الشهيد محمد مهدي عاكف… سجين كل العصور بقلم الأستاذ عبد الحميد بن سالم

أريد لهذا الصوت أن يصمت، ولحركته ان تخمد منذ ان أعلن عن حمل السلاح في وجه الصهاينة حين كان يدرب الشباب ويرسلهم للدفاع عن فلسطين في حرب ال48 ، تماما كما اريد لأستاذه الشيخ حسن البنا عقب هذه الحرب، فاستعجلوه بالاغتيال ، وهو يرسل اصحابه للجهاد في فلسطين .ويعيد التاريخ نفسه حين تمعن السلطات في الظلم فتمنع من اقامة مراسيم العزاء كما فعل بأستاذه فدفنه ابوه والنساء. وأدخلوا اصحابه السجون فأعدم من اعدم ، وقضى من قضى عمره في النفي ، لتجد الجماعة نفسها في مواجهة تآمر داخلي وخارجي يدعمه هذا الكيان الصهيوني المغتصب. كل هذا لم يزد هذه الجماعة إلا انتشارا واتساعا حتى وصلت الى سدة الحكم في مصر ، واصبحت المنظمة المجتمعية والسياسية الأولى في العالم. وحققت المقاومة الاسلامية انتصارات عجزت الجيوش العربية مجتمعة ان تحققها في جميع حروبها وأرعبت الصهاينة وأذنابهم.
لتبلغ الجماعة ذروة الظلم هذه السنوات الاخيرة ويتعرض شبابها للاغتيال والنفي وتدخل غالبية قياداتها السجون ، وتدخل معها الامة الاسلامية في مؤامرات جديدة تستهدف دينها وهويتها ، وتستهدف القضية الفلسطينية من أجل تصفيتها. وتعيش سنوات الفضيحة وكشف السرائر والنوايا وتتمايز الصفوف ، فتفضح حركات وأحزاب، وينكشف علماء ودعاة وتتمايز الصفوف الحركات ، “لميز الله الخبيث من الطيب”التوبة 36. بين من يعيش الان في غياهب السجون تحت التعذيب رافضا ان يقدم استعطافا للطغاة، ،وهو قادر على يتنازل ويعيش في النعيم ، او يتراجع عن قولة حق أو تنازل عن مبدأ ، ولم تشهد السجون المكتظة بالآلاف حالة واحدة . رغم التعذيب والتنكيل . وكلهم ثبات وشموخ . تركها شهيد القرن وهو بين يدي المشنقة حين طلب منه الاعتذار مقابل الحرية والعفو بقولته ” إن سبابتي هاته التي تشهد ان لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله تأبى أن تكتب اعتذارا لطاغية “.
استشهد الشيخ مهدي عاكف بعد ما ادى زكاة عمره في السجون وكل عمره في سبيل دعوته . فحري ان تفتح كل بيوت أبناء الحركة الاسلامية للعزاء ، وواجب على كل مسلم في بقاع الارض أن يقدم العزاء ، وحق له أن تقام له صلاة الجنازة في كل بقاع الأرض . فهو مدين لهم جميعا بما قدم لهذه الأمة خلال عشرات السنوات ، ومدين لهم بهذه الحركة التي رعاها بصبره وثباته واستشهد من اجلها .
واثبت الإخوان المسلمون من خلال هؤلاء الرجال أنهم لم يكونوا يرددون شعارات ويتغنون بهتافات وهم يرددون مقولتهم ” والموت في سبيل الله أسمى أمانينا “.وإنما هم أصبغوا حياتهم بالصدق والصبر والجد والكد ، وكانوا هم كما قال الشاعر :
كلما مات سيد قام سيد قؤول لما قل الكرام فعول
ولقد أثبتت السنون والأحداث بأن اغتيال الشيخ حسن البنا لم يقض على حركته ، كما اراده الانجليز والصهاينة ، بل كان قوة دافعة لتزيد انتشارا ، فإن استشهاد الشيخ مهدي عاكف لن يزيد الحركة الا اتساعا وانتصارا، ولن يزيد الشباب الا هيجانا ضد الظلم ومقاومة الطاغية والمحتل ، ولن يزيد منهج الاعتدال والوسطية الا انتشارا ، ولرجال هذه الجماعة وقادتها الذين صهرتهم المحن الا نصاعة وبياضا.

اترك تعليقًا