كلمة رئيس المجلس دورة جويلية 2016

khona
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين

السيد رئيس الحركة
الأخوة والأخوات أعضاء المجلس
ضيوفنا الأكارم
رجال الإعلام
السلام عليكم جميعا ورحمة الله تعالى وبركاته
أما بعد، ففي ظل هذه الظروف الوطنية الحساسة الموصوفة عند الجميع بحالة الانتظار والترقب يعقد مجلس شورى حركة البناء الوطني دورته العادية .
واسمحوا لي في مستهل كلامي أن أقف من خلال هذا العنوان أعني (شورى حركة البناء) على ثلاث كلمات هي: الشورى والحركة والبناء.
• فمصطلح الشورى يذكرنا بمبدأ التشاور الذي يتيح ابتداءً لكل واحد منا فرصة المشاركة في صناعة قرار الحركة، كما يتيح له انتهاءً فرصة العمل على إنجاح ذلك القرار، لأن المشارك في الشورى يعتقد دائما صوابية قرار الشورى بعد استفرغ كل جهود التفكير والتدبير.
• أما مصطلح الحركة فيؤكد لنا بأن البرامج الجادة لا تنفع أبدا وهي على الأورق، وفي تجاويف الأفكار بل إن التحرك في الواقع هو وحده الذي يبث فيها الروح والحياة، وبهذا المعنى تمايزت الأحزاب الجادة عن الأحزاب التي ليس لها إلا حضور الأسماء والعناوين.
• أما مصطلح البناء فإنه يذكرنا بأن حركتنا حركةٌ نافعة متعاونة ، إنما جاءت لتبني لا لتهدم، ولتجمع لا لتفرق، لأنها تؤمن بالتعاون والتشارك مع كل الأفكار والبرامج والمبادرات البناءة في هذا الوطن، لأن الجزائر حررها جميع المخلصين ويبنيها كذلك جميع المخلصين، فالبناء هو الخطوة الثانية من مشروع الشهداء في التحرير ثم البناء.
أيها الاخوة والأخوات
لا يخفاكم أن دورتكم هذه تنعقد أيضا في أعقاب أحداث عالمية ودولية جسيمة لعل آخرها محاولة الانقلاب الفاشل على الشرعية والديمقراطية في الجمهورية التركية قبل أسابيع، والذي نعتبر فشله سيمثل العنوان الكبير للمرحلة القادمة التي ستفشل فيها بفضل الله تعالى وبفضل وعي الشعوب كل الانقلابات والثورات المضادة للإرادة الشعوب، والتي كانت قوى الشر في العالم ترصد لها وتنفق في سبيلها كل امكانات البطش والإكراه والعنف، ولكن الله من ورائهم محيط وهو القائل (( فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون )) فالانقلابات حدث غريب يعبر عن شدة المكر، ولكن فشله حدث أكبر منه يدل على أن إرادة الشعوب لا تقهر.
إن موضوع الشرعية الشعبية في هذا الحدث الجليل أخذت شكلا مميزا؛ بحيث رأينا كيف إلتف الشعب حولها السلطة الحاكمة التي أحبها ووثق فيها، لأنه شعر بأنه مادام هو من انتخبها بكل حرية فعليه أن يحميها بكل تضحية.
ولقد راقب شعبنا الجزائري بكل طبقاته وفئاته هذه الحدث التركي، وأخذ منها الدروس المناسبة، وقد آن الأوان لكل الأطراف السياسية أن تتخندق مع شعبنا وتنسجم مع تطلعاته.

أيها الحضور الكريم
إن الجزائر تمتلك من الإمكانات، ومن الوعي، ومن التجربة والتضحية ما يؤهلها لصناعة ديمقراطية حقيقية سيفتخر بها جميعا الجزائريين والجزائريات بكل مشاربهم وتوجهاتهم.
ونعتقد أن المواعيد السياسية القادمة ستكون فرصة سانحة أما شعبنا ليعبر عن ارادته ويكرس خياراته وتطلعاته في ظل واقع أمتنا المتقلب الذي قد تشكل فيه الجزائر استثناءً مثلما ما شكّل الاتراك استثناءً حين صعّبوا المهمة على أجندة المؤامرات الخارجية التي استهدفت بلادهم.

والجزائر اليوم مثل غيرها تحوط بها المؤامرات من كل جانب تريد تقسيمها وإدخال شعبها في أتون صراعات بينية، ولكن الله تعالى سيكون من ورائهم محيط ما دامت مساجد الجزائر مملوءةً برجالها وشعبُنا مستمسكا بحبل الله تعالى.
وإننا لعلى يقين من أن حالة المؤامرة على المنظومة التربوية والجراءة على مواد الشريعة والتربية الإسلامية، وتجاوز صوت النقابات وأولياء التلاميذ… إنما تحركها جميعا إرادات أجنبية بأيدي أقوام من بني جلدتنا يتكلمون أحيانا بألسنتنا ولكنهم يهددون حصوننا من الداخل.
ومن هنا نطالب السلطة القائمة أن تضطلع بمهامها في حماية الثوابت الوطنية، كما ندعو الطبقة السياسية أن تتخندق مع الاساتذة الذين يناضلون بجهد جهيد من أجل حماية مستقبل الاجيال من عبث المغامرين بالبلاد ومنع حالة الانزلاق والانهيار في المنظومة التربوية التي هي أساس استمرار الثوابت الوطنية.

أيها الاعضاء الكرام
اسمحوا لي قبل ختم هذه الكلمة أن أذكركم -وأذكر نفسي – بالأمانة الثقيلة الملقاة على عواتقنا جميعا في هذه اللحظة التاريخية التي ستؤسس قراراتكم فيها لمسيرة طويلة قد تدوم قرابة العقدين من الزمن، لأن الجزائر مقبلة على تحولات حقيقية سيستقر الوضع بعدها طويلا، ونريده أن يستقر لصالح الثوابت الوطنية ولصالح الديمقراطية، ولصالح الشباب المتطلع لخدمة بلاده من موقع السيادة والعلم والعزة وليس من موقع المتسول على أبواب البنوك كما رأيناه خلال سنوات مضت أصبح اليوم يحصد سلبياتها.

وفي الختام
أبشر الحضور الكريم بأن حركة البناء الوطني قد تحسن وضعها كثيرا وهي اليوم بحمد الله تمتد وتتعزز مكانتها وفق الأهداف والخطط التي وضعتموها ،
وأقول لمناضلي الحركة وإطاراتها إن حركتنا وإن كانت قد تحسن التفكير والتدبير وصناعة الرأي إلا أنها اليوم أمام امتحان جديد من امتحانات مراتب العمل، فمشروعنا لن يكتمل إلا بإنجازه على الارض والواقع ووسط الشعب والمجتمع، وإن الانجاز الأبرك والأدوم هو ذلك الإنجاز الذي نتعاون فيه ونتشارك فيه مع الآخرين، وكم في الجزائر من المخلصين الذين يتطلعون للتعاون معكم من أجل المصلحة العليا للوطن، ولا أعني هنا تيارا بعينه، وإنما أعني التيار الوطني الواسع بكل مكوناته التي تربطنا معهم قيم الاسلام والوطنية والديمقراطية، والعهد بيننا وبينهم أن نقول دائما للمحسن أحسنت وللمسيء إذا أساء أسأت بعيدا عن التطرف والغلو والرغبة في التفرد أو اللامبالاة، لأن الجزائر –أرضا وقيما- أمانة في أعناقنا .
أشكركم على حسن الإصغاء والمتابعة، والله أسأل أن يهدينا ويسدد خطانا إنه على كل شيء قدير.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

اترك تعليقًا