيرانية سورية رسمية ، من أجل تصفية المشكلة السورية بعيدا عن الحركات الإسلامية المعتدلة . ودعموا حفتر في ليبيا من أجل تقويض وصول الكتلة الصلبة من الحركة الإسلامية الى الحكم والمشاركة فيه ، وباللأساس التأمين السياسي والإقتصادي للإنقلابيين في مصر.

وتحرك الحوثيون بخطى سريعة الى صنعاء بعد الإستيلاء على عمران ، حيث الطريق معبد ومؤمن ، بدعم إيراني ، وتحريض عربي وسكوت غربي ، وخيانة يمنية من الليبراليين وأنصار الرئيس المخلوع، واستقبل بالألعاب النارية . وكانت الخطة ماكرة وخادعة ومدمرة تصدت لها الحكمة اليمنية ، أرادوها ( رابعة اليمن )في جامعة الإيمان وبيوت آل الأحمر ومقرات اللإصلاح ، فلم ينجر الإصلاحيون وحلفاءهم من بني الأحمرالى فخ الملحمة ، حين انسحب الجيش والداخلية وتأخر المبعوث الأممي وسفراء الدول العشر على ابرام الإتفاق حتى يستكمل الحوثيون استعداداتهم وتقدمهم ، ويتم تهييج الإصلاحيين من أجل المواجهة والحسم ، فكانت أرجلهم في الجليد ،وبأعصاب باردة افشلو الخطة حين قالو إن للدولة رئاسة وجيش يحميها .

وأبرم الإتفاق بالقوة وتحت الإكراه ، وأصيب المتآمرون بالنكسة والإحباط والحيرة . فوجد الحوثيين أنفسهم أمام تسلل واضح ، حين غابت عنهم الخطوة الموالية من السيطرة على صنعاء ، فانفضحت روحهم الثورية وبدت شريرة مخادعة ، ولم يجد مايفعلونه الا استفزاز الناس في الشوارع وتفتيش الطائرات المغادرة واقتحام بيوت الثوار ونهب السلاح ، وكأنهم محتلين بالوكالة. ووجد الرئيس وقيادة الجيش أنفسهم أمام تهمة التقصير والخيانة ، والتآمر مع قوى أجنبية . وهم اليوم يلممون فضيحتهم ، ويتسسرون على فعلتهم .

ووجد اليمنيون أنفسهم أما خطر القاعدة المتجدد الذي سيجد له بالتأكيد حاضنة شعبية لم يحض بها من قبل . وسينصب البغدادي واليا للدولة الإسلامية قريبا في اليمن . وستجد الدول العربية المحرضة والمتآمرة نفسها أمام خطر التوسع الإيراني والحلم الفارسي . باسترجاع شرف الإشراف على الحرمين ، وتزعم محور المقاومة حيث مركز المقاومة في فلسطين .

كما وجدت إيران نفسها أما م انكشاف واضح لخطتها أمام الشعوب السنية . مما يستوجب على أهل السنة إعادة الحساب وتأكيد الحذر وإعادة ترتيب الأولوويات بالنسبة للمخاطر الخارجية . وستخلص الذول العربية التي عاشت فوبيا الإخوان، أنها أخطأت كثيرا حين اعتقدت بخطر الإخوان . وذهبوا بسوء الظن بعيدا حين لم ينتبهوا أن أكثر من يسامحهم ويصفح عنهم ، وينقذهم من حبال المشانق هم الإخوان . من فرط حلمهم ، وكبر همتهم . وذهبوا بعيد في الخطأ حين لم يستوعبوا طاقات أبناء وطنهم وقدراتهم وإخلاصهم ووفائهم لشعوبهم من أجل نهضة الأوطان وازدهارها .

وسيدركون الخطر الحقيقي الذي سيأتيهم من التحالف الغربي الإيراني الصهيوني الذي سوف لن يهدد كراسيهم وثرواتهم أو يزاحمهم في الحكم ، وإنما سيمحوا بعض هذه الدول من الخريطة فلا يبق لها وجود على البسيطة ، الا إذا رضوا بأن يرجعوا رعاء الشاه ، بعد أن تطاولوا في البنيان .

ولن يستطيعوا أن يقفوا أما (الثورة الإيرانية والفتح الصفوي والربيع الفارسي) . وسيقابلهم تنكر من الحلفاء الغربيين كما تنكروا لضحايا الرببع العربي قبل أمس . في رغبة لأشعال حرب سنية شيعية منهكة ومدمرة . كل هذا إذا لم تعود القوة الصلبة في المجتمعات العربية والمتمثلة في الحركات الثورية والطاقات الشبابية بكل مكوناته الى الساحة السياسية والإجتماعية والإقتصادية لتعيد صياغة مشروع النهضة العربي والإسلامي، ويعيد اللحمة بين الشعوب والحكام ، بعيدا عن التصفيات والاحقاد والإنتقام . بروح التسامح والمصالحة والوئام .

وبرؤية واضحة وثابته تدعو الى لقاء الحضارات بعيد عن الصراع المدمر، ومن خلال دستور وحدة ثقافية تؤسس الى مشروع حضاري إسلامي يستوعب المذاهب الفقهية والتوجهات السياسية .

وفلسطين وحدها كفيلة أن توحد الأمة وأن تسترجع ريادها كما كانت دائما منذ الفتح العمري الى تجربة الوحدة بين الفصائل الفلسطينية ، واللحمة بين المقاومة والشعب الأخيرة في معركة العصف المأكول التي صنعت الملحمة العظيمة و النصر الكبير على كل المستويات . والذي رفع من معنويات الأمة ، وزاد من منسوب عطائها وتطلعاتها الى مستقبل زاهر حافل بالإنتصارات . )ويومئذ يفرح المؤمنين بنصر الله ) .

اترك تعليقًا