ذكرى هزيمة الـ67
حين تتكرر أسباب الهزيمة
ما أشبه اليوم بالبارحة ، أسباب الهزيمة تتكرر بكامل عناوينها ، فقد كانت العلاقات العربية متوترة والفساد السياسي والاقتصادي مستشري حتى النخاع ، وشهدت الأمة صدمة حدث الإنفصال بين سورية ومصر بعدما عاشت أمل ونشوة الوحدة ،ماسميت حينذاك ب”الجمهورية المتحدة” ، واستنزف الجيش المصري ميزانيته في حرب اليمن ودعم الثورة فيها ، وعاش عبد الناصر ما يعيشه حاكم مصر اليوم من ملاحقة الحركات الإسلامية والحركات المعارضة وهاجس الإخوان المسلمين وإدخالهم السجون وإعدامهم ،وحاولت الدول العربية إنشاء قيادة مشتركة وتم تعيين الفريق علي عامر المصري، كما هو الحال اليوم فيما يسمى بالتحالف العربي، لكن الخلافات العربية عطلت هذه القيادة وعادت الحرب الإعلامية والتراشق ليصبح مادة الصحف والإذاعات . ولم يكن الكيان الصهيوني منزعج إلا من تحركات القيادة الفلسطينية لحركة فتح وتكثيف عملياتها العسكرية، كما هو منزعج اليوم من تهديدات ألوية حماس ،مما جعله يسرع في الحرب ليصنع واقعا جديدا يفرض فيه شروطا جديدة للتسوية ، وكانت الولايات المتحدة تدرك جيدا مدى الضعف العربي ، وتدرك تفاصيل الخطة الإسرائيلية للهجوم ، وكان دورها المهم في الخطة أن ألا تترك مصر تبدأ بالهجوم . وفعلا كان الهجوم الإسرائيلي مباغتا وكانت الطائرات المصرية مصفوفة بجنب بعضها البعض وكأنها مهيأة للتدمير ، وعبر عنها “حسين الشافعي” نائب الرئيس المصري حينذاك بوجود مؤامرة أو خيانة ، ولم تكن بعد ذلك إلا مقاومة محدودة استطاع الجيش الإسرائيلي أن يخترقها فاحتلت إسرائيل كامل فلسطين و سيناء والجولان.
ويتكرر المشهد اليوم أمام تهديدات هذا الكيان باحتلال باقي الضفة وتهويد القدس ، ومحاصرة غزة حتى استسلامها في زعمه، في ظل الأسباب ذاتها التي سببت هزيمة الـ 67 ، وفي ظل انقسام الأمة الإسلامية الذي باعد بين سورية وحضنها العربي ، واستنزاف قواتها في الحروب العربية ،وتصل مصر الدولة العربية المركزية الى حافة الانهيار الاقتصادي والاجتماعي والأخلاقي ،وتزيد من أزمتها تورطها في حروب ضد ليبيا والسودان ، ومازالت حربهم ضد الحركات الإسلامية والمعارضة السياسية على أوجها وهاجس ملاحقة الإخوان وسجنهم ،وجعلهم العدو الأكبر، عوض مشاركتهم والاستعانة بهم في حمل أعباء الدولة كما تحاول بعض الدول العربية والإسلامية ، ولا زال التراشق الإعلامي الصارخ المادة الأساسية في الإعلام العربي . لتجتمع أسباب الهزيمة ، وتفتح الشهية لدولة الكيان الصهيوني بمباركة الولايات المتحدة لمزيد من التحرش على المسجد الأقصى وتهويد القدس ، وحال الدول العربية لا يعيش ضعفا وتفككا فحسب وإنما يشترك في المؤامرة والخيانة ويمولها دون حساب. مقابل وعود كاذبة بالحماية مما يهدد عروشها من التهديدات الخارجية ولا يضيرها من تقسيم الأمة الإسلامية وإضعافها ، ومن التهديدات الداخلية ، ولا يضيرها من سحق المعارضة أيا كان فكرها وتوجهها .
ذكرى هزيمة 67. .. حين تتكرر اسباب الهزيمة بقلم الأستاذ عبد الحميد بن سالم
