لعبة التوازنات ام لعبة لي الاذرع بقلم نائب رئيس الحركة الأستاذ احمد الدان

التغيير الحاصل على هرم الوزارة الاولى في الجزائر جاء كالولادة القيصرية وصحبته الام واوجاع لكثير من الاطراف كاد تسقط أحلامها ومشاريعها في الماء، وطال الترقب امامه قبل ان يولد المولود الجديد ليحافظ على ما تسمح به التوازنات لان التوازنات السياسية في الدول لها امور ومخرجات عجيبة .
– ففي تونس عندما صعدت النهضة تحركت السن وخطابات تتكلم عن عهد جديد سيطيح بالتوازنات القديمة ، ولكن النقابة اسقطت السلطة واعادت تركيبها بما تسمح به التوازنات وفهم الجميع الدرس .
– وفي موريتانيا بلد الانقلابات عندما اراد الرئيس محمد ولد الشيخ عبد الله في اوت 2008 اقالة وزير الدفاع محمد ولد الغزواني وقائد الحرس الرئاسي محمد ولد عبد العزيز وكانت تلك الاقالة ستخل بالتوازنات في موريتانيا حدث العكس فانقلب وزير الدفاع ورئيس الحرس الرئاسي على ولد الشيخ ونصبا مجلسا تولى على اثره محمد ولد عبد العزيز واعاد ترتيب التوازنات رغم المعارضة الاقليمية .
– وفي المغرب تعطلت حكومة بن كيران طويلا لانها كانت غير متناسبة مع التوازنات المسموحة واضطرت الى التعديل واعادة الترتيب وجيء بالعثماني رئيسا للحكومة لان ذلك ما كانت تسمح به التوازنات ولم يرض بن كيران ولكنه رغم الغضب ظل ملتزما بالتوازنات المسموحة.
والجزائر بالتاكيد قد اخذ الجميع فيها درسا كبيرا بضرورة المحافظة على التوازنات الوطنية والابتعاد عن المغامرات مهما كانت مبرراتها لان التحديات التي تواجه الجزائر اكبر من موعد انتخابي رئاسي والمصالح الاستراتيجية للبلاد كادت ان تعصف بها سنوات ما بعد المغامرة والتأسيس لثقافة الاحتكام الى العنف والتعسف في استخدام الحق او التعسف في استخدام القوة والنفوذ .
• ان ذهاب سلال لم يكن متوقعا لانه كان يباشر التحضير للحكومة الجديدة ، ولا بد ان هناك جهة قوية لم ترغب في استمراره او خطأ كبيرا اوقف مسار تحضيراته الحكومية بالرغم من انه كان محل ثقة السلطة لعقود من الزمن ولم تزعزعه اخطاء سابقة مست الانسجام الاجتماعي ولكن عدم السماح له بالترشح للتشريعيات كانت رسالته واضحه لان شعبيته التي كونها سنوات طويلة لا يجوز لها تجاوز الخطوط التي تسمح بها التوازنات.
• وان دخول تبون على الخط لم يكن متوقعا بمعنى انه كان جزء مما احتاجته التوازنات الاضطرارية ، ودخوله السريع الى حالة اقتصاد الحرب وفتحه لملفات المشاريع المتأخرة او المعطلة كان علامة اصطفاف لم يتحملها التوازن في مكونات القرار الوطني وخاصة تلك المشاريع المرتبطة بمؤسسات استراتيجية في البلاد ،وربط تلك الاجراءات بمحاربة الفساد وابعاد المال عن السياسة وتصريحه حول الجامع الاعظم ضد بعض الشركات الفرنسية كل ذلك رفع شعبيته بشكل كبير لا تسمح به التوازنات السياسية في المرحلة الراهنة لأنه فتح خيارات كانت مغلقة.
• وان رسالة النهي عن التحرش تناقلتها وسائط اعلامية خاصة تعبيرا عن الاصطفاف ولم تنقلها وكالة الانباء الرسمية ولا الاذاعة ولا التلفزة الوطنية مما يشير الى سابقة ملفتة للنظر في التعامل مع رسالة رئاسية موجهة الى المسؤول الاول عن الجهاز التنفيذي .
• وذهاب تبون في عطلة وسط اشتداد وطيس المعركة ببنه وبين خصومه واختياره لفرنسا فضاء لعطلته ولقاءه شبه الرسمي مع رئيس حكومة ماكرون كل ذلك اخلط التوازنات بقصد او باستدراج ذكي انتهى بتحذير فرنسا لرعاياها من السفر الى المنطقة التي لونتها بالأحمر في الخارطة الجزائرية وهي منطقة الجنوب الكبير وجزء من الهضاب العليا وذلك على اثر التغيير الحكومي مباشرة لان التوازنات الجديدة لم ترض باريس رغم ان الدبلوماسية الجزائرية لم تحك راسها الى الان تجاه موقف سياسي خطير من فرنسا يشبه موقفها ايام العشرية السوداء .
• و أويحيى الذي لم يكن متوقعا قدومه لقيادة الجهاز التنفيذي لأسباب عديدة اصبح فجأة هو نقطة الالتقاء فيما تسمح به التوازنات السياسية والحل الوسط لتمثيل المرحلة وهو ان اكمل المشوار الحكومي الى نهاية العام القادم سيكون بالتأكيد خارج حسابات المنافسة على الرئاسيات وسيكون حزبه ضمن تحالف الرئيس القادم ان استمرت الاوضاع والتوازنات السياسية على ماهي عليه.
• وبيان الرئاسة الذي تضمن قائمة الوزراء صباح التعديل الحكومي كان يحمل اسم وزير السياحة الاسبق الذي اقيل بعد 70ساعة حتى صرح سياسيون بان ذلك رد اعتبار له ، ولكن بعد حين قليل من الساعات جاء بيان رئاسي مصحح يتمسك بالوزير الحالي لان التوازنات السياسية لا تسمح بذهابه في نفس الوقت مع الوزير الاول ووزير سيادي آخر كلهم محسوبون على منطقة اعتبرتها الدوائر الخارجية منطقة توتر خطير قابل للانفجار فضحت التوازنات بمشاعر واعتبار مواطن صار وزيرا للمرة الثانية ، كما ضحت بهيبة بيان الرئاسة في اعلان التغيير الحكومي.
• وستبدأ مشاورات الثلاثية اليوم تحت وقع هذه التوازنات وهي على ابواب الدخول الاجتماعي المفتوح على الكثير من التوترات وقد اعلنت اطرافها انها مع برنامج الرئيس ومستعدة للتعاون فيما بينها اي حكومة وارباب عمل ونقابة بعد ان كشفت ازمة تبون ان النقابة التي مهمتها الدفاع عن العمال هي نقابة يعلن رئيسها انه يدافع عن ارباب العمل وان من يمس رمز رجال الاعمال يكون قد اعتدى على رمز الدفاع عن العمال و لسنا ندري امام من يدافع زعيم النقابة على العمال ، ولكن بالتأكيد ذلك ما تسمح له به التوازنات السياسية وتقتضيه ظروف المرحلة الحرجة بالنسبة لخياراته.
ان عقيدة الدولة الجزائرية هي انها دولة ديمقراطية اجتماعية ذات سيادة في اطار المبادئ الاسلامية. ويوم ان حاولت بعض الاطراف استغلال حاجة الثورة الى اعادة الهيكلة والتنظيم فمررت مشروعا فكريا وسياسيا يخالف عقيدة الثورة كانت محاولتها هشة امام الجدار الوطني للثورة التحريرية ولم تلبث ان سقطت هي بمشروعها الذي لم يستطع العودة الى اليوم .
وبالتاكيد من يحاول اليوم تغيير عقيدة الدولة الجزائرية باستغلال الازمة والتحولات الحرجة كما نرى سينتهي الى الفشل امام الجدار الوطني الثوابتي الذي هو جدار القوى الوطنية في كل موقع من مواقع التاثير ، وايضا وسط الشعب الذي قال عنه بن باديس رحمه الله :
شعب الجزائر مسلم و الى العروبة ينتسب
من قال حاد عن اصله اوقال مات فقد كذب
او رام ادماجا له رام المحال من الطلب
من كان يبغي ودنا فعلى الكرامة والرحب
او كان يبغي ذلنا فله المهانة و العطب

اترك تعليقًا