تصريحات وزير الخارجية الامريكية بان الشروط ال13تجاوزها الزمن وان الحصار على قطر يعيق الاعمال العسكرية والمالية الامريكية يعني ان الازمة في قطر بدأت تدخل رواقا جديدا وان القلق الامريكي الذي عبرت عنه الناطقة باسم الخارجية الامريكية يتحول الى فعل بدايته توقيع مذكرة مكافحة الارهاب بين قطر وامريكا وشروع كاتب الدولة الامريكي للخارجية في التواصل مع مكونات الازمة وتأييده للوساطة الكويتية.
لكن لماذا تأخرت الوساطة الامريكية الى اليوم ؟
الاكيد ان الموقف الامريكي لم يكن واحدا ولا موحدا بل كانت تصريحات ترامب ضد قطر واضحة في حين كانت مكونات الادارة الامريكية الاخرى تدعو الى الحوار والحلول التفاوضية وايقاف موجة التصعيد مما اعاق دول الحصار عن السير الى نهاية مخطط الاطاحة بتميم قبل ولي العهد السعودي .
والتصريح الامريكي الاخير بان الحصار بعيق مصالح استراتيجية لامريكا مهم جدا لان التخلي الامربكي على حليف بحجم قطر سوف يلقي بظلال الشك على العلاقات الامريكية مع حلفائها في ظل منافسة روسية على المنطقة اثبتت ان الروس لم يتخلوا عن حلفائهم في سوريا الى درجة الدخول المباشر في الحرب من اجل حماية النظام السوري ومن خلال ذلك حماية المصالح الاستراتيجية للروس في المنطقة كلها.
فالمنافسة الحادة باتت واضحة على ارث امريكا المتصدع وتمثلها حالة تطوير العلاقات الروسية التركية واشارات روسيا المساندة لقطر والتي اقتضت من السعودية صفقة شراء قرابة 4 ملايير دولار اسلحة من روسيا خلال الاسبوع الماضي وقبل الزيارة المنتظرة من سلمان ملك السعودية الى روسيا .
كما تمثلها حالة الاحتضان الكبير الذي قامت به إيران لقطر على المستوى الاقتصادي خلال الفترة القصيرة منذ بدء الحصار مما يعني ان التاخر في العودة الامريكية الى التدخل في عمق الازمة سيصنع تصدعات يصعب رفعها من المشهد والاولى امربكيا منعها قبل الوقوع ولحفظ ماء وجه ترامب جاءت عملية الامضاء بين قطر وامريكا على مذكرة المكافحة المشتركة للإرهاب.
ان ازمة قطر قد تشير الى بداية تراجع الدور الامريكي في العالم كله لأن امريكا تخطيء وغيرها يوظف اخطاءها لصالحه الا ان حالة الرعب والتأله تجاه امريكا منعت العالم القريب منها من رؤية اخطائها لكن الوضع الان يشير الى استطاعة خصومها الاستفادة من تلك الأخطاء التي تضخمت بسبب جشع الرئيس الامريكي لنهب المال والتصريع ببيع العلاقات بالمال وليس مقايضة بالسياسات والمصالح الاستراتيجية لامريكا .
كل ذلك يتضح من الحضور الاوربي المخالف لامريكا في الازمة الخليجية وخاصة الالماني الفرنسي الداعم لقطر والتصريحات الاوربية المنذرة بعواقب وخيمة على السلام والامن العالميين بسبب الرفض الامريكي للالتزام تجاه حماية المناخ والاسراف الامريكي في بيع الأسلحة وتغذية الحروب والتوترات .
ان ترامب الذي اربك الخليج هو ايضا من اربك اوربا عندما طالب الاوربيين بالمال مقابل التزامات امريكا بحماية اوربا ؛ ومنه نقده اللاذع لالمانيا في ملف الحلف الاطلسي واوربا والخليج هما اهم الحدائق الاستراتيجية لتطبيقات الحضارة الامريكية ومخرجاتها في وقت المزاحمة الروسية والصينية التي قد تفتح بابا جديدا لتشكل قطب آخر خارج الاطار الكلاسيكي الذي بنته امريكا منذ قرن ؛ فالقرن الماضي كان قرنا أمريكيا وليس بالضرورة ان يكون هذا القرن لصالح رعاة البقر ولا رعاة الابل والشاة الذين تطاولوا في البنيان.
ان الارباك الحاصل في الموقف الامريكي واشارات تالغدر بالحلفاء الامريكيين ليس في قطر فقط لانه من قبل كان مع صدام حسين كما كان مع الكويت كما كان مع السعودية التي قهرتها الادارة الامريكية السابقة بقانون جاستا والادارة الامريكية الحالية بالابتزاز المالي وهو ما بيحصل مع اوربا التي عبر زعماؤها عن قناعتهم بضرورة اعتماد الاوربيين على ذاتهم بعد تهديدات ترامب وانفصال بريطانيا .
فهل حل اليوم الذي يفرح فيه المؤمنون بنصر الله من خلال هذه التصدعات التب توسع هامش العمل والمقاومة ؟اعتقد ذلك .
لان التصدع في جدار التحالفات الامريكية سواء الاوربية اوالخليجية صاحبته تصريحات المانية مزعجة للكيان الصهيوني وصاحبته ايضا تصريحات الرفض لتصنيف الاخوان المسلمين كجماعة ارهابية وتصاحبه حالة من الافتضاح للانظمة العربية العازل للامة عن دعم المقاومة والداعمة للثورات المضادة للشعوب .
وان حالة الهستيريا في شراء السلاح في منطقة الصراع التي اصطلح عليها بالشرق الأوسط ينذر بتفجر الصراع حيث مصر والسعودية وقكر والامارات وعنان وحتى العراق هي من عذت مصانع الاسلحة في فرنسا وامريكا والمانيا وبريطانيا وروسيا وهولندا والصين وحتى اسبانيا وتركيا اين وصلت ميزانية التسلح الى مئات الملايير من الدولارات وهذا السلاح الموجه الى الشعوب اليوم والى الصراع البيني بين مكونات الامة الاسلامية قد يكون غدا جزء من التعويض عن انهيار الجيوش الكلاسيكية في الامة ونحن في زمن الجيوش الالكترونية وتراجع حروب العساكر لصالح قوة الرمي .
ان الحديث عن تصدعات الجدار الامريكي ليس تبشيرا بسقوط امريكا غدا لان ذلك في عالم الحساب اليشري غير منظور ولكن يهمنا الوعي باللحظة من اجل عودة الشهود الحضاري للامة والذي يظل قرينا لفلسطين وليس ينفعنا سقوط امريكا ونحن ضحفاء لان سقوط حضارة راعي البقر قد يؤذن مع ضعف حضارة الروح لتحكم حضارة الالحاد وعباد البقر ويطيل يوم الانتظار .
ازمة الخليج وتصدعات الجدار الامريكي…بقلم نائب رئيس الحركة الأستاذ أحمد الدان
