كلمة افتتاح الجامعة الصيفية -الكاليتوس-

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله و على آله وصحبه و من والاه.
ايها الحضور الكريم
القيادة الجماعية لحركة البناء الوطني و مناضلوها و مناصروها و محبوها.
ممثلو الاحزاب و المجتمع المدني
كوادر الاعلام المختلفة الباحثون عن الحقيقة الملتزمون بالنبأ اليقين.
احييكم بتحية الاسلام فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ونتقدم اليكم بالتحية على المجهودات التي تبذلونها في خدمة الدين والوطن، ونرحب بكم في افتتاح الجامعة الصيفية لحركة البناء الوطني، التي تاتي تتويجا لعشرات المخيمات، التي استفاد منها الاف الافراد من ابناء حركة البناء الوطني و مناصريها ومحبيها ؛ والتي تناولت العديد من المواضيع ذات الاهمية تتعلق بمستقبل الجزائر، ومستقبل الامة الاسلامية، التي نتفاعل معها و تتاثر بنا ونتاثر بها ايجابيا.
كما تناولت اعمالكم قضايا تتعلق بالأدوار المنتظرة من حركة البناء الوطني، للمساهمة في تامين الوطن و استقراره، والحفاظ على التماسك الاجتماعي لشعبنا، الذي عاهدناه على خدمة مصالحه الاساسية، ومشاركته افراحه، ونقاسمه معاناته، في ظل هذه الازمة المالية الحادة.
ايها السادة
لقد كانت مخيمات الحركة تعني فئة الشباب، وفئة المرأة، وفئة قواعد الحركة واطاراتها المحلية، لنختم هذه الفعاليات بالمخيم الوطني للطلبة، الذي اختتم اليوم بفضل الله، وستتلوه الجامعة الصيفية لإطارات الحركة القيادية، التي نفتتحها اليوم باذن الله، لتناقش فيها ثلاثة محاور رئيسة: تتعلق بالوطن والامة، كما تناقش مسؤولية الحركة في ظل التحديات الكبيرة في محيطنا المحلي والاقليمي.
ايها السادة
اننا ننتظر خلال الاشهر القادمة موعدا انتخابيا وطنيا هاما، تبنى على نتائجه ملامح الخارطة السياسية المستقبلية للبلاد وهي تعيش ضغوطات ازمة مالية، ستفرض اثقالها على الدخول الاجتماعي القادم بشكل حاد.
وضغوطات محيط ملغم بالارهاب، الذي ذاق الجزائريون مرارة ايامه الحالكة، ويكرهون ان يرونه يتكرر في اي شعب من الشعوب.
وضغوطات التدخل الاجنبي الذي يحصل اليوم في ليبيا الشقيقة، ولا ننتظر من التدخلات الاجنبية الا السوء والاعتداء على الثوابت، ونهب الخيرات، ومصادرة حرية الشعوب، وتكبيل قرارها السياسي، و زرع قنابل الاحقاد بين مكونات الشعب الواحد.
وقد اعلنت حركتكم -بإجماع- مشاركتها في هذه الاستحقاقات تلبية لنداء الجزائر، الذي لا يحتمل من ابنائها ان يتخلوا عن المشاركة في بناء مؤسساتها المستقبلية.
فالتنمية الوطنية، والامن القومي؛ لا يتحقق الا بجدار وطني كنا ننادي به بين الطبقة السياسية والشعب، ونرجوا اليوم ان يتحققا من خلال المساهمة الجماعية في تحقيق ديمقراطية تشاركية، تتجسد في المجالس المنتخبة عبر الصندوق الصادق والشفافية الكاشفة التي تضمن حرية الاختيار الشعبي، وتحقق التعددية السياسية، التي تسودها الروح الرياضية التي هي جوهر الديمقراطية.
ايها السادة
ان تجربة الطبقة السياسية خلال السنوات الاخيرة، عكست وعيا كبيرا في الساحة، وانتجت وضعا جديدا، حافظ على الطابع الجمهوري في البلاد، بالرغم من انه رسم اصطفافات وفق رؤى مستقبلية لدى الاحزاب السياسية و تنوعها، ولدى اصحاب القواسم المشتركة، ونظن اليوم انه يقتضى من الجميع، اغتنام فرصة الاستحقاقات القادمة، لصناعة تنافسية شريفة، تؤمن التعددية والديمقراطية ذات الاثار الايجابية، والتعاون على تامين الانتخابات من اي تلاعب يهدد استقرار المستقبل و تزرع اليأس، فملف التزوير و التلاعب بالاصوات الذي تركه الاحتلال الفرنسي قبل رحيله من الجزائر، الواجب علينا دفنه في مزبلة التاريخ، لانه من مخلفات الاستدمار و ثقافته الاستعمارية العنصرية.
واننا في حركة البناء الوطني ..
• ندعوا المواطن عموما و بالخصوص الشباب المتطلع لخدمة بلاده الى المشاركة الانتخابية الواسعة، التي من خلالها يفرض نفسه على الساحة، ويقود الحراك السياسي نحو الفاعلية في التنمية الجادة والمتنوعة، ليكسر حالة التبعية للمحروقات التي اصبحت علامة واضحة، على فشل الحكومات السابقة في بناء اقتصاد حر وآمن من الهزات لتبقى المحروقات منحة مضافة للتنمية و ليس محنة مكبلة للتنمية تتحكم فيها التبعية.
• ندعوا الحكومة الى المبادرة بإجراءات ثقة سياسة واجتماعية، لصالح المواطن، الذي ادى ما عليه، وينتظر من السلطة ان تكون في مستوى المرحلة القادمة لصناعة حالة من التهدئة السياسية والاجتماعية تشجع المبادرات الجادة.
• ننتظر من وطننا ادوارا عظيمة، تليق بالمركز المحوري للجزائر في المنظومة العربية، والافريقية، والمتوسطية، ولا يمكننا الحديث عن هذه الادوار الا في ظل الصراحة والشفافية، والمساهمة الشعبية، والمشاركة السياسية الفعالة، التي تعطي البلاد حالة من الحصانة في وجه الاجندات المضادة، التي اصبحت سافرة وعنيفة و مدمرة.
• اننا نثمن الدور الذي تلعبه الجزائر في الدفاع عن حقوق الشعوب، ودعم قضايا التحرير، فالجزائر كانت كعبة الاحرار، وعلينا جميعا ابقاءها قبلة التحرر.
وان الدور الجزائري في مرافقة ودعم المسار الديمقراطي في تونس وليبيا، وسط التهديدات والاكراهات؛ ليعبر عن رجولة و صدق القرار الدبلوماسي الجزائري ، ووعي الجزائر بالمصير المشترك لدول وشعوب المغرب العربي، التي يطلب منها الان ان تتقارب اكثر، كقوة اقليمية في ظل تصدع بعض القوى الاقليمية المجاورة.
• ان حركة البناء الوطني لتسجل اعتزازها بوحدة القرار الوطني، رغم المحاولات المتكررة لضرب المرجعيات الوطنية، و محاولة اطراف داخلية وخارجية اللعب على ورقة النميمة السياسية في الجزائر، واستنساخ مشاهد الفرقة والصراعات من المسرحيات السياسية في دول اخرى دخلت الفتن، ولم تستطع الخروج منها و الفتنة نائمة لعن الله من ايقضها كما جاء في الحديث النبوي.
• اننا نتطلع الى رؤى استراتيجية من السلطة في معالجة الملفات الحرجة، و في ايقاف مسلسل التجارب في منظومتنا التربوية، فابناؤنا هم جيل الغد، وآمال المستقبل و على كواهلهم و فتوتهم تنهض الامة، نرفض ان يكونوا فئران تجارب لمسيري المخابر الفاشلة، والمسلوبين حضاريا.
• وان عمالنا قداعطوا البلاد زهرة اعمارهم بذلوا قوة شبابهم في خدمة الوطن فلا يجوز استغلال شبابهم و تضييع شيبتهم، ولا يليق اليوم بالحكومة ان تتجاوزهم في صناعة قوانين تعني مستقبلهم كما تعني الحوار معهم.
فالحكومة ليس لها الحق في حل ازماتها المالية عبر التضحية بحقوق العمال، مهما كانت الظروف والضغوطات، لان الحوار الصادق سيجد الحلول الحكيمة المناسبة، ولا يمكنها ايضا الاستمرار في الرؤية الاحادية لممثلي العمال في ظل نضج التعددية النقابية في البلاد، فقد يوجد في النهر ما لا يوجد في البحر.
• اننا نتطلع الى دور جديد للجالية الجزائرية، والى الاطارات العلمية، والنخب المتميزة التي اثبتت جدارة علمية عالمية والجزائر بحاجة مستمرة اليها ، وان اخفقت الحكومة في دور الاستقطاب للنخب المهاجرة، فان الدولة الجزائرية اكبر من الحكومة.
والمجتمع المدني والطبقة السياسية قادرة على صناعة مبادرات فاعلة باتجاه نخب الجزائر.
واننا ندعو اطارات الحركة الى المبادرة، باتجاه الجالية الجزائرية في المهجر، وفتح المجال لها للمساهمة في تنمية البلاد، والدفاع عن رؤية الجزائر الحضارية في العالم.

ايها السادة
البارحة مرت علينا الذكرى 47 لاول حريق للمسجد الاقصى في 21 اوت 1969 بعد نكسة 67، والذي كان يهدف الى بداية تهديم المسجد الاقصى، وتهويد الحرم المقدسي، بدعم من الاستكبار العالمي، ولا تزال عملية الاقتحامات الصهيونية للحرم الطاهر تتكرر، بل وازدادت خلال السنوات الاخيرة استغلالا لاوضاع العالم العربي المزرية لتحقيق المشروع الصهيوني، ومنذ ذلك الحين والمقاومة الاسلامية مستمرة في مواجهة كل الاعتداءات على الاقصى المبارك .
واذ نثمن جهود الرباط والمرابطين و المرابطات في تعطيل المشروع الصهيوني في الاقصى، فاننا ندعوا السلطة في الجزائر الى القيام بدور اكثر ايجابية في الدفاع عن القدس وفلسطين، ونسجل باعتزاز دور الشعب الجزائري الذي لا يزال يساعد و يعاضد فلسطين ويثبت اهلها.
ونقول بان التهديدات لا تزال مستمرة، فلا بد من رفع وتيرة الدعم لفلسطين التي نعتبرها بوصلة النجاح، وبوصلة الرشد الحضاري في الامة و استكمال استقلالها و بناء وحدتها لاعادة مجدها.

شكرا لكم و ادام الله انسجامكم
بالتوفيق و السداد
و السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

الكاليتوس في 19 ذي القعدة 1437 هـ
الموافق لـ22 اوت 2016 م

اترك تعليقًا