قرار التقسيم وخدعة التزوير…الأستاذ عبد الحميد بن سالم

عبد الحميد بن سالم
أنهت بريطانيا انتدابها لفلسطين بعد ان مكنت للكيان الصهيوني أرضا وشعبا وتسليحا ، ولم يعد هذا الكيان بحاجة الى بريطانيا في ظل صعود نجم الولايات المتحدة ، وتشكلت اللجنة “الانجلو أمريكية” وسمحت بهجرة 100 ألف صهيوني دفعة واحدة مناقضا الكتاب الابيض ،ونفذ الكيان الصهيوني وعده بمحاربة الكتاب الأبيض الذي وضعته بريطانيا وحد من حملات الهجرة اليهودية وأزعج هذا الكيان ، وقال بن قريون مقولته المشهورة ” سنحارب مع بريطانيا في الحرب العالمية الثانية كما لم يكن هناك كتاب أبيض ،وسنحارب الكتاب الابيض كما لم تكون هناك حرب ” .وقامت هذه اللجنة بإدراج ملف القضية الفلسطينية في أدراج الأمم المتحدة لأول مرة ، تمهيدا لقرار التقسيم الذي هدفت له أمريكا منذ أن انتقل الكيان الصهيوني الى أحضان الحزبين الجمهوري والديمقراطي .
ولم يكن بالإمكان الحصول على النصاب القانوني للمصادقة على قرار التقسيم رغم خلو هيئة الأمم من كثيرا من الدول العربية والإفريقية، التي كانت ترضخ تحت الاستعمار .وكان النقاش حول صلاحية الأمم المتحدة في اتخاذ مثل هذا القرار لدولة مازالت تحت الانتداب ، ولم يؤخذ فيه رأي الشعب .ورفع الأمر نحو محكمة العدل الدولية لتقرر في صلاحيات الامم المتحدة في المصادقة على قرار التقسيم ، لكن الجمعية العامة رفضت قرار المحكمة بأغلبية 25 صوت مقابل 18 وامتناع 11 وبالمقابل صادق على قرار صلاحية الأمم المتحدة بالتوصية بتطبيق قرار التقسيم دون الحاجة الى موافقة أكثرية الشعب الفلسطيني . وكان القرار يحتاج الى موافقة الثلثين ، وعجزت امريكا على جمع الأصوات الكافية في الجلسة المقررة في تاريخها الاول ،حتى اضطرت الى تأجيل الجلسة من طرف رئيس الهيئة المندوب البرازيلي حينذاك بأسبوعين ، ولعبت أمريكا لعبتها القذرة وقامت بشراء أصوات الدول الفقيرة ، من خلال رشاوي من الماس ومعاطف الفرو الثمينة قدمت لزوجات ممثلي أمريكا اللاتينية ، ووعدت حكومة هايتي بالمساعدة الاقتصادية واشترى رجل الاعمال الامريكي روبرت ناثان صوت قواتيمالا وتعرضت الفلبين لضغوط شديدة ، وحازت بذلك قرار التقسيم على الثلثين من الأصوات وأنهت بريطانيا انتدابها لفلسطين .بعد أن رسمت جريمة القرن في غرس هذا الكيان ، وانتقلت القضية الفلسطينية من الانتداب الى الاحتلال المرسم والقانوني بالتزوير والخداع . وهكذا بات التزوير والخداع سنة في التمكين للاستعمار الحديث والقديم، وسبيل للتدخل الأجنبي ،وملجأ للبقاء في الحكم وحكم الشعوب بالقهر ، ولن تتحر فلسطين حتى تتحرر الشعوب وتعبر عن رأيها وتختار حكامها دون تزوير وخداع .

اترك تعليقًا