“نوفمبر .. قيم مُلهمة ومنجزات شاهدة “…الأستاذ جمال الدين عماري

“نوفمبر .. قيم مُلهمة ومنجزات شاهدة ”

ويبقى الفاتح من نوفمبر من كلِّ سنة، خير مذكِّرٍ للأجيال الصَّاعدة على ما قام به الآباء والأجداد من ثورة عظيمة غيَّرت مجرى التَّاريخ، وتضحيات جسام تليق بمستوى هذا الشَّعب الحر الأبي، الذي قدَّم القوافل تلوى القوافل من خيرة أبنائه من الشُّهداء الأبرار، من أجل انتزاع الحق المغتصب، وتحرير البلاد والعباد، فنادى منادي الاستقلال يومها( محمد مبروك عليك، الجزائر رجعتْ ليك) فاندحرت قوى الظلم والطغيان، وعادت من حيث أتت، تجرُّ أذيال الهزيمة.. ولعلَّ من القيم والمبادىء والمثل العليا التي رسَّمتها ثورة التَّحرير المباركة ورسَّختها في العقول والقلوب.

– تثبيت الهويَّة
لعلَّ خير دليل على ذلك ما نصَّ عليه بيان أوَّ نوفمبر من:

إقامة الدولة الجزائرية الديمقراطية الاجتماعية ذات السيادة في إطار المبادىء الإسلامية. وكان شعار جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، برئاسة الإمام عبد الحميد بن باديس سنة 5ماي 1931م” الإسلام ديننا، العربية لغتنا، الجزائر وطننا” فنحن لسنا شعبًا هاملًا، بل أمَّة عريقة، ذات مرجعية وجذور ضاربة في أعماق التاريخ، علِم ذلك من علِم، وجهِل من جهِل.

– قيمة التَّحرير
أي قيمة الحرية وهي أقدس ما يملكه الإنسان في الوجود، وإذا فقدها فرد أو شعب، أو حُرمتها أمة من الأمم فلا معنى لوجودها ولا لحياتها. وكان البند الثالث من نص البيان:” احترام جميع الحريات الأساسية دون تمييز عرقي أو ديني.” فها نحن اليوم والحمد لله والفضل لله والشكر لله ، والاحترام للمجاهدين، والمجد والخلود لشهدائنا الأبرار، ننعم بالأمن والأمان والحرية والاستقلال والعيش الرغيد، ولولا التَّضحيات الجسام التي قدمها شعبنا ما تحقق كل هذا، ورحم الله أمير الشعراء أحمد شوقي حين أنشد:

وللحرية الحمراء بــــاب *** بكل يــــد مضرَّجة يـــدقُّ.

وما أنشده شاعر الثورة مفدي زكريا في لهبه المقدس:
فمضى الشعب بالجماجم يبني *** أمَّـــــة حـرَّة، وعـزًّا وطيــــدًا.
ليس في الأرض سادة وعبيــــد *** كيف نرضى أن نعيش عبيدًا.
أنـــــــا إن متُّ فالجزائر تحــــــيا *** حــرَّة مستقلَّة لن تبيـــــــدا.

– قيمة التَّنوير
وأعني بها الجهود الجبَّارة ألتي بذلها أبناء الحركة الوطنية بكل أطيافهم، وعلى رأسهم جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في سبيل تعليم أبناء الشَّعب ذكورًا وإناثًا، لأنهم كانوا على يقين تام أنَّ تحرير العقول يسبق تحرير البلاد، ولولا الجهود التربوية والتعليمية والإصلاحية عمومًا لهؤلاء الرجال الأبطال لكنَّا اليوم شيئًا آخر، الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات. – يُتبع.

– جمال الدين عماري. الإثنين 20 نوفمبر 2017م/01 ربيع الأول 1439هـ.

اترك تعليقًا