رمضان وقفة للمراجعة، محطَّة للتَّزوُّد، فرصة لإحداث التَّغيير..

بقلم جمال الدين عماري
من فضل الله وجوده وكرمه علينا أمَّة الإسلام أن جعل لنا محطَّات في الطَّريق كمعالم كُبرى، نتوقَّف عندها من حين لآخر، نُشحن من خلالها بالطَّاقة الَّلازمة لنُكمل سيرنا وكدْحنا إلى الله في أمن وأمان، وفي رضًا واطمئنان. ” يا أيُّها الإنسان إنَّك كادحٌ إلى ربِّك كدحًا فملاقيه.”(آ.6 الانشقاق) ومن رحمته عزَّ وجل أن سخَّر اللَّيل والنَّهار لمن شاء أن يتَّخذ إلى ربِّه سبيلًا، عبْر الوسائل التي شرعها سبحانه، من طاعات وعبادات، منها الفرائض والواجبات، ومنها النَّوافل والمندوبات..
فيا سعد ويا فوز من اغتنم اللَّحظات فتزوَّد! “.. وما تفعلوا من خير يعلمه الله، وتزوَّدوا فإنَّ خير الزَّاد التَّقوى، واتَّقوني يا أولي الألباب.”(آ.197 البقرة) العمر لحظات معدودة وأنفاس محدودة، سرعان ما تنقضي وتزول، والمهيمن باقٍ. مثل هذه المعاني لا ينبغي أن تغيب عن ذهن المؤمن طرفة عين، حتَّى ينأى في رحلة العمر القصيرة عن العبث والضِّياع، وينجو من الغرق والانزلاق وسوء المصير. وكي يتحقَّق ذلك، ونحن نعيش هذه الأجواء الإيمانية الرَّبَّانية، المعطَّرة بأريج من الرُّوحانية العالية، لا بدَّ من الجد والاجتهاد والسَّعي الحثيث للتَّعرُّض لنفحات هذا الشَّهر الفضيل..
1) وقفات للمراجعة.
كل جُهد بشريٍّ يُبذل، بعيدًا عن الاستعانة بالله والتَّوكُّل عليه، والاستمداد منه و الاستقواء به، مآله الخسران، وفي عقيدتنا كلُّ عمل لا يُبدأ ببسم الله فهو أبتر. كما أنَّ التَّراخي والتَّكاسل، وعدم الجديَّة في تقييم المنجزات الفردية والجماعية، سلبية مقيتة وفشل ذريع، مؤداه التَّقهقر والتَّراجع والتَّأخر عن ركوب قطار التَّطوير ولزوم مربع التَّخلف، إلى حين اليقضة والصَّحو وتصحيح المسار، والعمل بالأسباب، والانتباه لسنن الله في الكون وفي الأنفس وفي الآفاق. وعليه فالمقاربات التَّقييميَّة الجادة طريق النَّجاح لمن أراد. فمن يمنعني من وقفة مع الذَّات وتأمل شريط المسار، وتشخيص الوضعية، والخروج بخطة عمل ترفع الطُّموحات والطَّلبات المُلحَّة إلى السَّقف، تحدوها نيَّة صادقة وهمَّة عالية، إرادة قوية ورغبة جامحة من أجل التَّحسين والتَّطوير؟! فما أجمل السَّير نحو القمة دينًا ودنيا! وقفة بعد انقضاء العمل، وإدبار سحابة اليوم، يفتح فيها المرء سجلَّ يومه، ما له وما عليه. يخرج جرَّاء هذه المحاسبة بعزيمة قويَّة ينوي أن يكون غدُه أحسن من يومه، وهكذا.. وقفة عند نهاية الأسبوع، يوم الجمعة مثلًا، فينظر ماذا أنجز وما لم يُنجز، وما ينبغي أن يُستدرك؟ وقفة عند نهاية الثلاثي، والسداسي، وعند نهاية كل سنة.
(يُتبع) جمال.د.عماري.30 ماي 2017/ 4 رمضان 1438 هجري.

اترك تعليقًا