بقلم مصطفى الحديثي
تخرج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي باستفتاء شعبي بعد غسيل أدمغة المصوتين لصالح الانفصال عن الاتحاد الأوروبي تورط به اليمين المتطرف، وتعد قضية اللاجئين الفارين إلى الدول الأوروبية إحدى القضايا الرئيسية التي ساهمت في رفع أرصدة الأحزاب اليمينية المتطرفة وتحقيقها مكاسب على حساب التيارات السياسية الكلاسيكية في الاتحاد الأوروبي، بعد ما كانت مقتصرة على أحزاب صغيرة تلعب على المشاعر القومية للشعوب الأوروبية.
العنصرية تنتصر في كل مكان ومشاعر الكراهية والتطرف تسجل ذروة توغلها في كافة مجتمعات العالم حيث يعتبر تحويل المزاج العام نحو الأحزاب اليمينية المتطرفة على الساحة السياسية مقابل انحسار للأطياف السياسية المعتدلة، في ظل مطالبة «الأوروبيين والغربيين» بوضع حد للطوفان البشري القادم من الصراعات في الشرق الأوسط وإفريقيا ليهدد القارة العجوز وبعض الدول الغربية.
عوامل عدة تقف وراء صعود أحزاب اليمين المتطرف في أوروبا وأمريكا:
ارتفاع وتيرة الهجرة إلى القارة العجوز خاصة بعد أحداث الربيع العربي.
الشكوك حول تورط بعض المهاجرين بملفات الإرهاب وتخويف الأوروبيين من المهاجرين الجدد.
تغذية النعرات القومية والخوف على الهوية الأوروبية والغربية.
التخوف من انتشار الإسلام الذي يعتبر خطرًا على الهيكلية الديموغرافية لأوروبا والغرب.
الأزمة الاقتصادية التي تضرب بلدانًا أوروبية وغربية عدة.
أوروبا حذرة وخائفة من بشر خائفين كذلك وهاربين من موت محتم بعد أن ضاقت بهم بلادهم، في حين أن أوروبا والغرب يتحملان جزءًا من الكارثة الإنسانية عندما أغمضوا أعينهم عن تغيير خرائط على أيدي جماعات متطرفة في بعض دول الشرق الأوسط مثل العراق وسوريا واليمن وليبيا.
اليمين المتطرف دائمًا ما يستغل تدهور الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها دول الاتحاد الأوروبي ويحاول في هذه الحالة استغلال الخوف من الهجرة والقلق من الأزمات الاقتصادية والمالية.
أن فرصة اليمين المتطرف على استغلال العوامل الدافعة لصعوده ليست متوفرة دائمًا، لأن خطابه الذي يناور به يهدف إلى استغلال معاناة ضحايا الأزمات الاقتصادية لا أكثر.
يعتبر يوم الخميس 23-6-2016 حدثًا تاريخيًا مهمًا في تاريخ أوروبا باعتباره ممهدًا لنهاية الاتحاد الأوروبي وبداية تفكك المملكة المتحدة، حيث أعلن الحزب اليميني المتطرف في هولندا عن رغبته بإجراء تصويت مماثل لمعرفة رأي الشعب الهولندي من البقاء داخل الاتحاد الأوروبي، ومن جهة أخرى لم تستبعد إسكتلندا خيار الاستفتاء للانفصال عن بريطانيا بعد قرار الأخيرة بتطليق الاتحاد الأوروبي وذلك لإيمان إسكتلندا بأن مصلحة الشعب الإسكتلندي تكمن في البقاء تحت مظلة الاتحاد.
انفصال بريطانيا هو بمثابة نجاح حقيقي لليمين الأوروبي المتطرف الذي سيتولى مهمة تفكك المملكة المتحدة، ونجاح اليمين المتطرف سيقود العالم بأسره للدخول في عصر ترامب ولوبين والحفاظ على أهداف وقيم بوتين!
العرب والمسلمون بصورة عامة ما يعنيهم من التداعيات التي سيخلفها صعود نجم اليمين المتطرف الذي تبنى فكرة انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي، والذي وصفه رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بأنه «مخاطرة في وقت مضطرب» و «الانفصال الذي لن يقود بريطانيا إلى النعيم إطلاقًا»، هو تزايد نزعات الكراهية تجاه العرب والمسلمين في المملكة المتحدة والبالغ عددهم أكثر من 2.7 مليون مسلم وفقًا لتعداد المملكة المتحدة عام 2011، ويعد الإسلام ثاني أكبر ديانة في المملكة.