خواطر قرآنية 23 …الحب مركب الدعوة بقلم الأستاذ السعيد نفيسي

الحب مركب الدعوة.
يقلم الشيخ سعيد نفيسي
لادعوة إلا بحب
قال الله تعالى”فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يومنو بهذا الحديث أسفا ” سورة الكهف
لا يمكن للداعية أن ينجح في دعوته إلى الله إلا اذا شغفته حبا ،وغدت كالهواء الذي يتنفسه ،لا تفارقه ،ولا يبغي بها بديلا ،والسبب ،أنه صاحب قلب رحيم شفيق وصورته الراقية هي قلب الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم ،الذي يوجه الله له هذا الخطاب المشفق المبطن بالعتاب عن المبالغة في الحسرة والألم عن القوم المعرضين .
فهذا قلب الرسول صلى الله عليه وسلم يكاد ينفطر،نفسه تكاد تهلك أسفا لنجاح إبليس في جر هؤلاء إلى حضيرته ، وصدهم عن سبيل الله . فما هو مصدر هذا الألم وهذه الحسرة ؟
إنها النتيجة الطبيعية للقلب المحب الذي يحب الناس ،ويتمنى لهم الخير ويحرص على نجاتهم “حريص عليكم” وهي صورة كل داعية فقه سر رسالته ،إنها الحرص على إنقاذ الناس واسعادهم ابتغاء وجه الله تعالى . وهنا نشير إلى نمط غريب من الناس ،ينسب نفسه إلى صف الدعاة إلى الله وباسم هذه الدعوة يسب الناس ،ويتهجم عليهم ، ويستهزئ بهم او يهينهم وييئسهم من رحمة الله الواسعة ، بل ربما لعنهم وكفرهم وقاتلهم وينسى لجهله أن الدعوة إلى الله حب ،ورحمة ، وشفقة ، وحرص على نجاة الناس من مكائد الشيطان .
الدعوة إلى الله ألم دفين يعتصر قلب المؤمن أسفا على إعراض الناس وحسرة على تمردهم على الفطرة ومبارزتهم لله بالمعاصي والكفران
الداعية طبيب القلوب ، يستفرغ جهده في تطهيرها من الذنوب والمعاصي ، وليس جلادا ، يلهب ظهور الناس بالسياط بدعوى الحرص عليهم ، هذا الحرص مبعثه فقه عميق لمعنى الدلالة على الله من خلال تحبيب الخلق للحق وتحبيب الحق للخلق.
ولننظر إلى آداب الأنبياء جميعا وهم يسلكون إلى قلوب العباد كل مسلك سلس ، ويدخلون إلى عقولهم بكل حكمة متيسرة همهم صلاح الناس وليس انتصار ذواتهم . ينتسبون إلى أقوامهم ويحدثونهم بلغتهم ،ويتلطفون معهم ويغرونهم برحمة الله ويخوفونهم عذابه ،ويذكرونهم بآلائه ونعمائه ، ثم يرفعون أكف الضراعة إلى الله :”اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون ”
فأين هذه القلوب الرقيقة الرحيمة والمشفقة ، من قلوب أقوام يلبسون أنفسهم لباس الألوهية من خلال إصدار أحكام التكفير على المسلمين أنفسهم ،ناهيك عن حربهم على الكافرين . إن الذي لا يحب ، لا يصلح للدعوة والذي يسئ الأدب مع الخلق فمن سوء أدبه مع الله .

اترك تعليقًا