بعد أزمة قطر، ما هي خيارات حماس المستقبلية بقلم نائب رئيس الحركة الأستاذ أحمد الدان

بعد ازمة قطر ماهي خيارات حماس المستقبلية ؟؟

عندما انطلقت عملية الحصار على قطر من السعودية وحلفائها كان المبرر هو ان قطر تهدد امن جيرانها في الخليج وانها ترعى الارهاب الذي جعلت دول الحصار حماس والاخوان المسلمين احد مكوناته .
وبالرغم من ان مصر احدى مكونات التحالف ضد قطر والمؤيدة لمقاربة وضع حماس في خانة الارهاب الا انها استقبلت وفدا يراسه يحي السنوار الذي اصبح المسؤول الاول لحماس في قطاع غزة والمعروف بانحيازه الى محور المقاومة وعلى علاقة متينة مع ايران مما يعني ان خطوط الحوار المصرية مع حماس ما زالت مفتوحة وان مصر تتقرب من حماس لتمرير استراتيجيتها في عزل ملف الاخوان المسلمين عن المقاومة الفلسطينية ومحاولة صناعة امر واقع جديد في فلسطين بتفعيل مصالحة بين الفصائل الفلسطينية وفق الرؤية المصرية التي تتحالف مع دحلان وتعمل على ايجاد دور جديد له في القطاع كمقدمة لمرحلة ما بعد محمود عباس وفي السياق كان لقاء وفد المقاومة مع دحلان بالقاهرة والسماح له بدور انساني في غزة يخفف الحصار ويستكمل ملف التعويض لقتلى الازمة الدموية التي اثارها قبل مغادرته.

الاكيد ان حماس اليوم في ازمة التضييق على خياراتها المستقبلية ولكن هل هذا يعني ان خياراتها انتهت لصالح دول الحصار ومشروع الاستسلام والتطبيع ؟

ان حماس تمتلك عوامل متعددة لصناعة خيارات مستقبلية تضمن من خلالها استمرار المقاومة وتستطيع الالتفاف على عناصر الضغط التي تحيط بها من كل جانب .
– صحيح ان ثقل المسؤولية عليها بتحمل ادارة الشان العام في غزة تجعل كاهلها مرهقا بالمطلبية الاجتماعية والاحتياجات الاقتصادية لشعبها المحاصر.
– وصحيح ان معاداة مصر لها وانخراطها في تحالف الحصار يجعل من معبر رفح حبلا تلفه مصر على رقبة حماس من اجل تمرير مشاريعها مقابل فتح المعبر او غلقه .
– وصحيح ان الجروح التي تركها الملف السوري على مستوى سطح العلاقة الاستراتيجية بين ايران وحماس لا تزول بسهولة رغم الوضع الجديد وتغير المعطيات الحاكمة له.
– وصحيح ايضا ان الارتماء في احضان المشروع الايراني له ضريبة ليست سهلة امام الراي العام السني وامام التحالفات الدولية والاقليمية المعادية لايران.
– وصحيح ان خيارالحرب تظل ضريبته باهضة الثمن في هذه الظروف خصوصا على سكان القطاع الذين سيكونون داخل سجن كبير وتحت وابل القصف والحصار المانع للدواء والكهرباء والماء .
– وصحيح ان الذهاب الى المصالحة الوطنية تحت ضغط الحصار هو عامل ضعف للمقاومة امام تغول دحلان وضغط القوى الدولية باتجاه صفقة القرن .
– وصحيح ان تتبع عوامل النصر البشري ليست لصالح المقاومة ولكن المقاومة هي حركة جهادية تحررية تحكمها قواعد النصر والشهادة وهوامش الحرب والهدنة التي يقررها الشرع ولكن ركائزها الايمانية تتمثل في قول الله تبارك و تعالى : “الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم ايمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل قانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء .”

ولكن في عالم الاسباب ماهي خيارات حماس المستقبلية؟

1- ان خيار قطر سيظل خيارا قائما لان قطر طورت علاقتها مع امريكا وامريكا قبل يومين امضت معها مذكرة مكافحة الارهاب ولم تشترط اخراج حماس من قطر ربما لان وجود حماس في قطر هو جزء من سيناريو فتح الباب الخلفي مع المقاومة وابقاء هامش الحوار مستمرا وهو ما يعيدنا الى تصريحات السفير القطري في امريكا مع بداية الحصار حين قال: لقد طلب منا الأمريكيون أن نعمل مع حماس في سياق عملية السلام وذلك لا يعني إننا على نفس الطريق السياسي.
”نحن لا نمول حماس، بل نعمل في غزة في إطار جهود إعادة إعمار القطاع ونبني منازل ومستشفيات بالتنسيق مع الفلسطينيين وإسرائيل ، ومن أجل التوصل إلى السلام يجب أن تكون الخطوة الأولى هي المصالحة في صفوف الفلسطينيين وحماس هي أحد الأطراف الفلسطينية “.
2- خيار الداخل الفلسطيني وهو الخيار الذي بدأ العمل به فعليا من خلال انتخاب رئيس حكومة فلسطين السابق اسماعيل هنية عل راس حركة المقاومة الفلسطينية حماس وعودته الى قطاع غزة ليصبح القرار السياسي والعسكري للمقاومة اكثر تحررا من اي ضغط واسرع في المناورة ويضمن الالتفاف الشعبي الفلسطيني على المقاومة التي تتقاسم معه المعاناة ويزيد من شعبية المقاومة رغم ما يفوت عليها من فرص دبلوماسية ستتكفل بها الاجهزة التقنية والتنفيذية الاخرى لان رصيد حماس القيادي والدبلوماسي يزداد تطورا كل يوم.
وخيار الداخل سيقرب خيارين مكملين له هما :
– خيار المصالحة الوطنية سواء اكانت مع عباس او مع دحلان لانهما وجهان لعملة واحدة وستكون المصالحة لصالح القضية الفلسطينية حتما ولكنها ستفرض تنازلات وتستدعي قواعد الهدنة الى المشهد السياسي.
– خيار الحرب التي تبقى اسبابها حاضرة باستمرار وممكنة في اي وقت وهي درجات ومستويات منها الاستنزاف والاسرى والمعارك المؤقتة ، وقد طورت حماس سلاحها وجاهزيتها وتجربتها القتالية وحربها القادمة ستكون بداية معركة المسجد الاقصى وكما ترهقها الحرب سيكون ارهاق الكيان الصهيوني اشد ارهاقا فقد قال الله تبارك و تعالى : ” ان تكونوا تالمون فانهم يالمون كما تالمون وترجون من الله ما لا يرجون”
3- خيار الانتقال الى محور ايران :
– اما بالشكل المباشر الذي ينقل مقر – القيادة الى ايران ويستفيد الطرفان من الموقف حيث تستفيد المقاومة من الدعم السياسي المباشر ، و ترفع منسوب الدعم العسكري الإيراني الذي لم ينقطع عنها ولكنه يتأرجح تبعا للتطورات السياسية خصوصا بعد الربيع العربي .
وبالمقابل ستستفيد إيران من تصحيح الصورة الذهنية التي صارت سيئة جدا في الراي العام العربي والاسلامي ، وستفتح صدعا في الجدار العربي المعادي لها باعتبارها ستحتضن القضية المركزية في الوقت الذي باعتها مصر ودول الخليج ،كما تسمح لها ايضا بالتوسع في الملف الفلسطيني الذي لا تزال ايران بعيدة عن مستوى توظيفه في استراتيجياتها الاقليمية ويشكل لها عقدة تكبر كل يوم ، ومركب نقص في المنطقة بعد ان استطاعت التحكم في الملفات الحساسة في اليمن وسوريا والعراق ولبنان. .
– واما بالشكل غير المباشر من خلال انتقال حماس الى لبنان حيث تظل لبنان مساحة مفتوحة نسبيا وتحتضن جزء من الشعب الفلسطيني سيشكل حاضنة لقيادة المقاومة وتمددها السياسي وتاثيرها المباشر في الداخل الفلسطيني من موقع الجوار ، وتكون ايران حاضرة في هذا الخيار من خلال حزب الله الذي ستتكئ عليه المقاومة من الناحية الامنية والدعم وسط مكونات المشهد اللبناني المضطربة والحضور السعودي النسبي رغم تراجعه مؤخرا ،اضافة الى التهديدات الصهيونية المباشرة لقيادة المقاومة على الارض اللبنانية .
ومع كل هذه الخيارات فان حماس خاصة والمقاومة عموما والقضية الفلسطينية كلها صارت حالة شعبية في الامة الاسلامية كلها، كما صارت قضية رمزية تتجاوز الدول والاحزاب والانظمة ، وذلك ما يبقي المقاومة كاستراتيجية وخيار وليس كتنظيم وحركة فقط ؛ يبقيها اوسع انتشارا واقدر على تأمين مكوناتها في هذا المنعرج الصعب كلما بقيت مرتبطة بالامة والعقيدة ووفية للمشروع الذي احتضنه الشعب من اجله وصابر معها في كل حروبها واختارها لتمثله سياسيا في الانتخابات الديمقراطية في فلسطين وتشكيل الحكومة الفلسطينية التي انقلب عليها العالم حين اثبت الغرب والعرب رفضهم لخيار االشعب الفلسطيني ليدفعه للالتفاف اكثر حول المقاومة .

اترك تعليقًا