هل يشهد خليج حربا جديدة بقلم الأستاذ احمد الدان نائب رئيس الحركة

كانت حرب الخليج الاولى في نهاية السبعينات بين المشروع الفارسي والمشروع العربي اي بين العراق و ايران التي كانت امبراطورية علمانية حليفة لامريكا فلما تحولت الى جمهوريية اسلامية استمرت الحرب عليها تحت عنوان ايقاف المد الشيعي ورفض تصدير الثورة الاسلامية.
وخلال السنوات الاخيرة من العقد الثامن من القرن الماضي كان البابا في الفاتيكان يضع يده على نقطة في الخارطة ويقول هذه النقطة من العالم تقلقني ، ولم تكن تلك النقطة سوى دولة عربية صغيرة الحجم وصغيرة العدد ولكنها كانت كبيرة في دورها في الامة الاسلامية بسبب ثلاث خيارات استراتيجية كانت تتميزبها وهي :
1. احتضان رموز الحركة الاسلامية وخاصة الفلسطينية حيث تأسست حركة حماس وانطلقت المقاومة من جيل الشباب مشعل واخوانه.
2. الدعم الكبير للعمل الخيري في كل العالم وتشجيع طباعة الكتاب الاسلامي و الدعاة في العالم كله باوربا وامريكا واسيا وافريقيا.
3. الوقوف في وجه الحملات التبشيرية في افريقيا ومواجهة المنصرين بأساليب متطورة من المشاريع الدعوية والانسانية المستمرة.
وبعد مدة قليلة ضللت السفيرة الامريكية صدام حسين بموقف بلادها من اجتياح الكويت بقولها ان مشاكلكم هي مشاكل داخلية بالرغم من امريكا كانت حليفة للخليج كله وعلى راسه والسعودية العراق في حربه على ايران والتي لم تنته حتى كانت قوة العراق المادية والعسكرية والمعنوية في اعلى المستويات الاقليمية مما اثار قلقا خليجيا من جهة وقلقا غربيا من جهة اخرى لان تامين البترول اصبح اصعب وامن اسرائيل اصبح مهددا ولان سلاح البترول كانت فيه سوابق خلال الصراع العربي الاسرائيلي.
فلما اجتاحت عساكر العراق وآلياته الكويت عاثت فيها فسادا وقتلا وتشريدا ودمارا واسرا وخلفت ثارات لم تندمل جراحها في الامة الى الان وصدعت روابط النخب والشعوب في الخليج وفي عموم الامة الاسلامية
ولان صدام اطلق مجموعة من الصواريخ على اسرائيل ونقلت الاعلام صور اليهود يركضون الى الملاجيء تعبأت الشعوب في المظاهرات عبر العالم الاسلامي ، وكن اللافت للنظر ان ياسر عرفات كان في خندق صدام حسين مع عموم الفلسطينيين الذين تشكلت بينهم وبين الخليج طبقة عازلة لسنوات طويلة .
وفي الجزائر التي كانت تشهد صعودا للحالة الاسلامية كان علي بلحاج الذي يمثل راس اكبر حزب اسلامي في الجزائر يلبس لباس العسكر ليقود مظاهرة تطالب بفتح الباب اما الجزائريين للجهاد في العراق ليكون ذلك المشهد مقدمة لمشاهد اخرى بعد انقشاع غبار الحرب .
وتشكل حلف دولي تقوده امريكا وتحت قيادتها كانت العشرات من الرايات العربية والاسلامية فضلا عن الاوربية والاسيوية . وحتى غورباتشوف وروسيا التحقوا بحلف امريكا لانهم حين ترددوا اشترت السعودية موقفهم باربعة ملايير دولاركانت روسيا بحاجة اليها في معركة المصالح التي كان الاصطفاف فيها على اسس ليس لها علاقة بالاديولوجيات ، ولذلك لما رفع الطرف العراقي شعار الاسلام مقابل الصليبية افتى العلماء في الخليج بان صدام فاسق ثم افتوا بعد ايام بان صدام قد كفر .
وتداخلت المصالح في هذه الحرب التي رسمت بعدها معالم خارطة سياسية جديدة ظل فيها العراق تحت الحصار اكثر من عشر سنين حتى سقط في الحرب الاهلية وتسلمته ايران .
فهل تتكرر حالة حرب الخليج اليوم بحمق عربي اخر يدخل المنطقة الى الحرب والحرب المضادة ؟
وهل تدمر البنية التحتية للخليج ويهدم العمران الذي تطاول فيه الاعراب ربع قرن؟
وهل تفتح بادي ملوك الخليج تجارات السلاح لينعش الصناعة الغربية ويضم الخليج الى اليمن وليبيا وسوريا في حقبة اعادة اعمار يبعث الشركات الغربية ربع قرن قادم ويعطي فرصة للغاز الصخري المحبوس بفعل انهيار اسعار البترول.؟
ان الخاسر سيكون الشعوب اولا والقضية الفلسطينية ثانيا والمشروع الاسلامي ثالتا لان مثل هذا التوجه سيفتح ايضا مجالا واسعا للتطرف في كل الاتجاهات وينهي مرحلة الاستقرار والهدوء التي شهدتها هذه المنطقة من الامة الاسلامية وتربت فيها الثروات طويلا

اترك تعليقًا