إنَّ أول نوفمبر يومُ فَخر واعتزاز لشعب كافح أبناؤه من أجل استرجاع الحق المسلوب، والسيادة الوطنية ضد الاحتلال الاستيطاني الفرنسي الذي عذَّبَ ودمَّرَ وقَتَلَ شعب آمن بالحرية، ووقف مدافعا عن كرامته وعن كرامة المواطن العربي وناضل بقوة مؤمنا بحتمية الإنتصار ومستعدا للتضحية.
ولقد كان الفاتح من نوفمبر تاريخ إنطلاق رصاصة الغضب في الجزائر وبالضبط في جبال الأوراس بمدينة باتنة، بحيث لم تكن رصاصة طائشة بضغط زناد التسرع، ولم تكن عشواء ولم تكن لإعلان الحرب من أجل الحرب فقط، بل انطلقت لتعطي دروسا في رد الاعتبار لأن الجزائر سيدة نفسها ولا أحد يملك هذه السيادة عليها إلَّا صاحبة القرار والسلطة “الجزائر”.
حقيقة، يليق لهذه الثورة أن تُعَرف نفسها بنفسها لكل قارئ من أنها أظهرت بطولات شعب رفض كل أشكال الاحتلال والسيطرة، كما تبنت البعد التاريخي والأخلاقي لإخلاص أبناء الجزائر على اختلاف مستوياتهم وأجناسهم وسِنهم، فأعلنت المرأة مُساندتَهَا لأخيها الرجل ليتَوَحَدَ الصف والكلمة في أن تحيا الجزائر حُرَةً مستقلة وألا تضيع مصلحة الجزائر، فالوفاء كان هو العنوان، وحُبُ الجزائر كان هو مبرر الشهادة في سبيل الوطن
اننا نذكر نوفمبر ونحن نعيش أجواء من الكذب على أنفسنا برفع شعارات، في الجبال الشامخات الشاهقات، وفي النوادي والجامعات والسفرات … وما سألنا أنفسنا بصدق، ماذا بقي فينا من نوفمبر؟ هل نحن أوفياء حقا لجهاده ومجاهديه؟ وماذا فعلنا بعهدنا لشهدائه ومناضليه؟
أن جزائرنا التي شيدها الصغار من جيل العِز والفخار قد ضيعها الكبار من جيل الموائد والقِمار، فأفلسوا اقتصادها، وحطَّمُوا عتادها، وأفشلوا استعدادها، وخربوا سهولها.
إننا في يوم الجزائر هذا نحيي الشهداء الذين كتبوا التاريخ وأناروا شموع الحرية وقهروا الظلم والطغيان وكانوا هم نبراس نسترشد منه كتابة التاريخ للأجيال …. فتحية للصوت الوطني القادر على تحقيق حلم الأجيال والحفاظ على روح الثورة والتواصل. وللشعب الجزائري تحيةُ الشهداء والبطولة والوفاء، شعبُ التضحيات والمناضلين، شعبُ ديدوش مراد والعربي بن مهيدي وأحمد بن بلة وهواري بومدين.
من أرضِ الجزائر أرضُ الأحرار والشرفاء، أرضُ المجاهدين الأبطال أرضُ الرجولةِ والشَرَف أرضُ الثورة، علينا حملُ هذه الأمانةِعلى أكتافنا والعمل على الحفاظ على هذه الأرض التي ارتوت بدماء الشهداء.
إننا نتوسل الى الله بجهاد المخلصين، وبتضحيات الصادقين من مجاهدينا، وبالتزام الشهداء الطيبين من أبناء نوفمبر، أن ينقذنا مما نحن فيه وأن يُخلِصنا ممَّا نعانيه، ولأننا قوم مؤمنون، لا نستسلم لليأس، ولا يخيفنا الحيف أو البَأْس، وهكذا سيتجدد نوفمبر فينا إن شاء الله متحدين لبناء جزائر نهضة وعدالة.
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار
بأي حال عُدتَ يا نوفمبر… بقلم حمزة حيدرة
