الإسلام يريد اسهام الجميع الأستاذ حشاني زغيدي

تأمل معي :
لأول مرة في التاريخ يفك الاسلام أعقد مسالة في مسار الانسانية يفك صراع الأجيال و الأجناس و الأعراق و القوميات من خلال صناعة قيم جديدة مخالفة للأعراف الموروثة ، تلك القيم البالية الموروثة التي حملت ظلمات و ضلالات الماضي ، يعالجها الإسلام ببناء منظومة قيم جديدة تألفها طبيعة الانسان المكرم و تنسجم مع حاجياته الفطرية . ففطرة الانسان تقبل الإيمان تعشق الجمال و تكره الظلم و ترفض التمييز و تحب البحث و تفضل الحرية و ترفض الاستبداد بكل أشكاله هي فطرة كما خلقها الله سبحانه .
المفاضلة بالتقوى و العمل الصالح :
لعل أعظم توجيه ساقه الاسلام للإنسانية في بيان الحقيقة المحيرة في رسالة حجة الوداع و خطبة الوداع الموجزة ، في كلمات الوجيزة في وقتها . هذه الخطبة ضمنت حقيقة الربوية و العبودية ثم أصلت حقيقة أصل هذا الكائن الكرم و ميزان الفضل ، حتى لا تتعدد الرؤى حول حقيقة الأصل فالأصل واحد ” أيها الناس إن ربكم واحد وإن أباكم واحد كلكم لآدم وآدم من تراب أكرمكم عند الله اتقاكم، وليس لعربي على عجمي فضل إلا بالتقوى – ألا هل بلغت….اللهم فاشهد قالوا نعم – قال فليبلغ الشاهد الغائب « فمن هذا المنطلق لا مفاضلة بين الأعراق و الأنساب فالمفاضلة بالتقوى و العمل الصالح .
مشروع يبنى بسواعد الجميع :
إن مشروع الإسلام في الصدر الأول بني بسواعد جميع الصحابة رضوان الله عليهم ، في تنوع مبهر ، اجتمعت فيه كل الإيرادات الخيرة ، اجتمع فيه عطاء الشيوخ و عطاءات الشباب ، كما احتوى عطاءات المرأة التي شاركت في البناء اسهاما عجيبا فكانت تربية فريدة استوعبت حكمة الشيوخ و حماسة الشباب . فلا نكران لشيبة الشيوخ في التربية و التضحية و الجهاد الحق . فبهذا لا يكون للشباب ضيق بالأباء فإن حق السبق في العطاء هي ضمان للوفاء . و إن هذا الحق لا يمنع الحقوق المكتسبة ، بل على العكس من ذلك فقد أقر الإمام البنا رحمة الله عليه إن للشباب دور هام في صناعة النهضة وفقا لقاعدة التيسير . ” يقول الإمام : ” وتكاد تكون هذه الأركان الأربعة: الايمان، والإخلاص، والحماسة، والعمل من خصائص الشباب. لان أساس الايمان القلب الذكي، وأساس الاخلاص الفؤاد النقي، وأساس الحماسة الشعور القوي، وأساس العمل العزم الفتي، وهذه كلها لا تكون إلا للشباب . ومن هنا كان الشباب قديما و حديثا في كل أمة عماد نهضتها، وفي كل نهضة سر قوتها، وفي كل فكرة حامل رايتها “إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى ” سورة لكهف
قاعدة كل ميسر لما خلق له :
نحسب أن الرسول يعد أغظم من وظف هذه القاعدة في بناء المشروع فقد وظف كل هذه الطاقات كلا حسب الإستعدادات التي يملكها بحسب جدوال التشغيل و المهمات التي يتقنها و يقوى على حملها و السيرة النبوية ملأى بهذه النماذج . و في الحديت إشارة دالة على ذلك عن علي بن أبي طالب قال : كنا مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في بقيع الغرقد في جنازة ، فقال : ” ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار ” . فقالوا : يا رسول الله ، أفلا نتكل ؟ فقال : ” اعملوا ، فكل ميسر لما خلق له ” . قال : ثم قرأ : ( فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى

اترك تعليقًا