النص الكامل لكلمة الشيخ مصطفى بلمهدي رئيس حركة البناء الوطني في افتتاح الدورة العادية لمجلس الشورى الوطني للحركة

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله و صحبه و من والاه
ايها الحضور الكريم
رئيس و اعضاء المجلس الوطني الموقرون
احييكم بتحية اهل الجنة يوم الفوز العظيم و انتم من اهلها بدعوة حملة العرش في ظهر الغيب.
“رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدتَّهُمْ وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ”
سورة غافر الآية 08
و تحيتكم يومئذ ايها الاخوة “ادخلوها بسلام”
فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ومرحبا بكم مرة اخرى في افتتاح دورة مجلس الشورى الوطني الذي اليه تنتهي شؤون الحركة وخياراتها الكبرى.
ومنه تصدر تدابير الحركة وقراراتها الى المناضلين؛ لتبنيها و القيام بتنفيذها، لأننا جميعا نعتقد ان ثقافة المؤسسات هي التجسيد العملي لثقافة الدولة من جهة، وثقافة العمل الجماعي المؤطر من جهة ثانية، لجلب المصالح و درء المفاسد.
و المصالح مقامات، فمصلحة الحركة مقدمة على مصلحة الفرد، و مصلحة الوطن قبل مصلحة الحركة، و اذا تعارضت المصالح مع مصلحة الاسلام، تهون من اجلها كل المصالح، لان الجزائر ارض الاسلام و به عادت سيادتها.
ايها السادة
ان الجزائر تمر بمرحلة صعبة، ولكن التغلب على تحدياتها ليس مستحيلا على اهل العزائم.
وان الشعب الجزائري الذي حنكته التجارب، اصبح يدرك جيدا كيف يعارض السياسات العرجاء، دون ان يهدم مكتسباته الاستراتيجية.
فالشعب الجزائري في عمومه لا يقبل باحتضان المغامرين بالدولة ، فالسلطة عابرة و الدولة مستمرة.
ونحن في حركة البناء الوطني نفقه جيدا ان الدولة هي ارث الشهداء، وامانتهم التي لا يسمح بالتفريط بها ولا تعريضها للتهديدات و التلاعبات من اي كان ، وعندما نخير بين الجزائر وبين اي مكسب آخر، سنختار الجزائر اولا ونختارها دائما و ابدا ان شاء الله
ايها السادة
ان الوضع الاقليمي في المنطقة يشهد تغيرات و توترات اقليمية كبيرة، ويصنع هذا الوضع طوقا من التهديدات حول الجزائر اولا، وللسلام العالمي كله ثانيا ، ونحن نؤيد كل الحلول السلمية ، و ندعم الحوار بين مكونات الساحات الاقليمية من اجل الوصول الى تامين استقرار المنطقة.
ومن هنا نشيد بالدور الجزائري في المنطقة ونثمن خيارات الدبلوماسية الوطنية رغم اننا نطالبها بحضور اقوى؛ لا يسمح لخصوم البلاد بالمغامرة بمصالحنا الاستراتيجية في القارة الافرقية و المنطقة العربية .
ايها السادة
اننا نعتبر ان الازمات القديمة المستمرة في المنطقة، والازمات الجديدة التي احتكمت الى السلاح؛ اصبحت عاملا خطيرا في تهديد الثروة والسيادة، وتعريض المنطقة للتدخلات الاجنبية، التي نرفضها وندعوا لمواجهتها عبر صناعة راي عام، و اجماع وطني يحمي البلاد بعيدا عن الارتهان في الخلافات الحزبية الضيقة، والحسابات الانتخابية المحدودة، فالثقب الصغير في اسفل السفينة يغرق الجميع
ايها الحضور الكريم
اننا ندين بشدة حالة الارهاب الذي اصبحت جغرافيته تتوسع الى مناطق كان اهلها يضنون انهم آمنون، وبضرب الناس باشكال لم تكن متوقعة من قبل ؛ مما يستدعي اعادة النظر في استراتيجية الحرب على الارهاب ، واستنفار القوى الحية من العلماء والنخب، وتحصين الشباب، وتجنيد الاعلام في معركة من اجل حماية امن الانسانية، وليس للاستقواء بالارهاب كما تفعل العديد من الدول والقوى الدولية، وايضا الدول الاسلامية للاسف الشديد التي لا تزال سياسة التلاعبات الاجنبية، والصراعات الطائفية تتحكم في خياراتها الكبرى.
وان درس الانقلاب في تركيا، اعاد الى الاذهان، بان امكانية الاحتكام الى الانقلابات العسكرية ما زال قائما، خصوصا مع ارتباك مواقف القوى الدولية منه، وتاخرها في ادانته، وهو ما يعني ان تجربة الانقلاب على الشرعية التي حدثت في مصر يمكن ان تتكرر في اي ديمقراطية اخرى؛ خصوصا عندما تكون الخيارات الشعبية لصالح التيار الاسلامي، ولعل هذا الموقف السلبي تجاه الشرعية؛ والانتقائية التي يتعامل بها الغرب مع الاسلام، لا تضع في حسبانها ان الفوضى الخلاقة لم تعد آمنة ولا خلاقة، بل هي افعى تلدغ من يحتضنها و يرعاها بل يصنعها على عينه.
ايها السادة
ان حركة البناء الوطني اليوم، اذ تعقد اجتماع مجلس شوراها الوطني، تدرك جيدا ان التحديات الوطنية اصبحت من الخطورة بمكان، وان الانتخابات القادمة ستكون فرصة هامة لانتاج مؤسسات شرعية، تحوز من خلالها ثقة الشعب الذي هو فقط القادر على حماية الاستقرار، وحماية مؤسسات الدولة من التهديدات والمخاوف.
ولكن قانون الانتخابات الاخير لا يبشر بالروح الديمقراطية لدى الحكومة ؛ وان كنا في حركة البناء لا نشعر بالقلق او الخوف من جمع التوقيعات، لاننا حزب منتشر عبر الوطن، ومارسنا خلال السنوات الماضية عملا تربويا بناء وتنظيميا واسعا، نحسبه حقق التغيير ما بالانفس، يؤهلنا اليوم للخيارات المريحة سياسيا، بشرط جمع كل اعوادنا و لبناتنا المتاحة اعدادا و استعدادا.
ان سيدنا يوسف عليه السلام ما كان ليستطيع انقاذ مصر من المجاعة لو كان خارج التمكين و ماكان في استطاعته فتح المجال لجلب اهله.
اننا نسجل انزعاجنا الشديد مما يمس الديمقراطية في بلدنا الحبيب و نسجل تتضامننا مع الطبقة السياسية التي تريد ان يتحقق في الوطن خيار المنافسة السياسية الشريفة التي تبني الثقة بين الشعب و دولته لبناء الجدار الوطني في وجه المخاطر المحدقة.
ايها السادة
ان حركة البناء الوطني لا ترى تحقيق الانبعاث الاقتصادي ولا الامن الاجتماعي؛ الا في ظلال رؤية سياسية جماعية، تقوم على التحالفات الواسعة، وتستوعب البرامج المتكاملة، وتتيح المشاركة كخيار دولة، و استراتيجية وطن، وحلا للازمة التي تزداد تعقيدا هذه الايام.
ايها السادة
ان حركة البناء الوطني تدرك جيدا ان فلسطين هي مركز الصراع العالمي مما جعلها محل الاستهداف الداخلي والاقليمي من خلال المؤامرة على المقاومة في الداخل وصناعة التوترات في محيطها الخارجي بالانقلاب في مصر و محاولة الانقلاب الفاشل في تركيا والحرب في سوريا والعراق و اليمن والاضطراب في لبنان ولعل الاجندات الخارجية التي تعبث بأمتنا في مناهجها التربويية ونسيجها الاجتماعي لا تذهب بعيدا عن هذا الهدف الخبيث الذي يتطلب من الامة التعاون الجاد لافشاله
قال الله تعالى :
” وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ”
سورة المائدة الآية 02
و مرحبا بكم مرة اخرى و رزقكم الله الحكمة في التفكير للوصول الى القرار الحكيم.
“وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ”
سورة التوبة الآية 105
طبتم و طاب مقامكم
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
المقر الوطني في
السبت 25 شوال 1437 هـ
الموافق لـ30 جويلية 2016 م

اترك تعليقًا