“السَّعي الحثيث في طلب العلم وتحصيله.”
ونحن قاب قوسين أو أدنى على دخول اجتماعي جديد، أهم ما يميِّزه الدخول المدرسي، وعودة أبنائنا الطلبة إلى مقاعد الدراسة، بعد قضاء عطلة صيفية دامت أكثر من شهرين. لقد عادوا إلى مقاعدهم كما تعود الطيور إلى أعشاشها وأوكارها، عادوا والعود أحمد، عادوا بعد استراحة واستجمام وترويح عن النفس، عادوا بعد فرحة العيد السعيد، عادوا بروح جديدة، وعزيمة قوية، وإرادة فولاذية، وأمل كبير في النجاح. ما يمكن أن ننصح به فلذات أكبادنا وهم في بداية العام الدراسي، أن ينتبهوا إلى ثلاث قضايا مهمَّة، إذا أرادوا بالفعل أن تُكلَّل أعمالهم إن شاء الله بالنجاح.
1) حسن استغلال الوقت.
دقات قلب المرء قائلة له إنَّ الحياة دقائق وثواني، وما هي الحياة لولا الوقت، الوقت قيمة مثل قيمة الصدق، قيمة الأمانة، الوقت لا نستطيع التَّحكم فيه،لكن نستطيع التَّحكم في أنفسنا وفي إدارة الموارد التي بحوزتنا، نُفعِّلها فننتج أكثر في وقت أقل، وبذلك نكون قد استثمرنا أوقاتنا فيما ينفع ويفيد. أي إدارة الذات للاستفادة من الوقت، أتحكَّم بنفسي بحيث أُنتج. مهارة إدارة الوقت مهمة جدًّا وضرورية لكل إنسان، خاصة لمن يريد أن ينجح. كيف أميز بين المهم الدائم، والمهم العاجل، وغير المهم، كيف أعرف موفِّرات الوقت، إيقاف مضيِّعات الوقت. كلنا يملك نفس الأربع والعشرين ساعة، لكننا نختلف في استغلالها وحسن استثمارها. وبالتالي اكتساب مثل هذه المهارة ضروري جدًّا. حبَّذا البحث في هذا المفهوم للاستفادة أكثر بالاطِّلاع على كل التَّفاصيل.
2) الجد والاجتهاد منذ بداية السنة الدراسية.
حياة المجدين لا تعرف (سين، وسوف) وتأجيل مهام وأنشطة اليوم إلى الغد من غير ما سبب مقنع أيضًا من السلبية بمكان. الجدية في إنجاز الأعمال سمة رئيسية وسمت ينبغي أن يظهر في سلوك طالب العلم منذ أن ينطلق، ورحلة الألف ميل تبدأ بخطوة، بعد التَّوكل على الله عز وجل والاستعانة به وطلب المدد والحول والقوة منه سبحانه، فإنَّه لا حول ولا قوَّة إلَّا بالله. بذل الجهد والعمل بالأسباب أمر مطلوب شرعًا وعقلًا، كما قال الصالحون:” ماذمَّ لك الأسباب، فهو الذي خلقها، إنَّما ذمَّ لك الوقوف عندها.” فعلى الساعي للاستزادة من العلم، الذي يريد أن ينجح في عمله وفي دراسته أن يهجر فراش النوم، وأن يخلع لباس الخمول والكسل، وأن يتحرَّك لتحصيل الخير والفضل، فالسماء لا تُمطر ذهبًا ولا فضَّة.
والأسد لولا فراق الأرض ما افترستْ * والسَّهم لولا فراق القوس لم تُصبِ.
3) اختيار الصُّحبة الصَّالحة
لقد علَّمنا القرآن الكيم أن نتَّخذ من الأتقياء والصاحين خلَّانًا قال تعالى: ” الأخلَّاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلَّا المتقين.”(آ.67 الزخرف) وكلنا يحفظ حديث الجليس الصالح وجليس السوء..” والأمثلة كثيرة “سيروا مع أصحاب الهمم العالية، قل لي من تُصاحب أقول لك من أنت، الصَّاحب ساحب..إلخ) حسن اختيار الرفيق والصاحب والخليل أمر لا يقل أهمية عن سابقيْه، لذا يتوجَّب الانتباه والتَّفطن لهذه القضية والمسألة الحسَّاسة، ذلك لما يترتَّب عليها من آثار..
اللهم افتحْ على أبنائنا بنور العلم والفهم، وجمِّلهم بحُسن السَّمت، واغدق عليهم بفضلك وعطاياك.
– جمال الدين عماري. 05/09/2017م/14 ذو الحجة 1438 هجري.