الشيخ مصطفى بلمهدي يلقي كلمة تأطيرية للندوة تطرق خلالها إلى مستجدات الساحة واستعدادات الحركة للتفاعل معها.
النص الكامل للكلمة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
ايها الحضور الكريم
احييكم بتحية الاسلام تحية الملأ الأعلى يوم الفوز العظيم لاهل الايمان و انتم من اهله بفضل الله فالسلام عليكم ورحمة الله و بركاته.
ونبدأ بالصلاة والسلام على رسول الله ونحن في ربيع الاول شهر المولد النبوي الشريف الذي ندعوا الناس فيه الى نشر سنة الرسول صلى الله عليه وسلم و اعلاء رايته فهو القدوة “لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر”
وان سنة رسول الله
• هي عقيدة وخلق، وقيم ومبادئ، ورسالة وحضارة، ودين ودنيا، تبقى ابد الدهر هي وعاء الخطط والبرامج، والمشاريع و الاعمال.
• و سنته هي رحمة وامن، وعافية وسلم، وحب وتسامح، وتعاون على البر والتقوى، وقول الحق و لوكان مرا، و اقامة الشهادة على الناس.
• و سنته هي عدل وقسط لا محاباة فيه، ولا مجال فيه للتجاوز والمحسوبية، بما يعكس مكانة القانون والمؤسسات، وقيم الامة والشعب.
• و سنته هي اخوة ومحبة في الله بين الناس ، ويقوم عليها الولاء الحق بين افراد المجتمع رجالا ونساء “وكونوا عباد الله اخوانا”
• و سنته هي توحيد ووحدة ،توحيد لله رب العالمين ووحدة بين المؤمنين، والتوحيد عقيدة، والوحدة نظام، والتنازع فشل وذهاب ريح “ولا تنازعوا فتفشلوا و تذهب ريحكم”.
• و سنته هي حقوق مكفولة فكل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه وحريته فلا استعباد ولا استبداد “متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا”
• و سنته هي اهتمام بالمسلمين في كل حال و على كل حال وفي كل مكان، فمن لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم ، والمسلمون يد على من سواهم.
ايها السادة
اننا امام موعد انتخابي نجتمع معا حوله نقلب الرأي فيه، ونجمع وجهات النظر من اجل انجاحه ان شاء الله ، واول النجاح هو الاخلاص لله ثم الاخلاص للجزائر وللشعب الجزائري.
واول النجاح هو قصد تحقيق المصالح العليا لامتنا ، وهو قصد حماية الحريات وتنقية الفعل الانتخابي من التشويه والعبثية التي لحقته في السنوات الفارطة ، وهو قصد بناء تحالفات تحمي الثوابت الوطنية من اي تهديدات، وتحمي الوحدة الوطنية من التقسيم و التفتيت على اساس طائفي وعنصري ومذهبي، وتحمي الثروات من الاطماع، وتحمي السيادة من التلاعبات فقد تأسفنا كثيرا لما مس مقام الجزائر الرفيع، بسبب تزاحم حول القاء الكلمات بين وزراء الحكومة ورجال الاعمال، وكأننا في وضع سوق عكاظ و الكلمات بالفرنسية كأنهم في باريس وليس في وطن ابن باديس.
ايها السادة
ان القصد الذي نريد ان يكون حاضرا في اذهاننا ونحن نخوض هذه الاستحقاقات تعكس جزء منه المناسبات المتعانقة اليوم في هذا التاريخ ونخص منها اربعا وهي:
1. اولا: ذكرى المولد النبوي، لكي نعبر على ان هذه الارض هي ارض الاسلام انصهر فيها العرب و الامازيغ و هي ارض محمد صلى الله عليه وسلم لأنه كما قال الفنان القبائلي عبد الرحمن عزيز رحمه الله يا محمد مبروك عليك والجزائر رجعت ليك” كان ذلك جوابا مسبقا على من قال ” يا محمد خذ حقيبتك”.
فارض الجزائر ارض الاعتدال، لا تقبل بذور الخوارج، ولا بذور التميع، ولا بذور التطرف، والتنطع، ولا تقبل أيضا أن يبقى الإسلام ديكورا، تتزين به صالونات الكبراء والمترفين، لان الإسلام دين العلم والعدل والعمل، وعلى الحكومة ان تضطلع بواجبها، وان تفسح المجال للنخب العلمية للمساهمة في حماية الاعتدال.
2. ثانيا: ذكرى الحادي عشر من ديسمبر، التي خرجت فيها الجماهير الجزائرية تهتف في وجه ديغول “الجزائر مسلمة” بعد ان ارادت اجندات الاستعمار ان تهتف باسم “الجزائر فرنسية او الجزائر جزائرية” لتسلخها من صفة الاسلام.
فنوفمبر قام على الثوابت الوطنية، ومشروع المجتمع يجب ان يستمر في ثوابت نوفمبر وفاء لشهداء نوفمبر و شهداء ديسمبر ووفاء لشهداء 17 اكتوبر ايضا ، تلك الشهادات التي عبرت عن احتضان الشعب لجيش التحرير و تلاحم قوى الوطن في وجه العدوان.
3. ثالثا: ذكرى اليوم العالمي لحقوق الانسان والتي نعتز بها، ونعتز بالتطور الذي تشهده الجزائر في عدم الاعتداء على هذه الحقوق، ولكننا نتأسف لان الحكومة لا تقوم بكل واجباتها تجاه حقوق الانسان، ولذلك لا نزال نطالب بتوسيع دائرة الحرية الاعلامية، وتوسيع دائرة الحق في الاجتماع القانوني بعيدا عن الاكراهات الادارية، والحق في الترشح بعيدا عن عراقيل التضييق التي تمثلها الاجراءات البيروقراطية، والحق في الاستثمار المعاق بالخوف والوهن الاداري والدبلوماسي، والحق في الاختيار الذي اصبح مرهونا في الرعب الشعبي من جريمة التزوير الموروث عن الحقبة الاستعمارية.
4. رابعا: ذكرى الانتفاضة الفلسطينية التي حلت علينا ببركاتها حيث اعادت المبادرة للشعب الفلسطيني بعد ان دخلت العديد من دول النظام العربي المترهلة في التطبيع.
ونحيي بالمناسبة كل دولة بقيت ترفض الارتماء في الوحل الصهيوني ومنها الجزائر التي نفديها بأرواحنا، ونحيي مواقفها اتجاه القضية الفلسطينية ونعتز بها امام العالم ، وندعو الشعوب الاسلامية اليوم واولها الشعب الجزائري الى احتضان المقاومة، لان القدس تتعرض اليوم الى المؤامرة الكبرى، التي لا يقوى الشعب الفلسطيني وحده على مقاومتها، الا بالوحدة والتفاف الامة حوله.
ايها السادة
ان مشاركتنا هي صورة من صور المقاومة لليأس من جهة وللتطرف من جهة ثانية وللفساد من جهة ثالثة.
وان الجزائر مستهدفة من قوى خارجية مختلفة، ولابد لحمايتها بتشكل جدار وطني وقوة مانعة تحصن البلاد والعباد.
ولذلك نسعى الى بناء التحالفات الصادقة التي لا تجمعها المقاعد ولكن تجمعها القيم والمبادئ ، ولا تتوقف عند محطة الانتخابات البرلمانية، ولكن رؤيتها تمتد الى المستقبل، وتعمل مع الاجيال القادمة ان شاء الله، وتتعاون سياسيا مع المخلصين للوطن ،لان تعاون العائلة الوطنية والعائلة الاسلامية هو صمام امان المستقبل ، وقد لمسنا النية الصادقة في هذا التوجه ولذلك نعتبر الانتخابات القادمة فرصة هامة، ولكنها فقط بداية الطريق السليم.
“وهذا صراطي مستقيم فاتبعوه و لا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله”
وان ثقتنا في توفيق الله لنا كبيرة فتوكلوا على الله واعملوا
فاذا صعد الاخلاص ينزل التوفيق و بالله التوفيق
والسلام عليكم و رحمة الله وبركاته
الكاليتوس في: 10 ربيع الاول 1438 هـ
الموافق لـ 10 ديسمبر 2016 م