كلمة رئيس الحركة الشيخ مصطفى بلمهدي في المؤتمر الجهوي للهيئات الانتخابية لولايات الجنوب

كلمة رئيس الحركة الشيخ مصطفى بلمهدي في المؤتمر الجهوي للهيئات الانتخابية لولايات الجنوب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله خاتم الأنبياء والمرسلين المبعوث رحمة للعالمين بالرسالة الانسانية.
ايها الحضور الكريم
احييكم بتحية الإسلام تحية سلم وسلام للعالمين و تحية المؤمنين يوم الفوز العظيم فالسلام عليكم ورحمة الله و بركاته.
ايها الاخوة الكرام:
نلتقي اليوم في ولاية الاغواط بوابة الصحراء، وقلعة بناصر بن شهرة رحمه الله، هذه القلعة التي تستضيف و تحتضن اليوم ابناء ولايات ورقلة، و غرداية، والبيض، و الجلفة، و هيئاتها الانتخابية.
هذه الولايات التي تضم وعاء انتخابيا مليونيا و تشكل مركز ثقل في مستقبل التنمية في الجزائر، و تشكل حصنا من حصون الثوابت الوطنية و حماية الوحدة الوطنية.
أيها الاخوة الكرام:
إن الجزائر في حاجة ماسة الى أنواع من الامن و الاستقرار اشار اليها الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم من :
• قول الله عز و جل:
” الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ”
سورة الأنعام الآية 82
• وقوله تعالى:
” الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ ”
سورة قريش الآية 04
• وقول الله تعالى:
” وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا”
سورة النور الآية 55
وإن الامن مقصد شرعي من مقاصد الشريعة، و هو هدف سياسي تهدف اليه برامج الساسة والأحزاب.
و هو ركن من اركان الدول، فلا دولة بدون أمن، ولا تنمية بدون امن، ولا سياسة بدون امن، و لا انتخابات بدون امن.
ولهذا فان المطلوب في هذه المرحلة أن نبحث معا عن أسباب الامن الحقيقي لجزائرنا الحبيبة وشعبها الذي دفع الثمن غاليا من اجل جزائر آمنة مستقرة يمارس فيها أبناؤها سيادتهم بكرامة، ويعيشون قيمهم بعزة واطمئنان على انفسهم واعراضهم و أموالهم.
و لايتأتى ذلك الا بالرجوع الى الله، و الوقوف في وجه الفساد و الانحراف، لكيلا تذوق هذه البلاد لباس الجوع و الخوف، بسبب ما يصنع أهل الفساد الاقتصادي والسياسي و الاجتماعي.
• فان الفساد الاقتصادي تعكسه منظومة الربا و الرشوة و الاختلاس، و محاولة هيمنة النفوذ المالي على الدولة والشعب
• و الفساد السياسي يعكسه القرار الفاسد، والعلاقات المشبوهة، وتزوير إرادة الشعب، و تمرير القوانين المضرة به، و ضياع الثقة بين مكونات المشهد الوطني
• والفساد الاجتماعي يعكسه ما نراه من انحرافات أخلاقية، و الجريمة المنظمة، والهجرة غير الشرعية، وتجارة المخدرات.
• وفساد الإرهاب الذي روع الآمنين وخالف الدين و شوه قداسة الاسلام وهدر الدماء وازهق النفوس التي حرم الله.
• وفساد العادات التي يقلد فيها بعض شبابنا بلا وعي مما يهدد حالة المجتمع الأخلاقية.
وكل ذلك يجب ان يخيفنا لان الله تعالى قال:
” وَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ”
سورة النحل الآية 112
ايها السادة الافاضل و السيدات الفضليات
لنجعل واحدا من اهدافنا المستقبلية هو الخروج من الازمة، و محاولة تامين الجزائر، وتامين مستقبل الأجيال فيها، وتامين شمال افريقيا، لان الجزائر لها مقام في محيطها، وواجب تجاه امن المنطقة، ونحن جزء من الجزائر، وعلينا كقوى سياسية ان نساهم في مستقبل آمن، لان ذلك شرط لما سواه من احتياجات المستقبل.
صحيح أننا في ازمة نعتبرها ابتلاء من الله بما كسبت ايدي الناس تسببت فيها السياسات الاحادية الفاشلة، و لكننا نقول ما قال الله سبحانه وتعالى:
“وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ”
سورة البقرة الآيات 155-156
فنقول لضرورة الصبر والرجوع الى تلك القيم التي تتعامل بها الامة الراشدة مع الأزمات، وعلى راسها قيم التضامن والتكافل، وتغليب المصلحة العليا، وتفعيل كل مكونات الجزائر، في اتجاه الحل وليس في اتجاه التأزيم.
أيها الاخوة الكرام:
ان رسالتنا الانتخابية هي رسالة امل ومبدأ، لا رسالة كرسي ومنصب، و هي رسالة ثوابت لا مصالح و اطماع، ورسالة وطن وليست مصلحة حزب، ولذلك نتجه معا نحو عمل تشاركي من اجل.
• صناعة مستقبل تصنعه سواعد كل الجزائريين لكل الجزائر بدون اقصاء.
• صناعة مستقبل تقوده الحكمة و الفكر الراشد والتشاور.
• صناعة مستقبل نؤدي فيه واجباتنا؛ لأنها هي حقوق للآخرين، فمن أدى الواجب ضمن لنفسه الحق.
• صناعة مستقبل تكون المرأة فيه شريكة شراكة حقيقية تكاملية.
• صناعة مستقبل بعيدا عن المزايدات السياسية.
• صناعة مستقبل تؤدي فيه منظوماتنا التربوية دورا امنيا وليس تعليميا فقط لان فضاء التعليم أصبح مستهدفا من المافيا المتعددة الأشكال.
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فان هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
• صناعة مستقبل ينتعش فيه الزرع والضرع فان دولا راشدة تؤمن نفسها بالاقتصاد الفلاحي ونحن في ارض الفلاحة يهددنا في كل مرة غياب الحليب من الأسواق.
• صناعة مستقبل يفسح فيه المجال للنخب الجامعية لتقود، لا لتبقى تطالب بالسكن و العمل والراتب.
• صناعة مستقبل تتعدد فيه وجهاتنا الاقتصادية تصديرا و استيرادا.
• صناعة مستقبل يزول فيه مظهر البيروقراطية من البلاد.
• صناعة مستقبل نصنعه بأيدينا عبر الواقعية والموضوعية، وليس عبر الأحلام و الأوهام فقط.
ايها السادة و السيدات
ان أحلام اليوم يجب ان تكون حقائق الغد، ولكن من خلال العمل الذي يرضي الله ويتبع الرسول صل الله عليه وسلم، ويفرح المؤمنين، ونحن اليوم في شهر المولد النبوي الذي جعلته الجزائر منذ 4 سنوات شهرا لنصرة محمد صلى الله عليه وسلم، فلا يكون الاحتفال به مجرد مديح و مفرقعات ولكن يتحول الى انتاج وعمل صالح، فكلمة الرسول صلى الله عليه وسلم قدوتنا ليست شعارا عاطفيا؛ ولكنها مشروع متكامل وبرنامج حياة.
وإن الامن المطلوب في سرب الجزائر، والمعافاة في بدن شعبها، والاكتفاء في قوت ابنائها، يحتاج الى جهود كبيرة وعامة ومتواصلة، وانتم تملكون أدوات المساهمة الجادة في الأمن القومي، لمستقبل البلاد بسبب ثلاثة قضايا:
• أولا: فكرتكم شاملة و معتدلة و واقعية، و متدرجة في أسلوب العمل، وهي فكرة مرتبطة بالله سبحانه وتعالى وتحمل الخير للناس، وتقتات وتتغذى من تضحياتكم وجهودكم المتواصلة، وتعملون من خلالها على الدعوة الى الإصلاح في كل مجال، بما يحقق خير الناس، وارتباطهم المستمر بقيم الإسلام السمحة، وبالاعتدال والوسطية.
• ثانيا: تملكون من التنظيم الذي يقوم على الاسر المنتشرة في كل الولايات، و اللجان المتخصصة، و المكونات المتكاملة للحركة؛ في الشباب و النخب و الرجال و النساء.
هذا التنظيم الذي لم يولد بين عشية و ضحاها، و انما هو نتيجة لمعاناة طويلة، و خبرة متراكمة، استمرت قرابة نصف قرن حتى رسخت في الأرض رسوخ النخيل، و أصبح أصلها ثابت و فرعها في السماء، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها.
• ثالثا: اهتمامكم بأمور الامة كلها، فمن لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم، كما جاء في التوجيه النبوي.
واننا نتقطع حسرة حسرة لما يحدث في حلب بالرغم من ان سوريا اكبر من اختصارها في حلب، ونتقطع حسرة على غزة رغم ان فلسطين اكبر من غزة كانت المقاومة لتحرير اراضي 48 ثم تحولت لتحرير ارض 67 و تحولت اليوم لتحرير الاقصى، وهموم الامة لا تحل بالعواطف، بل لابد من العقل الراجح والعمل الجاد والحضور الفعال للدول، في التقليل من انعكاسات هذه الازمة الحادة، والحرب التي تعمل على هدم الاسلام بمعول التطرف والارهاب، ومعول العمالة والخيانة، ومعول الغرب وراء كل ذلك الذي يبحث عن قرن آخر من الاستعمار الجديد على اساس الامعان في تقسيم الامة الواحدة الى كيانات ضعيفة فقد كان الخليج يسمى بالخليج الاسلامي فتحول بالقومية الى فارسي و عربي، كان واحدا موحدا اصبح مزدوجا.
• رابعا: و تملكون العلاقات الكبيرة، و الصادقة التي تربطكم بمختلف مكونات المشهد السياسي و الاجتماعي و الدعوي، و قدرتكم على التنازل من اجل المصالح العليا على المكاسب و المناصب، و تملكون الالتزام بالوفاء بالعهود مع الشركاء، و هو مايجعلكم اليوم ركنا أساسيا في التحالفات المستقبلية التي ستشهدها البلاد ان شاء الله، لا نقول خلال الانتخابات القادمة، ولكن خلال ربع القرن القادم من عمر الجزائر.
فالجزائر لا يحميها من التحديات الخطيرة التي تهددها الا وقفة ابنائها الصادقين البررة، وهو ما يدعوننا اليوم لتثمين ذلك الدور الكبير للجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير في حماية ارض الجزائر وامنها واستقرارها.
و لكن ايها الاحبة هناك تحديات مذهبية، وتحديات فتن طائفية، وتحديات فتن الهجرة غير الشرعية، و تحديات افكار الاجندات المضادة، والاختراقات السياسية للبلاد، وكل ذلك انما يتطلب وقفة جادة من القوى الوطنية المخلصة، ونشر لثقافة الاعتدال والوسطية، وهذا لا يقوم به الا القاعدة أصحاب الارادة الصلبة تستطيع حمل امانة الجزائر، و لا يتحقق الا بنفع عام يرى الناس خيره في مؤسسات الدولة و المجتمع فيتجسد التعاون على البر و التقوى.
فاستعينوا ايها الاحبة بالصبر و الفهم و الإخلاص، و اثبتوا على منهج الحق و الاعتدال، و تطاوعوا و لا تختلفوا، وتنافسوا في الاعمال الصالحة، ضمن أجواء الأخوة الصادقة بالإيثار و سلامة الصدر، و التجرد من عنائق الأرض نحو غايات السماء، و ثقوا بتوفيق الله، و استمدوا ثقتكم في بعضكم البعض و في شعبكم الصادق
” وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون”
سورة التوبة الآية 105
فالإخلاص طريق لجلب التوفيق و بالله التوفيق
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الاغواط في: 16 ربيع الاول 1438 هـ
الموافق ل: 16 ديسمبر 2016 م

اترك تعليقًا