خواطر قرآنية 26 …للأستاذ السعيد نفيسي

الآية 46/ 47من سورة ابراهيم (وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله إن الله عزيز ذو انتقام).
هذه الآية واسطة و محور سياق قرآني عجيب يبدأ من قوله تعالى (ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون ) الى آخر السورة . ولا نتذوق معناها وتطمئن القلوب لبشائرها الا إذا تليت في إطارها الإيماني القائم على اليقين في قدرة الله وقهره وكبريائه.لأن معركة الدعوة يقوم بها الدعاة الى الله تعبدا وإنفاذا لأمره سبحانه . والذين يحاربونهم إنما يحاربون الله في حقيقة الأمر .
رغم برائة الدعوة من أخطاء البشر وضعفهم . وهذه الآية ترسم سورة لردة الفعل العنيفة الماكرة الخبيثة التي يقوم بها أعداء الدعوة ووكلائهم حين يرونها تشق طريقها الى القلوب فتؤمن بها , أو حين يرونها تقدم بدائلا وحلولا لمشاكل البشرية التعيسة بأنظمة الفساد .فيبدأ المكر السيء ويأخذ صورا عجيبة يجتمع فيها الخبث و الدهاء والخيانة والنذالة وتجاوز لكل القيم والأعراف واستباحة للحرمات والأعراض والأرواح وانتهاك للقيم والمبادئ ,وتعاون وتنسيق بين محاور الشر والفساد واستعمال للإمكانات المادية الهائلة , وشراء للذمم وتبادل للأدوار , وإخراج لمسرحيات , وقصف إعلامي موجه ومركز يهدف الى تشويه الصورة وتزييف الحقائق وإشاعة الفتنة وتسويد التاريخ وشيطنة الدعاة .ومع هذا ترهيب ونشر للرعب وسفك للدماء وتوفير الغطاءات القانونية لذلك …….في سلسلة طويلة من جزئيات تجتمع لتشكل صورة المكر الذي تزول منه الجبال . ومن صور المكر المحتملة في المرحلة القادمة القصد الى تشويه قبلي لصور النجاح القادم للدعوة . فيمكن أن يستهدف الهدف فتخرج الخلافة في صورة كاركاتورية مهينة على شاكلة خلافة (داعش) .
ويمكن أن تستهدف الوسائل وعلى رأسها إسم جماعة الإخوان المسلمين فيتبناها أقوام لا صلة لهم بها فيدافعون عنها ويصنعون لأنفسهم مجدا باسمها في مجموعة من الأقطار ثم يحولنها الى معول هدم لبنيان اسس على التقوى من أول يوم.وقد ظهرت صور التشويه لعدد من القيم والمبادئ كالجهاد والدعوة والوحدة والتضامن والحرية … وإذا وقف الناس أمام صور المكر هذه فقد يصابون بإحباط ويأس وربما تحول الى تبرم فتردد فانزواء فاستسلام فإقرار بالأمر الواقع. لذلك جاء التعقيب القرآني سريعا ليعطي للصراع بعده الأيماني فطمئن نفوس المؤمنين الذين يأوون الى ركن شديد .فيتذكرون أنهم وكلاء أجراء عند الله صاحب الشأن والأمر . والله لا يتخلى عن أوليائه ولا يعجزه أعدائه ولا يتخلف وعده وإن طالت الطريق أو عظمت التضحيات أو كثرت المكائد والدسائس .
لذلك فإن إشاعة شعار (المستقبل لهذا الدين ) يجب أن يكون مصحوبا برسوخ الإيمان وتمام الإستعداد وكمال الثقة في وعد الله لأوليائه .وإننا نقسم غير حانثين أن نصر الله قادم ولن يوقفه تحالف قوى الشر والفساد قاطبة.وتامل اخي معي هذا التبشير القرآني الذي ينزل السكينة على قلوب المؤمنين: (قد مكر الذين من قبلهم فأتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون . ثم يوم القيامة يخزيهم ويقول أين شركائي الذين كنتم تشاقون فيهم قال الذين أوتوا العلم إن الخزي اليوم والسوءعلى الكافرين …)وقوله تعالى (واصبر وما صبرك الا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون .إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون). ( والله غالب على امره ولكن اكثر الناس لا يعلمون) ( الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل)

اترك تعليقًا