خواطر قرآنية 29 …بقلم الأستاذ السعيد نفيسي

الآية 41 من سورة البقرة “تلك أمة قد خلت لها ما كسبت و لكم ما كسبتم، ولا تسئلون عما كانوا يعملون”.
بعض الناس مولعون بكثرة الالتفات الى الوراء، ليس لأخذ الدروس والعبر من الماضي القريب و البعيد، ولكن لإثارة قضايا عفا عنها الزمن ومضى أصحابها الى ربهم، كأنما يريدون ألا تندمل جراح الماضي، وبعضهم يقتات من إثارة تلك الملفات، في الغالب الأعم أن الذي ينكأ كل مرة في تلك الجراح، أقوام إما فاشلون.
أو مأجرون. فالفاشلون العاجزون عن اضافة شيء جديد للحياة، وتشييد الحاضر و المستقبل بالأعمال النبيلة التي يحاسبون عليها فيغطون هذا العجز بالنبش في الماضي واحياء خلافات قديمة والبحث عن مشاجب من أخطاء السابقين ليعلقوا عليها تقصيرهم في اداء الواجبات المنوطة بهم .
وأما المأجورون، فهم مرتزقة ينوبون عن الأعداء بغباء، أو بمقابل عاجل بهدف شغل الأجياال الحاضرة عن رسالتها في الحياة. وهذه الآية تضع الجميع أمام حقيقة شرعية ثابتة، أن الإنسان لا يتحمل وزر من سبقه ولا من يلحقه، لآن تكاليف السماء مهما تعددت فإن الحساب عليها سيكون يوم القيامة فرديا وإن الأمم الغابرة مهما كانت أوزارها فإن الامم الحاضرة بريئة منها، وإن وجب التأمل فيها للعظة، لكن الأجيال اللاحقة لا تتحمل تبعات من سبقها .
إن القلب ليتألم حين يرى المسلمين يحيون خلافات مضت عليها قرون، فينتصر بعضهم لفئة، وبعضهم لاخرى، ويولدون الأحقاد التي قد تصل الى الاقتتال بينهم، ويلعن أقوام آخرين وقد أفضوا الى ربهم من قرون ان ذلك كله يتم على حساب تحمل المسؤولية في أداء واجبات الوقت، فاين هؤلاء من هذه الآية الكريمة؟؟؟

اترك تعليقًا