الحديث الكثير عن صفقة القرن هو المقدمة التي اريد لها ان تكون بين يدي الفصل النهائي لمسرحية الشرق الاوسط الجديد التي هي من نوعية المسرحيات الطويلة على نمط المسلسلات الامريكية التي بقيت عشرين سنة حتى كبر ممثلوها.
وكانت فلسطين هي المدار الذي نسجت عليه عقدة المسرحية من اجل تسوية نهائية تنخرط فيها دول الطوق مرغمة .
حيث سوريا تتخبط معارضتها امام حلول احلاها مر والنظام السوري اصبح ىخوا لا يقدر على تحمل اثقال الرفص لاي خيار دولي وبالتالي فالمآل الذي تنتهي اليه سوريا تجاه فلسطين هو مآل سلبي يبعدها عن التاثير في الملف .
ومصر اصبحت رهينة للقرار الخليجي الذي تديره الامارات وتعمل فيه بالوكالة لصالح الكيان الاسرائيلي في ظل الانخراط الكلي لنظام الانقلاب المصري في استراتيجية تسوية القضية الفلسطينية مقابل القبول الدولي ببقائه الذي لا تبرره الاعراف ولا المواثيق ولا القوانين الدولية وقد تكون فلسطين هي المسمار الاخير في نعش نظام الانقلاب الذي سيحاول التخلص من عبء سيناء بضم جزء منها لغزة واشكيل دويلة فلسطينية معزولة عن المقدسات .
ولبنان لم يعد يستطيع التحرك خارج الملف اللبناني بكل مكوناته وصا بعد الانخراط الكلي لحزب الله في الحرب السورية حيث سيصبح جزء من ملف سوريا عند التسويات النهائية بل ان المكونات اللبنانية الاخرى ستكون ظلالا للموقف الخليجي.
والاردن سيشترى منه الموقف باقحامه كجزء من الحل يستفيد من التوسع الجغرافي ويفرض عليه الالتزام بالمعاهدات القديمة وملحقاتها المكرسة لموضوع الوطن البديل والتكفل بالاشراف على المقدسات الاسلامية .
ولعل ازمة الخليج لا تضيف أشياء كثيرة في ملف الشرق الاوسط الجديد تجاه فلسطين مباشرة ولكنها تحاول ترتيب منطقة الخليج واعادة تقسيمها واستنزافها وافراغها من اي دور مستقبلي وربما عزل الحرمين ايضا عن اي دور استراتيجي في مستقبل الامة.
لكن هل تجري الرياح بما تشتهي سفن ترامب واولياؤه ؟؟؟
لا اظن.
لان الحرية هي اساس التغيير والفاعلية .
والدولة العربية التي نشأت على انقاض الخلافة االاسلامية وكانت سببا في سقوطها وحتى الدل الاسلامية والعربية التي نشأت او اعيد تشكيلها بعد اسقاط الخلافة ؛كل تلك الدول انما كانت حكما جبريا استبداديا سواء التي انخرطت في المعسكر الرأسمالي ولكنها لم تاخذ منه الديمقراطية او تلك التي انخرطت في المعسكر الاشتراكي ولم تتعلم منه الا الاستبداد والقهر.
وكان الاستبداد والاحادية في هاته الدول مانعا لفاعلية الشعوب على مدار سبعة عقود واحيانا اكثرمما جعل القرن الغشرين قرنا للهيمنة الغربية والتمكن الاسرائيلي في المنظومة العامة للام سواء السياسية او العسكرية او الاقتصادية بل اصبح اليوم يتجه نحو الصياغة الفكرية والأخلاقية والتربوية لمنظومة الامة خارج قيمها الاصيلة.
لكن حالة التفلت التي صنعتها الثورات المضادة للربيع العربي ادخلت انظمة هذه الدول الى رواق الانهيار واعطت الشعوب جرعة الرفض القوية لمآلات الاوضاع والتخلص من الاستبداد رغم الدمار الكبير الذي لحق مقدرات الامة كلها.
ولان فلسطين انما كانت ضحية الولاءات الخاطئة لانظمة وحكام العرب ولا تزال الى اليوم مثلما نتابع تطورات الازمة الخليجية التي اقحم المسؤولون عنها قضية فلسطين قسرا في ملفها وطالبوا بحصار المقاومة ومحاولة بعث تيار الاستسلام للتمكين للكيان الاسرائيلي بصفقة القرن تحت دخان الحروب وآلام الجراح والتشريد .
ولان المقاومة انما بنيت بإمكانيات مستقلة وبجهود الشباب المقاوم وبدعم شعوب الامة الاسلامية فهي نقيض الخيارات السلطوية ، وخصومها انما هم نموذج مصغر للنظام العربي الآيل للزوال وربائب حكامه.
فان زوال الدولة المركزية للنظام العربي سيسقط الجدر العربية الذي كانت اسرائيل تقاتل الامة من ورائها كما قال الله تبارك وتعالى “لا يقاتلونكم الا من وراء جدر”
وان تلك الحجارة المتناثرة من البنيان المنهار ستكون جزء من الحجارة التي اشار اليها الحديث الشريف “حتى يقول الحجر والشجر” وهناك وعد لايموت ولا يخلف
ولعل حالة التمايز مقدمة اصطفاف جديد تنحاز فيه قوى الامة الى خيار المقاومة لانه سيبقى الخيار الوحيد في ظل دوامة الحروب لان من لم يذد عن حوضه بنفسه سيجد نفسه قتيلا تحت ركام الحرب التي تتوسع رقعتها بشكل غير مفهوم ولكن نهايته تمهد الطريق لانهاء الكيان الاسرائيلي الذي لا يستمر الا بحبل من الناس نراه يتآكل.
ان اضطراب منظومة الخليج مقدمة لانهيارها وانهيار مرجعيتها الدينية والاقتصادية وبذلك تدخل الامة غالبيتها في الحراك الذي يحرر ارادة الشعوب في بناء نظام عربي جديد سيكون حاضنة للمقاومة لانها ستبقى قوة الصمود الاخيرة وسيكون لحركة المقاومة الاسلامية بفلسطين شرف ابقاء الراية الاسلامية مرفوعة رغم صعوبة المنعرج وزيادة منسوب الحصار والتضحيات ، ولعل دخول الاقصى الى ساحة المعركة سيزيد التمايز قوة ووضوحا ويعطي للدور العقائدي في المرحلة القادمة مكانة متقدمة تحيي قوة الايمان والثبات وتخرج الناس من حسابات المادة الضيقة وولاءات الخوف من دوائر المستقبل
قال الله تبارك وتعالى : ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ () فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَىٰ أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ ۚ فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ () وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَٰؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ ۙ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ ۚ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ “