العالم العربي و صراع المشاريع …الجزء الخامس من الحلقة الثالثة بقلم نائب رئيس الحركة سيادة الوزير السابق الأستاذ عبد القادر بن قرينة

بِسْم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله على سيدنا محمد و آله و صحبه و سلم

الجزء الخامس
من الحلقة الثالثة :
العالم العربي و صراع المشاريع

ثالثا : المشروع او المحور الروسي

استشعرت روسيا الخطر وقررت استعادة دورها و موقعها كقوة عالمية بلحظة تدخل الحلف الأطلسي خارج إطار الشرعية الدولية بضرب يوغسلافيا تلاها إعلان “انفصال كوسوفو عن صربيا”. و بعد ذلك مباشرة جاء القرار حازما و صارما من الكرملين بتحديد أولويات التحرك للسياسة الخارجية و كذا لمديرية الامن الخارجي في المرحلة القادمة و أعطى التوجيه بان يكون التحرك ضمن خمسة أولويات :

– أولوية القانون الدولي و الذي سابقة خرقه الاولى كانت ضد يوغسلافيا من طرف حلف الناتو .
– أولوية السعي لإعادة التعددية القطبية في العالم .
– أولوية إبعاد روسيا عن العزلة التي دخلت فيها بعد تقسيم الاتحاد السوفياتي ، و تجنب الأزمات مع السعي لكسب الاصدقاء ، بتصفير المشاكل ما أمكن .
– أولوية حماية المواطنين الروس أينما وجدوا .
– أولوية تحديد خارطة لمناطق النفوذ تابعة لها في العالم تدخل ضمن مجالها الحيوي ، وخصوصاً في جمهوريات الاتحاد السوفياتي سابقا و بعض دول الشرق الأوسط ووجوب حمايتها .

لكن مباغتة روسيا بزلزل الربيع العربي و وقوفها موقف المتفرج أفقدها مجالا حيويا لها في ليبيا و حليفا تاريخيا في شمال افريقيا و متربعا على قاعدة جنوبية متوسطية استراتيجية تناطح اوربا و تصنع معها و الجزائر و ايران سياسة استخدام الغاز في المقايضات الاستراتيجية الدولية ،
و كذا محاصرتها بالحلف الاطلسي على حدودها خصوصا في ( اوكرانيا و جورجيا ) ،
كل تلك التهديدات و غيرها التي تستهدف تقويض نفوذها و تستهدف وجودها جعلها تستفيق من سباتها و تسميت من اجل الدفاع عن موقع جيواستراتيجي في سوريا مخافة ان تفقده ، و استباق مخططات الغرب بالتنبيه المستمر من عدم ضرب استقرار الجزائر .
فخسران سوريا في مقاربات روسيا معناه السيطرة الكلية للغرب على مصادر الطاقة و الاستغناء التدريجي على نفطها و غازها و كذا نفط ايران و العراق اذ ان أنابيب النفط و الغاز الخليجي كان بنظرها مخططا لها ان تصل المتوسط عبر سوريا الجديدة نحو اوربا ، و بالتالي سوف يصاب الاقتصاد الروسي بركود و شلل شبه تام و تنهار منظومته الاقتصادية ، فكان لزاما عليها بنضرها تثبيت موقعها في سوريا و بالخصوص بقاعدة طرطوس مهما كلفها من تضحيات و خسائر ، لانه سوف يكون اقل من خسارتها إطلالة على المتوسط على تخوم اوربا و دول حلف الأطلسي ( الناتو ) .
و لا يكون بعيداً على الأذهان ان جزءا من أسباب الموقف المصري تجاه الصراع في سوريا له بعضا من المبررات منها الاستغناء على ممر قناة النيل و غيرها من المصالح التي تقاطعت فيه مع الروسي و الإيراني و اختلفت فيه مع محور الثورة المضادة ( ليس هذا وحده هو السبب ) .

و حيث ان روسيا وريثة الاتحاد السوفياتي المفكك رغم انها غير استعمارية مثل المشروع الغربي ، لا تنسى كيف ان الحركة الاسلامية قاومتها بالسلاح و تحالفت مع الغرب لتفكيك المعسكر الاشتراكي و الاحتراب معها بالوكالة عن امريكا في أفغانستان و الشيشان و البوسنة و الهرسك و بعضا من دول البلقان و مناوشات على أراضيها و تفجيرات ، و هي مثقلة بهذا التاريخ الحديث الا انها بحثت بالساحة العربية فوجدت اغلب نظمها و كذا أغلب الحركات الاسلامية لا يعنيها تحالف و لا حتى لقاء او تحاور معها باستثناء القليل مثل حركة المقاومة الاسلامية حماس ، مما جعلها و من باب تأمين المستقبل و المصلحة تبحث عن شريك في ساحة الأمة ، و لقد وجدته جاهزا في المحور الإيراني و لواحقه لعدة أسباب :
– السبب الاول ان هذا المحور مجرب دوليا في عقد تحالفات حتى مع خصومه ( امريكا ) و وفى بها .
– السبب الثاني : عموم الشيعة في مختلف تواجدهم في الشرق الاوسط و غيرها تسلم بالمرجعية و بنظرية ولاية الفقيه التي يتمتع بها السيد خامنئاي مرشد الثورة ، هو عامل يغري للتحالف مع ايران .
– السبب الثالث : ان كلا من روسيا و ايران وجدتا أنفسهما مستهدفين من تخفيض اسعار النفط من دول الخليج بتعويم السوق زيادة على الطلب .
– السبب الرابع : كلا من روسيا و ايران يعدان خصوما للمشروع و مستهدفين من امريكا .
– السبب الخامس : الجغرافيا لعبت دورها في تأمين حدود الدولتين عن طريق التفاهم و التحالف احيانا .
– السبب الرابع : يلتقيان في مناطق حيوية لأمنهما القومي ، مثل الساحة السورية ، و العراق ، ،،،
و بعد محاولة الانقلاب الأخيرة في تركيا بضؤ اخضر من الحليف الغربي و من قاعدة انجرليك بجنوب تركيا وجد اردوغان نفسه مضطرا لتنويع تفاهماته لتأمين مشروع حزبه من اي استهداف غربي محتمل و قادم ، و سوف تتعزز مخاوفه اكثر بعد أزمة قطر الاخيرة ،
و نظرا لبراغماتية أردوغان سوف يصل مع روسيا لبعض التفاهمات ، خاصة ان المخابرات الروسية كانت لها المنة على أردوغان شخصيا بحيث أبلغته بمحاولة الانقلاب مما أكد عنده معلومات استخباراتية تركية .
و ان ذاك التعاون الروسي التركي سوف يتجاوز التكتيكي الى الاستراتيجي لاسيما في مجال الطاقة والتبادل التجاري والسياحة الدافئة والبوسفور و الحاجة الى أردوغان في إيجاد تسوية سياسية يكون الرئيس بشار او الجيش السوري جزءا منها و الحرب على داعش و لواحقها و اخيرا تأمين لأمن قطر بتقايض سياسة طاقوية خاصة بمجال الغاز روسية إيرانية جزائرية قطرية ، بعيدا عن التفاهمات السابقة مع المملكة السعودية و ابوظبي و غيرها من الملفات ذات الاهتمام المشترك ،،،،
دون ان نغفل نقاط اختلاف في ملفات اخرى عويصة بين الطرفين ،،،،

اترك تعليقًا