حماس بين المناورة السياسية والعمل العسكري…بقلم الأستاذ عبد الحميد بن سالم

حماس بين المناورة السياسية والعمل العسكري

تدخل حركة المقاومة الاسلامية حماس مربعا جديدا في المناورة السياسية والعمل الدبلوماسي ،بعد ما دخلت دولا عربيه مرحلة متقدمة من المؤامرة والهرولة نحو التطبيع العلني الواضح والواسع ،يضاف الى الحصار الاقتصادي الجائر ، لتنتقل قيادتها الجديدة بحنكتها ،بعد إصدار “الوثيقة السياسية ” من الزاوية الضيقة التي حشرت فيها في السنوات الأخيرة الى مساحات تفاوض واعتراف بها كشريك سياسي يمكن أن يساعد في تحقيق مصالح متبادلة أمنية واقتصادية ،ويجنب حدوث انفجار اجتماعي محتمل ،أو اضطرار حماس للجوء الى شن هجوم عسكري طالما حذرت منه استخبارات الكيان الصهيوني ،لكونها غير مستعدة لخوض حرب طويلة مع حماس وما تخبئه لها من مفاجئات جديدة ، وفي ظل انشغالها بالتوتر الحاصل في الجبهة الشمالية “سورية “”والعراق “والنفوذ المتزايد لإيران وحزب الله في هذه الدول المفضي لاحتمال نشوب حرب ومواجهة .
كما أن الوسيط المصري الذي يقيم شراكة استراتيجية مع “الكيان الإسرائيلي ،ترغب في الاستفادة من عائدات تجارية مع القطاع وتخفيف الضغوط الأمنية في منطقة سيناء . وفي تعزيز قوى وطنية اخرى في حكم القطاع والسيطرة على المعابر خصوصا تيار دحلان داخل فتح لإضعاف نفوذ حماس ، وهذا ما يشكل هدفا “للكيان الإسرائيلي” ،من أجل التمكن من تحميل سلطة عباس مسؤولياتها تجاه أي تدهور أمني أو عمل عسكري ينطلق من القطاع ، وتتهرب من التزاماتها اتجاه المساعي الدولية لأي تسوية محتملة .
وجاء خطوة حماس في تقديم جملة من التنازلات للسلطة الفلسطينية ،وهي تنظر بعين المصلحة المرجحة لمشروعها في منهج المقاومة ،الذي بات يحتاج الى مزيد من الوقت للإعداد لمواجهة قد تكون فاصلة في مستقبل غير بعيد، حددتها الدراسات السياسية والعسكرية لحماس في غضون العشرية القادمة ، وهذا ما يحتاج الى استقرار في القطاع ورفع الحصار عنه ، وانتقال المسؤولية الكاملة في الشؤون العامة وإعمار غزة وفتح المعابر لحكومة الوفاق ، كي يتسنى لحركة حماس مزيدا من الاستعداد العسكري في الداخل ،والتفرغ للعمل السياسي والدبلوماسي في الخارج ، وتجد السلطة الفلسطينية نفسها امام واجب تلبية حاجات الشعب اليومية التي طالما تملصت منها ، وتجد الدول الداعمة لهذه المصالحة خاصة مصر والإمارات والسعودية نفسها أمام مسؤولياتها في إعمار القطاع ، هذا إذا لم يلاحقها الكيان الاسرائيلي بفرض شرط تخلي حماس عن العمل العسكري مقابل السماح بإعمار القطاع ، في حين تعتبر حماس أن سلاح المقاومة خط أحمر ، واشترطت في جميع المراحل التي تمت فيها جلسات الحوار والمصالحة عدم التطرق الى سلاح المقاومة . لكنها تمسكت بالوحدة الوطنية وآثرت مصلحة الشعب الفلسطيني عن التمسك بالسلطة في رفع الحصار عنه وتلبية حاجياته اليومية ، وتوحيد صفوفه ووضع حد للانقسام لتصبح الضفة والقطاع تحت سلطة واحدة ، وقدمت خطوات جريئه في القبول بمصر كوسيط وهو ينعتها بالكيان الإرهابي ، وقبلت بالجلوس مع تيار دحلان الذي ينشر جواسيسه داخل القطاع لصالح الكيان الاسرائيلي ، وسمحت لنواب فتح بالمغادرة للمشاركة في مؤتمر فتح ليمدد لعباس في الرئاسته وهو يسلط أجهزته الأمنية على المقاومين وأهالي الشهداء في الضفة . كل هذه المناورات السياسية تعطي دلالة على الثقة التي أصبحت تتمتع بها حماس في مؤسساتها السياسية وأجهزتها العسكرية ، وعن الروح الوطنية العالية التي تتميز بها قيادتها وعن المصداقية الكبيرة التي اكتسبتها مع أهالي القطاع ، وهي التي استطاعت أن توازن بين العمل العسكري وقوة الردع ، والتمسك بالمبادئ الأساسية للحركة وعلى رأسها المقاومة والتحرير الكامل ، والمناورة السياسية للخروج من الزاوية الضيقة والمساحات الصغيرة من أجل جلب المصلحة للشعب الفلسطيني والإفلات من الحصار الجائر.
عبد الحميد بن سالم

اترك تعليقًا