5 جويلية يوم ان عادت الجزائر …بقلم نائب رئيس الحركة الأستاذ أحمد الدان

في الخامس جويلية عام 1830 احتلت فرنسا الجزائر وكان من اول اعمالها رفع العلم الفرنسي فوق مسجد كتشاوة بعد ان قتل فيه حوالى 4000 مصل وجمعت مصاحفه فاحرقت في ساحة الشهداء ، ثم نهبت خزينة الجزائر التي كان بها الملايين وخزائن الذهب والفضة وكان ذلك معنى من معاني النهب الاقتصادي والاستيلاء الحضاري على البلاد
وفي العام 1962 اختار المجاهدون تأخير اعلان الاستقلال ثلاثة ايام ليكون نفس اليوم الذي دخلت فيه فرنسا الجزائر هو يوم اخراجها من البلاد بعد ثورة التحرير التي كان وقودها مليون ونصف المليون من الشهداء ومقاومة مستمرة لقرن و32 سنة لم تتوقف ذهب ضحيتها قرابة الثلاث ملايين جزائري وتخللها جهاد الزوايا والطرق والقبائل والعروش ثم النخب والساسة وتبلورت في الحركة الوطنية التي كان ابرزها حزب الشعب وجمعية العلماء لتتوج بثورة التحرير التي صهرت كل مكونات الوطن من اجل الاستقلال.
وبعد الاستقلال خطب الشيخ البشير الابراهيمي في كتشاوة خطبة صلاة الجمعة يوم 6 جويلية 1962 ايذانا بعودة المحراب الذي ظل مستورا بالالواح طول فترة الاستعمار حيث كان المسجد كنيسة
ومما جاء في تلك الخطبة التي القيت ارتجالا ثم كتبها الشيخ من حفظه بعد ان عاد من الصلاة كما حدثني الشيخ عبد الرحمن شيبان الذي نقل الشيخ بسيارته الى الصلاة واعاده الى البيت بها رحمهم الله جميعا.
” سجانه تعالى جده، تجلى على بعض عباده بالغضب والسخط فأحال مساجد التوحيد بين أيديهم إلى كنائس للتثليث، وتجلى برحمته ورضاه على آخرين فأحال فيهم كنائس التثليث إلى مساجد للتوحيد، وما ظلم الأولين ولا حابى الآخرين، ولكنها سنته في الكون وآياته في الآفاق يتبعها قوم فيفلحون، ويعرض عنها قوم فيخسرون.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، صدق وعده ونصر عبده وأعزّ جنده، وهزم الأحزاب وحده.وأشهد أن محمدا عبده ورسوله شرع الجهاد في سبيل الله، وقاتل لإعلاء كلمة الله حتى استقام دين الحق في نصابه وأدبر الباطل على كثرة أنصاره وأحزابه وجعل نصر الفئة القليلة على الفئة الكثيرة منوطا بالإيمان والصبر، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وكل متبع لهداه داع بدعوته إلى يوم الدين.
ونستنزل من رحمات الله الصيب وصلواته الزاكية الطيبة لشهدائنا الأبرار ما يكون كفاء لبطولتهم في الدفاع عن شرف الحياة وحرمة الدين وعزة الإسلام وكرامة الإنسان وحقوق الوطن.
وأسأله تعالى للقائمين بشؤون هذه الأمة ألفة تجمع الشمل، ووحدة تبعث القوة ورحمة تضمد الجراح، وتعاونا يثمر المنفعة، وإخلاصا يهون العسير، وتوفيقا ينير السبيل، وتسديدا يقوم الرأي ويثبت الأقدام وحكمة مستمدة من تعاليم الإسلام وروحانية الشرق وأمجاد العرب، وعزيمة تقطع دابر الاستعمار من النفوس، بعد أن قطعت دابره من الأرض.
ونعوذ بالله ونبرأ إليه من كل داع يدعو إلى الفرقة والخلاف، وكل ساع يسعى إلى التفريق والتمزيق وكل ناعق ينعق بالفتنة والفساد.
ونحيي بالعمار والثمار والغيث المدرار هذه القطعة الغالية من أرض الإسلام التي نسميها الجزائر، والتي فيهانبتنا، وعلى حبها ثبتنا، ومن نباتها غذينا وفي سبيلها أوذينا.
أحييك يا مغنى الكمال بواجب وأنفق في أوصافك الغر أوقاتي
يا اتباع محمد عليه السلام هذا هو اليوم الأزهر الأنور وهذا هو اليوم الأغر المحجل، وهذا هو اليوم المشهود في تاريخكم الإسلامي بهذا الشمال، وهذا اليوم هو الغرة اللائحة في وجه ثورتكم المباركة، وهذا هوالتاج المتألق في مفرقها، والصحيفة المذهبة الحواشي والطرز من كتابها.
وهذا المسجد هو حصة الإسلام من مغانم جهادكم، بل هو وديعة التاريخ في ذممكم، أضعتموها بالأمس مقهورين غير معذورين واسترجعتموها اليوم مشكورين غير مكفورين، وهذه بضاعتكم ردت إليكم، أخذها الاستعمار منكم استلابا، وأخذتموها منه غلابا، بل هذا بيت التوحيد عاد إلى التوحيد وعاد التوحيد إليهفالتقيتم جميعا على قدر.
وأما والله لو أن الاستعمار الغاشم أعاده إليكم عفوًا من غير تعب، وفيئة منه إلى الحق من دون نصب، لـما كان لهذا اليوم ما تشهدونه من الروعة والجلال.
يا معشر الجزائريين: إذا عدت الأيام ذوات السمات والغرر في تاريخ الجزائر فسيكون هذا اليوم أوضحها سمة وأطولها غرة وأثبتها تمجيدا، فاعجبوا لتصاريف الأقدار، فلقد كنا نمر على هذه الساحة مطرقين، ونشهد هذا المشهد المحزن منطوين على مضض يصهر الجوانح ويسيل العبرات، كأنّ الأرض تلعننا بما فرطنا في جنب ديننا، وبما أضعنا بما كسبت أيدينا من ميراث أسلافنا، فلا نملك إلا الحوقلة والاسترجاع، ثم نرجع إلى مطالبات قولية هي كل ما نملك في ذلك الوقت، ولكنها نبّهت الأذهان، وسجلت الاغتصاب وبذرت بذور الثورة في النفوس حتى تكلمت البنادق.
يا معشر المؤمنين: إنكم لم تسترجعوا من هذا المسجد سقوفه وأبوابه وحيطانه، ولا فرحتم باسترجاعه فرحة الصبيان ساعة ثم تنقضي، ولكنكم استرجعتم معانيه التي كان يدل عليها المسجد في الإسلام ووظائفه التي كان يؤديها من إقامة شعائر الصلوات والجمع والتلاوة ودروس العلم النافعة على اختلاف أنواعها، من دينيةودنيوية فإنّ المسجد كان يؤدي وظيفة المعهد والمدرسة والجامعة.
أيها المسلمون: إنّ الله ذمّ قوما “وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ” – البقرة 114 -، ومدح قوما “إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ” – التوبة : -18
يا معشر الجزائريين: إن الاستعمار كالشيطان الذي قال فيه نبينا صلى الله عليه وسلم: (إن الشيطان قد يئس أن يعبد في أرضكم هذه، ولكنه رضي أن يطاع فيما دون ذلك)، فهو قد خرج من أرضكم، ولكنه لم يخرج من مصالح أرضكم، ولم يخرج من ألسنتكم، ولم يخرج من قلوب بعضكم، فلا تعاملوه إلا فيما اضطررتم إليه، وما أبيح للضرورة يقدر بقدرها.
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَايُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَفَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ -النور: 55-
أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم وهو الغفور الرحيم.”

اترك تعليقًا