العالم العربي و صراع المشاريع الجزء السادس من الحلقة الثالثة : المحور التركي القطري بقلم نائب رئيس الحركة سيادة الوزير السابق عبد القادر بن قرينة

الحزء السادس

من الحلقة الثالثة :

العالم العربي و صراع المشاريع

المحور التركي القطري
المشروع التركي :
– اتاتورك و ثوابت المشروع التركي

ان أسس الدولة التركية الحديثة وضعها مصطفى كمال اتاتورك سنة 1923 على أنقاض الخلافة العثمانية
و بالتخلص مِنْ ذاك الإرث لبني عثمان و الذي وصفوا به دولتهم على أنها :
دار الإسلام – و مركز الخلافة – و هي بالتالي بنظرهم تجسد فكرة الجامعة الاسلامية بغض النظر على اللغة او الجنس او اللون ،،،،،، .
فجاء مصطفى كمال اتاتورك فبني عقيدة الدولة التركية الحديثة : بإلغاء الخلافة ،واستبدلها بمفهوم الدولة المدنية العصرية ليؤسس لمشروع جديد ركائزه الأساسية :
أولا :
العلمانية بديلا للدين في بناء الدولة التركية و في تنظيم كل مكوناتها و نُظمها ( السياسية ، الاجتماعية ، الثقافية ، التربوية ، التعليمية ،،،،)

ثانيا :
اختيار القومية الطورانية هوية و رمز انتماء للشعب التركي بديلا للموروث الاسلامي الذي عهدوه وقت الخلافة العثمانية .

ثالثا :
اعتبار التغريب سفيرا تلج به تركيا العصرنة و التمدن و التحضر .

رابعا :
التنكر للامتداد الشرقي لتركيا بتكريس الإنتماء لأوربا جغرافيا و حضارة و مصير مشترك .

خامسا :
تصنيف الشرق كعدو و خصم في النظرة الأتاتوركية ، و رمزا للتخلف و الإرث التاريخي الثقيل على الدولة التركية الحديثة .

سادسا : محو كل ما يرمز للثقافة العربية أو الإسلامية ، بما فيها استبدال كتابة التركية من الحروف العربية إلى الحروف اللاتينية ، إلغاء الأذان باللغة العربية و غير ذلك .

و بالفعل بدأت تركيا العلمانية بقيادة مصطفى كمال اتاتورك تجسد تلك العقيدة و المشروع الجديد بما يكافئه من أعمال و مواقف :
– فكانت تركيا أول دولة إسلامية تعترف بدولة اسرائيل سنة 1949.
– و من أجل تثبيت الهوية الأوربية الغربية الجديدة انضمت تركيا رسميا للحلف الأطلسي سنة 1952 ، فكانت بالفعل الحامي للحزام الجنوب شرقي لدول أوربا من الزحف الشيوعي حينها .
كما و ساهمت بوقت نوري سعيد بحلف بغداد سنة 1955 تحقيقا لنفس الهدف .
دون أن نغفل أن تركيا الأتاتوركية صوتت في الأمم المتحدة ضد استقلال الجزائر من الإستعمار الفرنسي حينها سنة 1957 .
كل تلك الأعمال و غيرها أسهمت في ترسيم عقيدة الدولة التركية الحديثة، و رسمت الوجه الجديد لدولة مصطفى كمال اتاتورك فكانت نِعْم الشريك الإستراتيجي للغرب و هي تتربع على موقع جيواستراتيجي مهم جداً للغرب .

الأستاذ نجم الدين اربكان :
ان هذا العنف في ترسيخ قيم العلمانية على الشعب التركي ، لم يمنع تركيا أنها كانت السباقة باعتماد حزب ذا خلفية إسلامية بقيادة الأستاذ نجم الدين اربكان سنة 1970 ( حزب السلامة الوطني ) ، ثم ما إن لبث زعيمه يتقوى حتى ساهم في حكومة ائتلافية مع حزب الشعب الأتاتوركي و بسنة 1974 تولى منصب نائب لرئيس الوزراء .
إن مشاركة هذا الرجل في منظومة الحكم العلمانية فسحت له بعضا من الفرص أحيانا لتغييرات في أجزاء من أساسيات تمس بعقيدة الدولة الأتاتوركية .

ما يمكن ملاحظته أن تركيا طبقت التوجه الأتاتوركي للدولة لمدة ناهزت خمس عقود و بشكل ميكانيكي يغفل نهائيا مرجعيات الشعب التركي و موروثه التاريخي و كذا الثقافي ، إلا أنه و بعد هذه العقود الخمس لاحظنا بعض التغيير في علاقة تركيا بالعالم العربي :
– فإنحازت تركيا إلى الموقف العربي في حرب الأيام الستة سنة 1967 ،
– و نفس الشئ تكرر في الحرب العربية الإسرائيلية سنة 1973 .
– بغض النظر عن إنضمام تركيا الرسمي لمنظمة المؤتمر الإسلامي سنة 69 أو سنة 76 فهي بالفعل حضرت اجتماعات نقاشات تأسيس منظمة المؤتمر الإسلامي من سنة 1969 و ربما توقيع الإنضمام تم فقط سنة 1976 ( أيام الحكومة الائتلافية مع الأستاذ اربكان ) ، فإن هذا بنظر المراقبين كان أول و أهم تغيير حقيقي يمس من عقيدة و ثوابت الدولة الأتاتوركية العلمانية .
– ن انتقادات الغرب و أمريكا و احتجاجهم على تركيا لامتناعها عن التصويت على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بإلغاء مساواة الصهيونية بالعنصرية سنة 1976 ، نتج عنه تحول اخر من بينه فتح ممثلية ديبلوماسية لمنظمة التحرير الفلسطينية بسنة 1979 ، ووصل التوتر بين تركيا و بين اسرائيل بعد إقالة وزير خارجية تركيا في البرلمان بتهمة لا مبالاته بالأوقاف الّإسلامية في القدس ، لحد سحب السفراء لعقد من الزمن عقب انقلاب 1980 و لم تعد لسابق عهدها إلا بنهاية سنة 1991 .
– و بنفس سنة الانقلاب تم رفع التمثيل الديبلوماسي مع منظمة التحرير الفلسطينية لأعلى مراتبه و سمي سفيرا لدى تركيا ممثلا للمنظمة .

– حزب العدالة و التنمية التركي ( اردوغان ) :
هو مشروع لشباب متدين تتلمذ على فكر الإخوان المسلمين على يد المفكر الأستاذ نجم الدين أربكان ثم انفصلوا عليه ليؤسسوا حزب العدالة و التنمية ، ذاك الحزب الذي يشتغل و يقود دولة شعبها مسلم ، على مبادئ اتاتورك العلمانية ،.
وضع قادة الحزب على عاتقهم تحقيق نجاحات و قفزة في شتى المجالات تجعل منهم ظاهرة نجاح يلتف حولها الشعب و تتمترس خلفه لإحداث تغييرات جوهرية في بنية و عقيدة الدولة العلمانية ،
و بالفعل بدأ ظهور مبادئ جديدة لهذا التوجه خاصة بعد تمكن الحزب من الإمساك بالرئاسات الثلاث ( الرئاسة ، الحكومة ، البرلمان ) ،
فلو يعود الباحث لكتاب العمق الاستراتيجي لوزير خارجية اردوغان حينها السيد داوود أوغلو و بعض المقالات التي كان ينشرها يدرك بالفعل أن للحزب نظرة مغايرة تماماً لتوجه الدولة العلماني الاتاتوركي ، و يتلخص ذلك التوجه حسب السيد أوغلو بستة مبادئ أساسية :
– المبدأ الاول :
التوازن السليم بين الحرية و الأمن ، و باعتقاده هو مبدأ أساسي يمكنك من التأثير بمحيطك، و أن أعظم قوة ناعمة تمتلكها تركيا هي الديمقراطية ( لكن ما يمكن ملاحظته أن هذا المبدأ سقط على الأقل بعد محاولة الانقلاب الأخيرة على اردوغان )
– المبدأ الثاني :
تصفير المشكلات مع دول الجوار : و بالفعل نجحت فيه تركيا إلى حد كبير مع سوريا ، و مع ايران بالوثوق بها كوسيط في الملف النووي ، و في رفض تدخل الجيش الامريكي عبر تركيا لإسقاط بغداد ( إلا أن هذا المبدأ رغم نجاحه لم يصمد بعد هبوب رياح ما يعرف بالربيع العربي و خاصة الحرب على سوريا )
– المبدأ الثالث :
التأثير في الأقاليم الداخلية والخارجية لدول الجوار، ويمكننا هنا التحدث عن تأثير تركيا في : البلقان – والشرق الاوسط – والقوقاز – وآسيا الوسطى.
و باعتقاد داود أوغلو أن تلك السياسة لم تنجح مع الشرق الأوسط ، بنفس قدر النجاحات التي حققتها تركيا في القوقاز و البلقان و اسيا الوسطى ، و مرد ذلك في نظره للتاريخ المثقل بين تركيا و الدول العربية ، شعوب تلك الدول تزعم أن تركيا دولة احتلال إبان الحكم العثماني ، و تركيا تزعم أن العرب طعنوهم في الظهر بالتحالف مع البريطاني لإسقاط خلافة بني عثمان .
– المبدأ الرابع :
“السياسة الخارجية المتعددة البعد”، على أن العلاقات مع اللاعبين الدوليين ليست بديلة من بعضها البعض، وإنما متممة لها. وهو مبدأ يسعى لابراز علاقات تركيا الاستراتيجية مع الولايات المتحدة الاميركية في إطار ارتباطها بالحلف الأطلسي ( الناتو) وتحت مفهوم العلاقات الثنائية ، و كذا بملف الانضمام إلى الاتحاد الأوربي ، و العلاقة مع روسيا ، و غيرها كلها علاقات تكامل بالإطار الثنائي و ليست تضاد ،،،،.
– المبدأ الخامس :
الديبلوماسية المتناغمة، إذ عند النظر إلى أداء تركيا الديبلوماسي من زاوية عضويتها في المنظمات الدولية، واستضافتها للمؤتمرات والقمم الدولية ،
فلقد أصبحت عضوا مراقبا في منظمة الوحدة الافريقية سنة . و خلال نفس الفترة وسعت خارطة تواجدها الديبلوماسي بفتح 15 سفارة جديدة بالقارة السمراء .
كما وقعت مع جامعة الدول العربية على اتفاقية خاصة على خلفية اجتماع دول جوار العراق، وذلك خلال الفترة التي تصاعدت فيها الأزمة بين العراق وحزب العمال الكردستاني، حيث قضت الإتفاقية بتأسيس علاقات مؤسسية وتشكيل المنتدى التركي – العربي.
– المبدأ السادس :
أسلوب ديبلوماسي جديد. فلفترة طويلة من التاريخ كانت تركيا في نظر العالم دولة جسرية، ليس لها رسالة سوى أن تكون معبراً بين الأطراف الكبرى. والمقصود من ذلك الدور هو أن تركيا دولة تنقل طرفا إلى طرف آخر دون أن تكون فاعلا بين الطرفين.
ولذا بدت تركيا لدى الشرقي دولة غربية، ولدى الغربي دولة شرقية، ومن ثم كان من الضروري رسم خريطة جديدة لتركيا تجعلها مرشحة لأداء دور مركزي: وأن تكون دولة قادرة على إنتاج الأفكار والحلول في محافل الشرق ومنتدياته، رافعة هويتها الشرقية دون امتعاض، ودولة قادرة على مناقشة مستقبل أوروبا داخل محافل أوروبا ومنتدياتها من خلال نظرتها الأوروبية.

و عندما يتكلم عن سر اهتمام تركيا بالمناطق :
البلقان – القوقاز – و الشرق الأوسط – و أسيا الوسطى
يقول الأستاذ أوغلو ان ذلك كله لأن ارتباط تركيا بهذه المناطق يشبه ارتباط الظفر باللحم،
وهو ما يعد دليلا على عمق وتداخل الروابط التاريخية والجغرافية بين تركيا وهذه المناطق الثلاث. والحقيقة انه إن لم توجه تركيا الأحداث في هذه المناطق الثلاث فإن أطرافا أخرى ستوجهها لمصلحتها، وستكون الأناضول هي المتضررة في النهاية.

ان أغلب المبادئ الذي طرحها حزب العدالة في بناء سياسته الخارجية لو ندقق فيها نجدها متباينة مع أسس الدولة التركية العلمانية :
في النظرة للشرق ، في العلاقة المتعددة الأطراف مع قواسم الدين و الجغرافيا و العرق ، في مفهوم الدولة المركز التي تصنع الأفكار و ليست التي تنقل إلى غيرها رسائل الأفكار ، في رسم منطقة حيوية لأمنها القومي جديدة و شاسعة ( بلقان ، قوقاز ، شرق أوسط ، اسيا الوسطى ) ، في اعتماد موروثها الديني و التاريخي و الثقافي و تجييره لمد جسور مع المنطقة الحيوية ،،،،،،
ان تلك الأفكار التي سجلها السيد أوغلو سوى حققها حزب العدالة التركي أو اخفق في بعضها ، انها لأسس جديدة متباينة لحد التناقض مع أسس الدولة الأتاتوركية العلمانية ،،،،
ان ذاك المشروع باختصار هو إعادة بعث للمشروع العثماني في كثير من توجهاته ،
فهو بالضرورة سوف يعتبر المجال الحيوي للأمن القومي التركي زيادة على المنطقة الجغرافيا الواقية فهو ممتد لكل الساحات التي تتواجد بها القومية التركية ، و بنفس الوقت وجهته شرقية و ليس بالضرورة غربية أو جزء من الإتحاد الاوروبي .

ان كل التقديرات ترجح أن يتحول المشروع التركي في أجل لا يتجاوز عشر سنوات إلى مشروع فوق إقليمي و تحت الكوني ( مثله مثل الروسي و الصيني ) متفوق على الأوروبي بأسره . و كان ذاك هو السبب الرئيس في تنفيذ الإنقلاب الفاشل بالسنة الماضية على اردوغان و حزبه لتعطيل حدوث ذلك .
ان إفشال الانقلاب الأخير على أردوغان ، و ما تبعه من تطهير للمؤسسات و تحويل نمط الحكم من برلماني إلى رئاسي ، و التغييرات الجذرية التي لحقت ببنية الجيش ووظائفه ، و فصل مختلف المؤسسات الأمنية على الجيش و إلحاقها برئاسة الجمهورية ، لهي كلها عوامل تصب ضمن تحقيق هدف كبير يسعى إليه أردوغان : و هو أن يتطابق مشروع الحزب مع مشروع الدولة التركية ، الهدف الذي تحاول أمريكا و أوروبا و بعض القوى الداخلية في تركيا جاهدة لعدم حدوثه .
ان مرونة التعاطي للساسة الأتراك في ساحات كثيرة أعطاهم دورا أساسا في توظيف أوراق قوة لصالحهم ، يصارعوا بها بطريقة غير مباشرة مشاريع أخرى منافسة .
فعلاقتهم الوطيدة مع حركات اسلامية مثل ما هو الحال في ( ليبيا – سوريا – العراق – تونس حركة النهضة – و بدرجة أقل مع إسلامي : كردستان العراق – و مع حماس فلسطين – و بعض القيادات اليمنية بالإصلاح و من القبائل – و بعض الأقطار الأخرى ، وصلت لحد التخادم مع أغلب هذه المكونات ، لا بشكل تحالف سيادي تتبادل فيه المصالح و المنافع بين الطرفين و إنما وصلت لحد التخادم فيه أغلب هؤلاء الإسلاميين لصالح اردوغان .
و بنظرة سريعة أغلب هذه المكونات الإسلامية التي نحن نتكلم عليها ، لم تكن أصيلة بموطنها بل نتيجة القمع و التضييق كانت تعيش بالمهجر ، لذلك فقيم الوطنية ضامرة عندها .
إن تلك العلاقة مكنت مشروع حزب العدالة و التنمية التركي ان يغوص لعمق الساحة العربية كأقوى مؤثر فيه دون غيره .

– المحور التركي القطري :
ان ذاك الرصيد المتين و أوراق القوى التي امتلكها التركي و يتقاسم معها احيانا مع القطري في بعضها ، اذا أضفنا له الإمكانات القطرية : المالية ، الإعلامية ، العلاقاتية ،،، تزيد من صلابة هذا المحور و تعضده و بالتالي تؤهله لأن يتفوق على غيره من المحاور المتصارعة في ساحات الشرق الأوسط عموما .
فتخادم الحركات الإسلامية معه مكنته من الولوج لساحات الأزمات عامة و الاحتراب خصوصا ، و بعض ساحات التنافس الديمقراطي ، و تحقق له بذلك هدف الوجهة الشرقية للمشروع .
العلاقة مع القبائل و الحركة الإسلامية باليمن جعلته موجودا على تخوم المملكة السعودية و ضاغطا عليها .
– مبدأ الديبلوماسية المتناغمة في تركيا و التوافق والانسجام بين الاستراتيجية الكبرى للدولة والاستراتيجيات الصغيرة للشركات والأفراد والمؤسسات ومؤسسات المجتمع المدني و كذا الصوفي ، مكنت المشروع من فضاءات متنوعة بعدد من المناطق و الساحات ، و المجاميع ، ليلعب دور المكمل للدولة و ديبلوماسيتها .
– النورسية و النقشبندية التركية و بعض الطرق الصوفية المتناغمة هي كذلك مع المشروع يسرت له تسويق سياساته و أهدافه و حضوره في عدد من الساحات العربية و الإفريقية .
– أزمة الخليج الأخيرة و تسريع الإتفاق العسكري مع القطري أدخله لعمق الأمن الخليجي و أصبح فاعلا فيه .
– ان قوة شبكة الجزيرة و تأثيرها و نفوذها شبه المطلق ، تمكن المحور من تسويق رؤاه و مقارباته و تنصيع صورته ، و كذا تشويه صورة الخصم ، و تشكيل قناعات و تحقيق مصالح كبرى للمحور التركي القطري .
– استقبال تركيا لأعداد كبيرة جداً من اللاجئين العرب الفارين من الحروب بدولهم و خاصة السوريين منهم ، انه لسلاح تستعمله تركيا ضد الجانب الأوروبي للضغط عليه بما يزعزع أمنه و ابتزاز مواقف و قرارات منه لصالح المحور ، كما و أن هذا العدد الهائل من النازحين السوريين و نتيجة حسن الجوار التي وجدوها في عمومهم من الجانب التركي ، بعد سوريا مستقرة سوف تكون قوة شعبية و قاعدة مناصرة لتركيا و سياساتها و معها المحور ككل .
– احتياطي الصرف الكبير لإمارة قطر ، و استثماراتها الضخمة المنتشرة حول العالم ، و الوجهة الممتازة للاستثمار بالإمارة في البنى التحتية لتحضير كأس العالم ، و بمجال الطاقة ، و غيرها ، انها لفرصة يستثمرها هذا المحور لمقايضة المواقف بالمصالح التي تجنيها دول تعطى لها الأولوية في تلك الاستثمارات .
– تصنيف قطر كأكبر مصدر للغاز حول العالم يؤهل المحور التركي القطري للتحكم في جزء من سوق الطاقة بالعالم الأمر الذي يؤثر في قرارات و في مواقف ، و يؤثر كذاك في اداءات متوقعة من محاور مخالفة لهذا المحور .

نقاط ضعف تواجه المحور :
– بالقدر الذي استطاع هذا المحور أن يلج به بعض الساحات العربية بتخادم الإسلاميون معه و أصبح مؤثرا فيها ، إلا أنه صنع عداوات ليست بالهينة بنفس الساحات مع نخب و أجزاء من شعوب هذه الساحات و التي تعارض تدخلاتها .
– استطاع هذا المحور أن يعقد تفاهمات مع المحور السعودي المصري الإماراتي ضد الايراني في ساحات العراق و سوريا و توطد هذا التفاهم بعد فشل الانقلاب على اردوغان سمح هذا التفاهم بتخفيف العبء عليهما في العراق و سوريا ، إلا أن هذه الأزمة الأخيرة مع قطر فكت الارتباط مع السعودي الإماراتي ، من شأنه أن يتصدى في تلك الساحات منفردا بل متناقضين مع بعضهما أحيانا .
ان الخلاف مع السعودي سوف :
– يلهب الساحة الليبية بحرب بين المحورين سوف يستنزف المحور التركي القطري ، الامر الذي يعطل او يقلل بعض اداءات هذا المحور في ساحات اخرى ذات أولوية .
– تسارع انفصال المشروع الكردي على حدود تركيا ، بدعم من ابوظبي و بعيداً عن رضى السعودية ، سوف يؤدي لتأسيس قاعدة لتدريب مسلحي حزب العمال الكردستاني، وإطلاق عملياتهم ضدها من الشمال السوري إضافة لشمال العراق والداخل التركي، وهو تحدٍّ كبير للأمن القومي التركي.
– ان المحور التركي القطري سوف يجد نفسه مضطرا لإيجاد تفاهمات مع الايراني لتخفيف التوتر في ساحات سوريا و العراق و ملف الأكراد ، الأمر الذي يصعب عليه إقناع كثيرا من مكونات الإسلاميين الذين يتخادموا معه نتيجة الشحن الطائفي ضد ايران .
– توتر العلاقة مع الناتو و أمريكا و بعض دول أوروبا خاصة بعد الانقلاب الأخير يضعف من قوة هذا المحور الأمر الذي يترك ظهر اردوغان عاريا و متربص به بأي وقت .
– أزمة اللاجئين السوريين و العراقيين و غيرهما ، يؤثر سلبا على ساحة تركيا أمنيا في أي اختراقات متوقعة ، كما و يزيد من ثقل الفاتورة الإجتماعية على الدولة ، و كذا على حياة المواطنين الأتراك بارتفاع مستوى المعيشة عندهم ، من شأنه الدفع بتململ شعبي يؤثر على شعبية حزب العدالة ببعض المناطق .
– ان مشروع الممر الكردي في سوريا و عملية درع الفرات التي كانت تعول عليه تركيا في صيانة أمنها القومي ، اكتشفت لاحقاً انه عبأ عليها و استنزاف لقواتها هناك دون تحقيق الطموح الذي رسمته ، و خاصة بعد عودة اردوغان خائبا من زيارته الأخيرة لترامب بمحاولة كف امريكا عن دعم أكراد سوريا ، أو التنسيق معها بما يحمي تركيا من أي عواقب وخيمة لهذا الملف و ارتباطه بحزب العمال الكردستاني خاصة بعد تمكن الحزب من بلدة سنجر السورية .
– رغم أن العلاقات الإسرائيلية التركية قديمة ، إلا أن التقارب الحاصل الأن بين اسرائيل و محور أبو ظبي السعودية ، من شأنه يؤثر سلبا على حزب اردوغان و المحور التركي القطري ، بما يجعل من اسرائيل و اللوبي الصهيوني مكاتب علاقات عامة ضد سياسات و مصالح التركي القطري لمصلحة السعودي الإماراتي ، بعديد الملفات و على رأسها الملف الكردي .

يتبع باذن الله

اترك تعليقًا