نص كلمة الشيخ مصطفى بلمهدي رئيس الحركة في المهرجان الإفتتاحي للملتقى الوطني الرابع على نهج الشيخين

الشيخ مصطفى بلمهدي

كلمة رئيس الحركة الشيخ مصطفى بلمهدي
بسم الله الرحمن الرحيم
نوفمبر المشاركة و المقاومة
ايها الاخوة الكرام
نحمد الله ان تجدد هذا اللقاء و نحن في الذكرى الثانية و الستين للثورة المباركة التي توجت المقاومات الجزائرية.
فرحم الله شهدائنا الابرار الذين خضبوا ارض الجزائر بدمائهم الزكية من اجل ان نحيا ونسعد بالحرية و السيادة الوطنية
وتحية للمجاهدين الابرار و ابناء الشهداء الثابتين على عهد الشهداء وفاء و تحقيقا لامالهم
وتحية للشعب الجزائري الذي وقف مع وطنه في محنته بالامس البعيد والامس القريب و استطاع بمخلصيه اخراجه الى شاطئ الصلح و المصالحة فلقائنا الرابع بعنوان مؤتمر الشيخين من اجل مواصلة بناء الفرد و الاسرة و الحكومة الوطنية حفاظا على الدولة انه وفاء اللاحقين للسابقين.
نجتمع اليوم في ذكرى ثلاثية الابعاد حيث يعكس ذلك اسم مؤتمرنا المرتبط بنداء أول نوفمبر ومشروعه الذي القي الى الشارع فتلقفه الشعب الابي.
ومرتبط بمنهج الشيخ محفوظ نحناح و بالوفاء لتضحيات الشيخ محمد بوسليماني لانهما يستقيان من نفس المنهج.
نحب هنا ان نشير الى ما خلد من اثر المنهج في حياتهما، فلا قيمة لمنهج لا يسري بين الناس ولا يترك الاثر النافع فيهم على القاعدة الذهبية “يمضي الرجال ويبقى النهج و الاثر”.
– ان نداء اول نوفمبر مشروع مجتمع مازلنا نناضل من اجل تثبيته لأنه تعبير يعكس هويتنا العربية، و يدعوا الى وحدة المغرب العربي، ويتنفس عقيدة الامة، و يستمر في دعم القضايا العادلة، وكل القوى الراغبة في السيادة والتحرر.
كما كرس فينا مشروع نوفمبر تناسي الاحقاد و الاستعداد لمد يد الصداقة الى كل صادق.
فمن كان يبغي ودنا فله الكرامة و الرحب
و من كان يبغي ذلنا فله المهانة والعطب
و مازلنا ننافح من اجل مشروع نوفمبر، ونستلهم منه مواجهة ثلاث تحديات ممثلة في الارهاب و الفساد و التغريب، و كلها مشاريع جريمة منظمة، مرتبطة بأجندات خارجية، يقتات منها تجار السلاح، ومصاصي دماء الشعوب احفاد تسعة رهط يفسدون في المدينة ولا يصلحون.
– ان الشيخ محفوظ نحناح هو رمز لدعوة الاصلاح والوطنية الصادقة ومترجم للممارسة الديمقراطية بكل ابعادها، وهو أيضا رمز للتسامح و العفو، والتعاون واللطف، و تقاسم الاعباء، التي هي مكونات منهج المشاركة الايجابية، و تطبيق قول الله تعالى :
” وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ”
سورة المائدة الآية 02
” لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا”
سورة الطلاق الآية 07
وقد كانت مشاركة الشيخ محفوظ نحناح نهجا متميزا في العمل السياسي و الاجتماعي، الذي يرى ضرورة الحفاظ على وحدة و قوة عناصر الدولة الاساسية و ابعادها عن الصراع و التحزيب وهي:
1. الجيش الوطني سليل جيش التحرير والذي يعد مكسبا للامة والشعب والدولة ، واننا في حركة البناء الوطني نعتبر الالتفاف الشعبي والدعم الكامل للجيش في مهامه النبيلة التي استمدها من بيان اول نوفمبر، وجهاده ضد الاستعمار، وكرستها دساتير الجمهورية منذ الاستقلال، هي من أولى مهام الطبقة السياسية و اهتمامها.
2. و منظومة التعليم من المدرسة الى الجامعة والتي يجب ان تحمى من كل المناورات الايدولوجية، وتثبت الثوابت الوطنية المتضمنة أساسا في دستور البلاد، وقوانين الجمهورية.
كما لا يفوتنا التأكيد على أهمية مراعاة الانسجام والتكامل بين التوجه نحو المدارس الخاصة ومكسب المدرسة العمومية.
3. والإدارة التي هي محل رهان في الإصلاح لبناء الثقة بين المواطن والدولة عبر التحلي بوظيفة الخدمة والتواضع، وعدم التعالي وانهاء مرض البيروقراطية الذي ينخر جسم الدولة ومقدراتها.
4. و المساجد باعتبارها فضاء اللقاء المشترك ومواطن التوبة و التصويب ومكان التصالح مع الله و مع الذات ومواجهة التطرف و الافراط و التفريط والتمكين للاعتدال والوسطية.
ايها السادة
ان المشاركة الايجابية منهج المرحلة لانها تعني الاجابة عن احتياجاتنا كأمة وكأوطان وشعوب.
o فالمشاركة تعني التنازل لصالح الوطن وفق مصلحة وطنية واضحة المعالم ومحددة ومتفق عليها
o والمشاركة تعني تمكين الكفاءة للحد من الرداءة “عليم، حفيظ، امين”
o و المشاركة تعني تجاوز العقبات الأيدولوجية لصالح التنمية الشاملة.
o والمشاركة تعني حضور المرأة الايجابي الى جنب الرجل فلا يحلق الطائر الا بجناحين متناغمين.
o المشاركة هي الصد المانع للتهديدات الأمنية والاجتماعية المحيطة بالبلاد.
o المشاركة هي الاطار الجامع للقوى الأساسية من اجل مواجهة الضغوطات. الدولية في هذه المرحلة الحساسة وقاية من التاثيرات السلبية.
o المشاركة عنوان التحول الاقتصادي المنشود وهي أداة تحقيق الرفاهية لمجتمعنا و اعادة التوازن الاجتماعي.
o و المشاركة تعني المستقبل و الامل و تكره التلاوم و الجدل العقيم.
o و المشاركة تعني تعدد مصادر الامة وخروجها من التبعية للنفط او لاي مصدر احادي ترتهن فيه الامة لتبقى في دائرة المنحة و لا تتحول الى نقمة.
o والمشاركة تعني اكتساب قرون الاستشعار التي تتحسس الاخطاء و تتجنبها قبل وقوعها والاستفادة من التجربة ايا كان مصدرها و تقديم النفع العام لكل أبناء المجتمع دون اقصاء او تهميش.
واما الشيخ بوسليماني ايها السادة فهو رمز للمقاومة و رمز للتضحية العزيزة من عالم رباني ووجيه من الوجهاء و سياسي محنك و قائد لألاف الاتباع يسترخص كل ذلك في سبيل كلمة الحق مترجما قول الله تعالى:
” لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ”
سورة المائدة الآية 28
وموصيا بقوة الوحدة من اجل مقاومة الشر و الفساد و العنف بالإيمان و السلمية و العمل والتضحية قربانا على مذبح الوسطية و الاعتدال لنبقى وسطا ايجابيا لا نعتدي و لا نخضع ، ولكن نقاوم و ننفع مستقيمين بين امري رب العزة
و لا تركنوا و لا تعتدوا
فترجمة الاستقامة هي المقاومة التي نشد على يدها في كل مكان و ندعوا امتنا الى ترقيتها انطلاقا من الالتفاف حول المقاومة كخيار استراتيجي ملازم لسلميتنا.
o انها مقاومة للفساد من خلال نشر الوعي الجماعي باخطاره لاجتثاثه من جذوره
o مقاومة للاقصاء والتهميش والراي الواحد من جهة ومقاومة التطرف والغلو والتكفير من جهة ثانية.
o ومقاومة الاجندات الشخصية والفئوية والجهوية و الطائفية التي هي برامج مدمرة للمجتمع وهيبة الدولة والعدالة الاجتماعية مخابرها خارجية ومنافذ تنفيذها داخلية.
o والمقاومة في الحفاظ على سيادتنا في القرار والوحدة الوطنية و الجغرافية الترابية في عالم متغيير تعد من اكثر واجبات الوقت والمرحلة لضمان مستقبل الاجيال.
o والمقاومة عنوان جامع لكل القوى الحية في الامة من اجل تحرير فلسطين ومناهضة التطبيع الذي اصبح توجها مشينا لبعض الاشقاء وهو امر مرفوض وغير مستساغ لدى الغالبية القصوى لشعوب الامة العربية و الاسلامية.
o كما ان المقاومة هي البرنامج الذي به تتحد كل الفصائل الفلسطينية التي نراهن على وطنيتها وصدقيتها في هذا الاتجاه
o والمقاومة هي أيضا رفض لكل الحلول العسكرية في مجتمعاتنا العربية والإسلامية.
ومن هذا الموقع نجدد دعمنا وتثميننا لمواقف الدولة الجزائرية الدبلوماسية في القضايا العربية عموما، ونعتز بها، وندعو الى التعجيل بكل ما يحقن الدماء في سوريا واليمن والعراق و ليبيا.
o ان المقاومة مساهمة في منع الاثم و البغي و الظلم و العدوان و الاستبداد والرشوة و الكذب والنفاق والتواطؤ على الشر و دوس كرامة الناس، و تضييع حقوق الانسان، و الاعتداء على الشعوب الامنة والنفوس المطمئنة.
ايها السادة
اننا في موقف سنوي نستضيف فيه ابناء الجزائر البررة، و ساستها و نخبها المستنيرة الواعية و نساءها ورجالها و شبابها من التاء الى التاء وما بينهما من الولايات لنسجل الاحتفاء بنوفمبر عبر جدار وطني يحمي المبادئ ووحدة الوطن و القيم، ويسعى لتحقيق امال الشهداء الاحياء عند ربهم.
كما نستضيف اشقاء ومناضلين نتقاسم معهم هموم الامة، وقضايا شعوبنا العربية والإسلامية، ونتشارك في الموقف والمصير.
و نحن اليوم امام منعرج كبير تمر به الجزائر بعد اثنين و ستين حولا كان فيها اعوام الرخاء كما كانت فيها سنوات القحط و ليس لاحد علينا من فضل الا الله ثم هذا الشعب الذي احتضن الجزائر و اعطاها كل ما يملك عندما تخلت عنها الديبلوماسية العالمية بلا استثناء و لم يعزينا الا بعض الاصدقاء من اهل الاعتدال و الرؤى المتبصرة، و الايادي البيضاء، من كل تيارات الامة.
و نحن اليوم بين يدي هذا المنعرج الخطير نجدد دعوتنا الى الوحدة و الائتلاف و التحالف لإخراج الجمهورية الجزائرية الثانية من وحل الازمات السياسية و الاقتصادية و من علائق المأساة الوطنية، لعلنا نكتشف شفاء لجرحنا النازف في اليمن والعراق و سوريا و ليبيا، فربما جاء اليوم الذي نسمع فيه نداء الاقصى او نرى فيه آيات الفتح فلا تعطلنا تلك الجروح و قد شفينا منها يومئذ.
ايها السادة
ان انتخابات الجزائر القادمة ستكون بحول الله مميزة و سنعمل على صناعة ذلكم التميز فيها لأنها تأتي في سياق عودة العقل و الوعي الى امتنا بعد وهم الربيع العربي و خساسة الثورات الارهابية المضادة في كل قطر علا فيه صوت شعبه للاختيار الحر.
و تميزنا سيكون ببعث منهج المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية و في المؤسسات القادمة لان ذلك هو ما مات عليه الشيخ نحناح و هو يوصي بالجزائر خيرا و لسنا نرضى ان تجر الحركة الاسلامية في الجزائر الى وهم المعارضة المتطرفة، او مستنقعات العنف، او ارادات الابتزاز و التسلق.
و بالمناسبة ندعوا ايضا الى اعادة بعث المصالحة الوطنية لمواصلة مشوارها و هدفها النبيل التي كانت البارحة لا يقاف السلاح ولايقاف التدمير الذاتي لمؤسسات الدولة، و محاولة احياء النعرات العرقية الطائفية في بلاد القبائل، او المذهبية في غرداية، او الاقليمية في تمنراست واليزي، لان ما جمعته يد الله لا تفرقه يد الشيطان.
ومن هنا نسجل رفضنا المطلق لتلك المحاولات الرامية الى اقامة قواعد عسكرية اجنبية او مرتكزات للتدخل سواء في حدود جنوبنا الشرقية او حدود جنوبنا الغربي
ايها السادة
اننا نامل في انتقال سلس للحكم بين الاجيال جيل المجاهدين و الكثير منهم غادر هذه الحياة، الجيل الذي ادى ما عليه و جيل الاستقلال الذي عليه ان يحذر من تكرار الاخطاء، لكي لا ننقض غزل الجزائر من بعد قوة انكاثا، خصوصا في ضل الانهيار الخطير لأسعار النفط الذي كان منحة ربانية و تحول الى محنة عندما اصبح سلاحا ضدنا بعد ان كان اساسا للنهوض و التنمية قال الله تعالى:
” وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء”
سورة الاعراف الآية 96
ايها الحضور الكريم
لقد جئتم و تحملتم عناء السفر من كل ولايات الوطن وبإمكانيتكم الخاصة، لتثبتوا انكم أوفياء لوطنكم وامتكم، ونحن نثمن جهدكم هذا و تضحيتكم من اجل الجزائر، انكم لا تريدون جاها و لا نفاقا، و انما تسقون بعرقكم اشجار ثوابت الوطن، وتعلمون الاخرين النضال و الوفاء الذي تعلمتموه من امثال مصطفى بن بولعيد، و العقيد لطفي، وزيغود يوسف، ومحمد بلوزداد، وعميروش، وديدوش مراد، ووفاء لرمز الحركة ومؤسسها الشيخ محفوظ نحناح واخيه الشيخ الشهيد محمد بوسليماني ومن سار على دربهم من إخوانهم في وقت التكالب على المناصب، لتحيوا سنن النضال الخالص، والوطنية الصادقة، و تعبرون على وحدتكم، و اخوتكم التي يؤطرها الايثار وسلامة الصدر و التفافكم على منهجكم في الوقت الذي يتنازع فيه الناس على الحطام وتصبرون على الرفق و السلمية وسط دوامة العنف وهيجان الامزجة و تقفون وسطا لا تغريكم المطامع ولا تخيفكم التهديدات .
شكرا لكم و السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
الجزائر في: 27 محرم 1438 هـ

اترك تعليقًا