بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله تعالى ” ومن الناس من يعبد الله على حرف فان أصابه خير اطمأن به وان أصابته فتنة انقلب على وجهه , خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين ” الآية 11 من سورة الحج
صنف من الناس ما أرى في زماننا الا أنهم أكثر الناس والعياذ بالله ونسأل الله الثبات . وهو صنف (مصلحي) مصلحة عاجلة ربما حقيرة صغيرة بها يرتبط وبها يزن الأشياء من حوله في الحياة حتى يصل به الأمر أن يجعل هذا ميزانه مع الله تعالى وهو يدعي عبوديته له, فهو يظهر عبودية لله ولكن من غير عقيدة راسخة تجعله يتلذذ بهذه العبادة ويحرص عليها ويجعلها على رأس أولوياته لا يتساهل في أمر عبوديته لله تعالى مهما كلفه من ثمن ,ولا يترك هذه العبادة مهما حل به من فتن لأنه ينطلق من منطلق العقيدة الراسخة في الله وقدرته وعظمته وفضله العظيم ,وينتظر الجزاء الأوفى عند الله يوم القيامة ويعلم أن الحياة الدنيا دار امتحان وبلاء لا تستحق أن يجعل تحقيق مآرب النفس فيها في كفة والثبات على العبادة في كفة أخرى بل يرى العبد أن تحقيق معنى العبودية هو الهدف الأسمى له في هذه الحياة الدنيا الفانية .
أما هذا الصنف الذي أشارت اليه هذه الآية فانه يعبد الله وفي نفسه اضطراب وتردد وعدم استقرار على أي وجهة والسبب هو جهله بالله تعالى وبحقيقة الدنيا ما يجعله ينتظر الجزاء في الدنيا بالصورة المادية التي يتصورها في نفسه فان أقبلت الدنيا اطمأن وارتاح وان أدبرت بفتنة وابتلاء تقتضيه طبيعة الحياة الدنيا فانه ينتكس وينقلب على وجهه ساخطا على أقدار الله متأسفا على فوات حظوظ النفس التي كانت تحركه وتدفعه.
ومن يفعل ذلك فهو الخسران المبين خسر الدنيا بهذه الفتنة فيئس واسودت الحياة في قلبه وعينه وخسر الآخرة لأنه أصلا لم يكن يبحث عنها لما اختار لنفسه العاجلة. ولا ينجي من هذه النهاية المخزية الا ايمان بالله يملأ قلب العبد حتى لا يطلب سواه ويستسلم لمراده عزوجل ومعرفة بحقيقة الدنيا الفانية وأنها دار امتحان وبلاء وفتنة وأن الآخرة هي دار القرار.
فيا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ويا مصرف القلوب اصرف قلبي الى طاعتك.
خواطر قرآنية 24 … بقلم الأستاذ السعيد نفيسي
