الموقف في الاعلام العبري رفع وتيرة التحريض ضد خيارات المقاومة الفلسطينية وتوجهاتها نحو الوحدة والمصالحة الفلسطينية واعتبر أن حماس قامت بالإلتفاف على عباس وفتح واستطاعت أن تأخذ زمام المبادرة الذي يؤهلها لمواقع سياسية مستقبلية تستهدفها من وراء خطوتها باتجاه المصالحة، والأكيد أن الموقف العبري ليس حبا لعباس وفتح ولكن بغضا لحماس ولكل مواقفها وتنازلها لصالح الشعب الفلسطيني ورفضا لإرادتها في فتح ثغرات في الجدر التي تضربها حول فلسطين .
والمتتبع الواقعي لمجريات الأحداث في غزة وأكناف فلسطين خلال السنوات العشر الأخيرة يدرك جيدا حجم التحديات التي واجهتها حركة المقاومة الفلسطينية حماس والفصائل المقاومة الأخرى ومن ورائها الشعب الفلسطيني في غزة .
– فلقد كانت الآلام الشديدة هي الحصار الذي ضربه عباس على غزة لأنه حصار سلطة لشعبها في تنسيق مع الإحتلال والأجندات المضادة للمقاومة.
– كما أن الحصار الذي فرضته مصر على القطاع أدخل القطاع في أزمة اقتصادية خطيرة لم يشهدها قبل حكم السيسي وحتى في أسوأ أيام العلاقات المصرية الفلسطينية بل إن تدمير مئات الأنفاق كان ضربة قاصمة وخنجرا مسموما في خاصرة مشروع المقاومة لأن الأنفاق بين غزة ومصر كانت شريان حياة لسكان سيناء في نفس الوقت الذي كانت مصدر الإمداد لغزة من خلال تجارة شعبية واسعة تؤمن احتياجات القطاع كلها.
– من جانب آخر كان الإعلان الخليجي المصري بتصنيف حماس حركة إرهابية والتهليل السعودي لمواقف ترامب والإحتلال الاسرائيلي ومحاولة تصدير هذه القناعات وسط العالم الإسلامي وتجييش الخطباء في بلاد الحرمين للدعاية ضد حماس وضد المقاومة والتضييق عليها وسط الشعوب المسلمة التي بقيت هي السند القوي للمقاومة والحاضنة الشعبية لها في ظل التخلي الكبير والتآمر المتواصل للأنظمة العربية ضدها.
– كما كانت الحروب الإسرائيلية الثلاثة الأخيرة ضد القطاع عملية تدمير للبنى التحتية للقطاع ومحاولة لصناعة واقع اجتماعي ضاغط على المقاومة وخياراتها الإستراتيجية وقد انتهت الحرب الصهيونية ضد غزة على دمار حقيقي استدعى مؤتمرات إعادة الإعمار التي رصدت أموالا ضخمة لإعادة الإعمار لكنها ضلت حبيسة بفعل الحصار المستمر على غزة مما زاد من معاناة الشعب الفلسطيني.
-وان الثورات المضادة للربيع العربي والحروب الأهلية التي اعقبته والإنقلاب في مصر ضد ثورة 25 ومخرجاتها وضد الإخوان المسلمين الذين كانوا سندا كبيرا معنويا وماديا للمقاومة وللشعب الفلسطيني ولغزة وخياراتها في كل الإتجاهات كل هذا شكّل عبئا جديدا عل غزة خلال السنوات الأخيرة يضاف إلى كتلة الضغوط الأخرى وربما يتجاوزها لأنه صنع بريق أمل للفلسطينيين سرعان ما انطفأ ليخلط حسابات الجميع .
ان هذا الواقع سيكون مثار قلق وسببا رئيسا في التفكير في مراجعة الخطط والإستراتيجيات وتغيير المواقع والتكتيكات من أجل مصالح استراتيجية أوسع سواء أكان استجابة للتعامل مع تلك الضغوطات أم استغلالا للتحولات الإقليمية في البحث عن موقع أفضل ولكن كل هذا لا يمكن قراءته من زاوية الضغوط فقط لأن حركة المقاومة أثبتت نجاحات عسكرية ودبلوماسية وسياسية ولا تزال تمتلك أدوات المقاومة إلا أنها في تقدير الكثير من المعنيين بملف فلسطين آثرت التنازل لصالح الشعب والوطن واستفادت من الحاجة المصرية الشديدة والإكراهات الأمنية لمصر في سيناء كما استفادت من نتائج وتداعيات الحصار الفاشل على قطر والتطورات الحاصلة في تركيا وإيران وسوريا واليمن .