فضل العشر الأوائل من ذي الحجة

فضل العشر الأوائل من ذي الحجة

د. يوسف القرضاوي
أخي المسلم نحن مقبلون على شهر حرام شهر ذي الحجة وهو من الأشهر الحرم وأشهر الحج، وفي أوائل هذا الشهر الكريم عشرة أيام أقسم الله بها في كتابه (والفجر وليال عشر) وهي من أفضل الأيام عند الله والعمل الصالح فيها مضاعف الأجر والمثوبة عند الله، والأشهر الحُرُم مفضلة عند الله سبحانه وتعالى على سائر الأشهر، كما قال تعالى (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حُرُم). والأِشهر الحُرُم المفضلة عند الله هي: ذو القعدة وذو الحجة ومحرم ورجب، قال سبحانه وتعالى (ذلك الدين القيِّم، فلا تظلموا فيهن أنفسكم) وظلم النفس محرم في سائر الشهور ولكن في هذه الأشهر أوجب. فالعشر أيام الأولى من شهر ذو الحجة مفضلة لأنها من الشهر الحرام شهر ذي الحجة ولأن شهر ذي الحجة بالذات اجتمع فيه أمران أنه من أشهر الحج ومن الأشهر الحُرُم، يقول الله سبحانه وتعالى (الحج أشهر معلومات) شوال وذو القعدة وذو الحجة. شوال من أشهر الحج فقط وليس من الأشهر الحُرُم ولكن ذو الحجة اجتمع فيه الأمران هو وذو القعدة أيضاً من الأشهر الحُرُم وأشهر الحج، أيضا هذه الأيام يقع فيها كثير من أعمال الحج، يوم التروية في عشر ذي الحجة ويوم عرفة في عشر ذي الحجة، ويوم الحج الأكبر وهو اليوم العاشر يوم العيد، يوم النحر، هو من عشرة ذي الحجة وأفضل أيام السنة في هذه العشر وهو يوم عرفة فليلة القدر هي أفضل ليالي السنة على الإطلاق ويوم عرفة هو أفضل أيام السنة على الإطلاق، كما أن ليالي العشر من رمضان أفضل الليالي، فأيام العشر من ذي الحجة فيها أفضل الأيام، فهذه بعض فضائل هذه الأيام العظيمة التي صح في الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتنويه بها والبحث على طاعة الله فيها.
والمطلوب من المسلم في أيام عشر ذي الحجة التي فضل الله فيها الأعمال على غيرها، وهذا من فضل الله سبحانه وتعالى ومن رحمته أنه كما جاء في الأحاديث “ألا إن لربكم في دهركم نفحات ألا فتعرضوا لها” الله سبحانه وتعالى ما بين الحين والحين يجعل لنا فرصاً هي مواسم للخيرات، مواسم لأهل الطاعة والتقوى كما أن في الدنيا مواسم ينتهزها أهلها ليضاعفوا فيها النشاط ليكسبوا فيها المزيد من الربح والمال، الله سبحانه وتعالى جعل لأهل الآخرة مواسم أيضاً، شهر رمضان موسم، عشر ذي الحجة موسم، الأشهر الحرم موسم، فهذه بعض مواسم الخيرات التي يتيحها الله سبحانه وتعالى، ومعنى أنها موسم أن الإنسان يحاول أن يزداد فيها من التقرب إلى الله سبحانه وتعالى بعمل الصالحات واجتناب السيئات، فمن الأعمال الصالحة ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه الأيام العشر قال “فاكثروا فيهن من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير” ذكر الله سبحانه وتعالى ولذلك كان الصحابة يذكرون الله في عشر ذي الحجة، يذكرون الله سبحانه وتعالى حتى في الأسواق، حينما يلقى بعضهم بعضاً يكبرون “الله أكبر، الله أكبر” حتى يرتج السوق بالتكبير، أيضاً الصدقة في هذه الأيام يضاعف فيها الثواب، ويستحب صيام التسعة من ذي الحجة، وأوكدها صيام يوم عرفة، لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال “صيام يوم عرفة احتسب على الله تعالى أن يكفر ذنوب سنـتين، سنة قبله وسنة بعده”، أما الحجاج فلا يستحب لهم الصوم في هذا اليوم، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان مفطراً في عرفة وشرب أمام الناس حتى يعلموا أنه مفطر ليكون ذلك أقوى للإنسان على طاعة الله ولا يتعب في هذا اليوم، ومن الأشياء المستحبة في هذه الأيام التواصل بين الناس بعضها وبعض، زيارة المؤمنين بعضهم لبعض، وخصوصاً في العيد.
موقع الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي

اترك تعليقًا