مستقبل السلام الامريكي

16387412_1278309132261402_5575162674762349084_n
بقلم الأستاذ عبد الحميد بن سالم
الى وقت قريب كان الغرب يواجه فكرا معتدلا ونهضة إسلامية ، تأسست عبر عشرات السنوات وصقلتها الاحداث فانتجت برنامجا متكاملا في الدعوة والاجتماع والسياسة لدى الحركات الاسلامية الوسطية ، وشاركت في الحراك السياسي واستفادت من اجواء الحرية والديمقراطية والتزمت بقوانينها وأدبياتها ، واستطاعت ان تكون بديلا عن التطرف والارهاب والمواجهة التي خلفتها روسيا في الحرب الأفغانية وأمريكا في الحرب على العراق ، البديل النافع والمقبول للأنظمة الديكتاتورية والحركات المتطرفة . وراق هذا المناخ دولا وشعوبا تتوق الى التعايش السلمي ، والتدافع الحضاري بدل الصراع . واتجهت القناعة الغالبة الى تقويض الأنظمة الديكتاتورية .وجاءت تباشير السلام الأمريكي وتعميم القيم المشتركة على العالم العربي بخطب بليغة افتتحها أوباما في بداية عهدته . لكن الأمر انتهى الى غير مابدأ
فالغرب اليوم يواجه حالة مغايرة تماما يدفع اليها اليمين المتطرف ، وهي التنكر لكل تلك القيم ، وتدعيم الديكتاتوريات مجددا والتدخل العسكري السافر.
فوجد نفسه أمام حالة من الإرهاب ، له دولة وعلم وخطة، ساهم في تحضير بيئتها، ولم يبق السلاح في يد الجماعات المتطرفة فقط ،وإنما انتقل الى الحركات الإسلامية التي كانت تدافع عن الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان بالقلم والفكر فأصبح الكثير منها اليوم يدافع عن نفس هذه القيم بالسلاح ،حين انتقل السلاح الى الشعوب ، فأصبح الغرب اليوم يواجه شعوبا مسلحة ومدربة ، ويأتيها السلاح من كل مكان .وانتشرت الكراهية والتمييز الديني والعنصري ، بعنوان كبير هو الإعتداء على المسلمين ومساجدهم .
ولعل السر الكبير في هذا التحول الدراماتيكي الكبير ، ليس في ذكاء الحركات الإسلامية في الاستفادة من اجواء الحرية ووصولها الى مراكز الحكم ،ولا رغبة الغرب في الابقاء على الديكتاتوريات في العالم العربي فحسب وإنما هي أسباب كثيرة منها: :
– أن هذه الحركات تملك مشروعا حضاريا عالميا متكاملا مغريا لن يصمد امامه المشروع الحضاري الغربي ، إذا ما ستطاع امتلاك الوسيلة الإعلامية والنفوذ السياسي والمال الكافي .
– وانها سوف تعمل على تصويب عقيد الجيوش العربية التي عمل الغرب على تغييرها منذ حرب الـ48 من خلال التكوين والتاطير والتدريب . لتعود بولائها الى امتها العربية والاسلامية ، وتعود الى وظيفتها الأساسية في الدفاع عن الارض والعرض والمقدسات.
– ان كل البرامج الغربية مرفقة بخيار استرتيجي آخر ظل يعمل عليه منذ وعد بلفور، وهو الحفاظ على الكيان الصهيوني وامنه واستقراره ، والذي اصطدم بخيار استراتيجي آخر للشعوب وهو اقتلاع هذا الكيان المغتصب وتحرير الأرض والمقدسات.
إضافة الى الإتفاقيات السرية ، والعلاقات المشبوهة التي ستدفع بها قوانين الحرية والشفافية واستقلالية القضاء الى العلن الفضيحة.
مما أدى الى هذا التحول الرهيب ، .والدفع الى تأجيج الوضع في العالم العربي والإيغال في الجروح ووضع كل معارضية في قائمة الارهاب. وأطبق حصاره على قطاع غزة طمعا في انفجار شعبي ، وتسارع في بناء المستوطنات وأصبح حلمه بضم القدس وجعلها عاصمة لهذا الكيان قاب قوسين وأدنى.
فذالك ما نتهى اليه أوباما الذي صفق لخطبه الكثيرا، وما بدا به ترامب من تهديد للسلم العالمي ،وعنجهية في التعامل مع معارضيه وحلفائه التقليديين ، وسط معارضة شديدة ورعب كبير عن مستقبل السلم العالمي ، ودعوات للنأي بخيار المواجهة الذي لن تسلم منه حتى هذه الدول .
وبين هذا وذاك تخرج الشعوب الغربية عن صمتها وكثير من الساسة الغربيين في معارضة هذا التوجه الذي اصبح يهدد استقرارها وحالة الرفاه التي يعيشها ، وبدات الارض في بعض الدول العربية وفلسطين ،تتحرك تحت اقدام هواة القتل وتهتز من أنين الفقراء والمساكين والمهاجرين المشردين، ومن بين ركام البيوت المدمرة ودعاء المؤمنين والمظلومين . ومن الأنفاق التي تعده الكتائب كل يوم لمعركة قادمة حاسمة مع الكيان الصهيوني ، تكون رأس حربتها كتائب القسام وجسمها جيوش الأمة العربية والاسلامية ، والشعوب مهيأة ومسلحة ومدربة تنتظر وعد الاخرة ويوم النصر والتحرير .

اترك تعليقًا