الانتخابات البرلمانية الجزائرية قاعدة لانتقال الحكم

بقلم نائب رئيس الحركة و الوزير السابق الأستاذ عبد القادر بن قرينة
بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله على سيدنا محمد و على اله و صحبه و سلم
الانتخابات البرلمانية الجزائرية قاعدة لانتقال الحكم
انطلقت الحملة الانتخابية البرلمانية بصفة رسمية يوم الأحد 09 أفريل 2017 ، و أفرزت القوائم النهائية المعتمدة من طرف وزارة الداخلية انها تجري بين 940 قائمة ( لائحة ) انتخابية تمثل منها الاحزاب السياسية 840 قائمة و الباقي أحرار، بعدد اجمالي للمترشحين 11334 منه 10209 مترشح حزبي و 1125 مترشح حر ،
تجري المنافسة بين 52 حزب منها فقط 12 حزب الذين تعدوا عتبة التمثيل الوطني لنصف الولايات و 40 حزب المتبقية لم تتمكن من تخطي العتبة في تمثيل نصف ولايات الوطن .
من هذه الاحزاب من إعتمد على رصيده في الانتخابات السابقة و منها من لجأ الى الدخول عن طريق تزكيته بالتوقيعات للناخبين .
و تجرى الانتخابات الجزائرية البرلمانية في ظروف استثنائية جداً وطنيا و على الإقليم و حول العالم
ووسط عزوف شعبي لا نظير له ، بحيث تشهد الساحة استقالة ( جماعية خاصة عند شريحة الشباب ) من أغلب مشاريع السلطة و الطبقة السياسية ، لفقدان المواطن الأمل في التغيير عن طريق الانتخاب :
– نتيجة السطو الممنهج و المتكرر على إرادته من قبل السلطة من جهة ،
و من جهة اخرى من تهميش لممثلي الشعب لحساب خريجي المدرسة العليا للإدارة ( على سبيل المثال اغلب أعضاء الحكومة هم من المنتمين لهذه المدرسة و ليسوا من إرادات شعبية ) ،
– و نتيجة القوانين الناظمة للعملية الانتخابية فالسلطة و منذ تجربة انتخابات 1991 ككل مرة تنتج قانونا لتكريس الأحادية ، و تترك به من الفراغات ما يعطي اليد الطولى للإدارة في تفسير و فعل ما تريد .
– و بالنهاية فبركة النتائج حسب المقاس و نتيجة الولاء و خوفا من الانفتاح من توسيع قاعدة الحكم .
فالانتخابات هذه المرة تاتي ربما كآخر انتخابات تجرى قبل انتقال السلطة بين جيل الثورة و جيل الاستقلال ، حيث ان القدر الإلاهي في ان يقود الجزائر بعد الرئيس بوتفليقة احد رفاقه من جيل الثورة شبه متعذر ، الا اذا كان لمرحلة انتقالية قصيرة جدا ،
من هنا و كون هذه الانتخابات البرلمانية تسبق الرئاسية فهي بالضرورة سوف تصنع شكل قاعدة الحكم للمرحلة القادمة في ظرف استثنائي جداً .
ان العقل و المصلحة و التجارب السابقة و واقع الإقليم ( و ليس بالضرورة منطق السلطة ) يفرض ان تتشكل الخارطة المقبلة بما ينعكس و أحجام الاحزاب السياسية انطلاقا من العائلات السياسية الممثلة لامتدادات شعبية و مرجعيات تاريخية ، بشكل اذا تم احترامه بطريقة مقبولة الى متوسطة ، من شأنه يضمن انتقال سلس للسلطة ، و يدعم الاستقرار الموجود ، و يقوي الجبهة الاجتماعية الهشة ، و يتجاوز لأخطاء الماضي ، و يرسم تقاليد جماعية في حماية المكتسبات ، و يؤدي لتحمل الأعباء المشتركة في وجه التحديات المجتمعية العميقة ، و الأخطار الحقيقية التي تحدق بأمن و استقرار الوطن بعدما ألهبت الإقليم و تحولت أقطاره الى ساحات حرب انهارت فيه مقومات الدولة .
و لتجنب ذلك يتطلب من السلطة ان تبتعد عن تعويم البرلمان كما عومت الساحة السياسية بأحزاب ورقية ليس لها من التمثيل و لا الأيدلوجية ، و لا التقييم للواقع الحالي و لا النظرة المستقبلية ،، سوى ان تنتظر ما تتصدق به السلطة عليها يوم جني الحصاد ، مقابل ان يكون لها نفس الشأن مع عائلة سياسية كبرى توازن السلطة عدديا بها في اي استشارات تحتاجها على مقاسها .
ان العائلات الممثلة للساحة الجزائرية منذ الاستقلال و حتى إبان مخاض ثورة التحرير المباركة و في كل الاستحقاقات الانتخابية الماضية هي نفسها لم تتغير :
العائلة الوطنية الاسلامية
العائلة الاسلامية الوطنية
الحساسية ألأمازيغية الوطنية
و بعيداً عن روح الإقصاء يمكن ان ينضاف اليها التيار العلماني او الديمقراطي و الذي يشتغل الان مستغلا عائلات رئيسية برغبة سلطوية دون ان يكون له اي امتدادات شعبية و لا مجتمعية ،
ان منطق الدولة و مصلحة الوطن و هدف الانتقال السلس للسلطة بين جيلين يحتم على القائمين على الحكم ان يتجاوزوا اخطاء الماضي في احتكار السلطة بحجة الشرعية الثورية و إقصاء كل مكونات المجتمع الاخرى كما حدث عشية الاستقلال ، أو ان يستبدلوا الإرادة الشعبية بجهاز الادارة و خريجي المدرسة العليا للإدارة كقاعدة لممارسة الحكم ، عليهم ان يوسعوا المشورة لغير المستفيدين من السلطة و من الثروة ، لكل غيور ووطني حقيقي حتى وان كان معارضا لهم ، و يسمحوا للمواطن ان يقرر بحرية مقبولة في اختيار ممثليه ، لتتشكل قاعدة لممارسة الحكم و اداء دور المعارضة ضمن منظومة الجماعة الوطنية من شأنه بناء أسس سليمة لجمهورية ثانية من جيل الاستقلال .
و اذا اعتمدنا استطلاعات نتوقع انها قامت بها مؤسسات حية و لو نظريا فإن شكل قاعدة الحكم المستقبلية تكون كالاتي :
العائلة الوطنية الاسلامية تمثلها جبهة التحرير الوطني
العائلة الاسلامية الوطنية يمثلها الاتحاد من اجل النهضة و العدالة و البناء
الحساسية ألأمازيغية الوطنية تمثلها جبهة القوى الاشتراكية في الرتبة الثالثة
مع ديكورات و كتل متوسطة او صغيرة و توابع لهذه العائلات و من الأحرار و اصحاب مال و وجوه قبلية و عشائرية .
ذاك هو المتوقع باي استطلاع نزيه تم !!!! ، أو سوف يتم في انتخابات ترقى للقبول و بنوع من النزاهة المتوسطة او المقبولة ،
سوف تتحمل تلك العائلات مسؤولياتها كاملة و تقف بقوة بوجه اي تلاعبات تمس بمصير البلاد و تطعن في مؤسسات الدولة القائمة او مجازفات من متعجلين نتيجة سراب زائف ، و تدخلات من أيادي اجنبية ، و سوف تكون قاعدة لممارسة الحكم ( سلطة و معارضة ) تضمن الانتقال السلس للسلطة ، و تؤسس لجمهورية ثانية قوامها العدل و المساواة و تقاسم الأعباء .
ان منطق السلطة و منذ سنة 1995، و ما يشير به عليها اصحاب الرأي التقليديين المستفيدين من تواجدهم في دوائر الحكم و من الريع ، خفافيش الظلام ، باسم الوطنية ، و تخوين الغير ، ( اذا لم تتغلب الحكمة ) سوف يدفع باتجاه اعتماد أساليب الماضي و ينتج النظام نفسه دون النظر لحجم المخاطر التي تدق نواقيس خطرها يسمعها حتى أصم الأذنين لتكون قاعدة التعويم و نصف التدوير هي السيدة و تتشكل قاعدة حكم من احزاب غير تمثيلية في ارض الواقع بالشكل الذي يتوقعون منه ضمان تحقيق المنافع على حساب المصالح العليا للوطن . و ان الشكل المحبذ من التقليديين لشكل الحكومة القادمة هو :
جبهة التحرير الوطني ( الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة ) ، التجمع الوطني الديمقراطي ( احمد اويحي ) ، جبهة المستقبل( عزيز بلعيد ) ، تجمع أمل الجزائر ( تاج )( عمر غول ) ، الحركة الشعبية الحزائرية ( عمارة بن يونس ) التحالف الوطني الجمهوري ( بلقاسم ساحلي ) ، حركة الاصلاح الوطني ( على فرضية متوقعة )( فيلالي غويني ) و حركة مجتمع السلم ( على احد الافتراضين و الاحتمالين المبرمجين )( عبدالرزاق مقري )
ان الذي يدفع بهذا الشكل من صنع الخارطة السياسية و يشير بذلك و يستميت بحشد الحجج الواهية لتأسيس قاعدة حكم جديدة ليس له من حظ في تقدير المصالح الوطنية ( دون ان امس بصدق نياته ) سوى استمرار مصالحه و تمثيله الواهي طمعا في تحقيق أماني مستحيلة مهما كان مستوى النفوذ المالي و الإعلامي و الاثني و التواجد في دوائر صنع القرار الذي يستأثر به .

اترك تعليقًا