أحمد الدان في حديث لـ”الحوار”:
سمعت من الشيخ جاب الله أنه يريد التفرغ للفكر والدعوة..!!
أضلاع الاتحاد الثلاثة حققت نتائج وصفت بالسلبية.. اذ ان ثلاثة احزاب لم تتمكن من حصد سوى 08 بلديات من مجموع 1541، الى ماذا يرجع ذلك؟
الاتحاد لم يدخل الا في 250 بلدية، وهذا رقم محدود عبر من خلاله على المشاركة السياسية والانتخابية، وهو يحمل برنامجا سياسيا وتنمويا، ووجد الساحة التنافسية ليست برامجية ولا اديولوجية، ولكن وجد حالة من القبلية والمقاولاتية في الصراع على المجالس المحلية. كما وجدنا حالة التزوير المفضوح، ونتأسف للذين يقولون بأن التزوير غير موجود، ربما لأنهم كانوا في بيوتهم ولم يفتحوا حتى الفيسبوك الذي عج بالمحاضر المزورة، فعلى الثامنة ونصف صبحا كان التزوير في قسنطينة، وفي المساء كان التزوير في تلمسان والجميع يشتكي التزوير، لأن التزوير اصبح من طرف احزاب وقوائم، والادارة فشلت في تأمين الصناديق.
لكن هذا لا يعني أبدا ان الاتحاد لم يكن ضعيفا في نتائجه، حيث لم يتجاوز 270 منتخب و8 بلديات، وهي نتيجة لا تساعد حتى على الدخول الى المنافسة في الرئاسيات القادمة بدون توقيعات.
وللأسف ايضا بعض اطراف الاتحاد لم تتحمل مسؤوليتها في انجاح المسعى وإنجاح القوائم، كما صرح مسؤول هام في الاتحاد وعبر عن تشكيلة حزبه، وهذا امر مؤسف، ولكن نعمل على تجاوزه لأجل المصالح العليا للاتحاد.
الاختلاف بين أطراف الاتحاد موجود لكن ليس كبيرا، وإنما الإعلام يحاول تضخيمه، لا ادري لماذا.
والاتحاد مكون من ثلاثة اطراف تحاول ان تتنازل لبعضها من اجل مصلحة الوطن، وأصل الاختلاف حول الكيفية التي نبني بها الاتحا،د هل من القاعدة وهذا رأي البناء والنهضة، أو من القيادات وهذا رأي العدالة، وقد وجدنا اطارات محترمة جدا في العدالة وفي النهضة يدركون المقتصد الأكبر للاتحاد والمصالح الشرعية والاستراتيجية فيه للبلد والعباد. وللأسف هناك من اراد استغلال الاتحاد للشهرة أو المنفعة او الحسابات الضيقة، فلما لم يجد ذلك سحب نفسه بعضهم بهدوء والبعض الآخر يحاول ان يعطي الدروس من بعيد، وهذا لا ينفع لأن الاتحاد فضاء واسع ومفتوح لا يضيق بالآراء المختلفة والرؤى والمبادرات النافعة.
وللأسف هناك من يشوش على الاتحاد ويضع في طريقه العراقيل، ولا بد لنا من ادراك التحديات وتجاوزها معا.
صحيح كانت هناك خلافات حول القوائم والبلديات والولايات، وهذا طبيعي يحدث في اي حزب، وقد حدث، ولكن كانت هناك هيئة عليا مديرة تكفلت بحل كل المشاكل. والآن ستجتمع الاسبوع القادم ان شاء الله الهيئة المديرة للاتحاد من اجل تقييم المرحلة السابقة واتخاذ التدابير اللازمة للخطوات المستقبلية التي نحرص فيها على الانفتاح على احزاب اخرى لكي لا يبقى الاتحاد رهينة لثلاثة احزاب، بل يتحول الى مشروع وطني يخدم الصالح العام، وسنرى مفاجآت في المستقبل، ولكن العبرة بمن صدق وليس بمن سبق.
الشيخ عبد الله جاب الله قالها صراحة في تصريح لموقع “tsa” ان فئة من حزبه شاركت ضمن الاتحاد من أجل النهضة والعدالة والبناء، ولكن البعض فقط عمل على النجاح وأكثره لم يقم بأي جهد في الحملة الانتخابية.. ألا ترون ان هذا الاعتراف يؤكد ان الاتحاد أصبح هيكلا بدون روح؟
الاتحاد لم يصبح هيكلا لحد الآن، ولذلك لم تنفخ فيه الروح بعد ولا يزال طينا مبللا فهو طين من ارض التيار الاسلامي ومبلل بالأمل ورغبة آلاف المناضلين في الوحدة. والانتخابات التشريعية والمحلية كانت فقط محطات ضرورية في مسار الاتحاد الذي لم يبدأ بعد، ولكن بعض المستعجلين يحكمون على شيء توهموه قبل ان يلد.
والإخوة في كل أحزاب الاتحاد منهم من عمل بقوة ومنهم من قصر، ولكن لا يصح ان نتباهى بتقصيرنا لأنه سيئة في حق الشركاء، ونحن اتفقنا على مسار محدد ومنهجية معينة في الانتخابات، ولكن ليس كل الاحزاب على نفس المستوى من الانضباط، ولا يمكن ان نحاسب النهضة التي سهلت لنا الدخول بدون توقيعات مثلما ننظر الى تقصير الطرفين الاخرين لأن الواجب والمروءة تتطلب ان ينفق كل حسب استطاعته، ومن بخل بشيء وهو يرى نفعه للإسلام وللوطن فهذا امره الى الله الذي يعلم قدرة كل مكلف وطاقته.
ما هو مستقبل هذا الاتحاد، أمام تأكيد قيادات بارزة فيه أن مستقبله مجهول ويتجه الى الاندثار؟
الذي يحدد مستقبل الاتحاد بعد الله هو مؤسسات الأحزاب المشكلة للاتحاد لأنها المؤسسات التي صادقت على ارضية الاتحاد الاولى، ولا يمكن لأي قيادي مهما كان مستواه وبروزه ان يقرر ان الاتحاد سيندثر.
وقد رأينا آراء مختلفة ولكنها في الأخير ضبطتها قرارات المؤسسات، والاتحاد ملتزم بقرارات مجالس الشورى التي ستنعقد خلال الايام القادمة، وأغلب الاطارات يدركون اهمية بناء الاتحاد وضرورة التنازل من اجل مصالح البلاد وضرورة تقريب الرؤى والافكار لبعضها البعض.
الشيخ جاب الله قال بالحرف “لما ترجحت المشاركة باسم الاتحاد تحفظت على هذا الخيار وأعلمت الإخوة في المجلس أنني لست معنيا بهذا الاستحقاق من أول خطوة فيه إلى آخرها، لأنني أصبت بخيبة أمل كبيرة في الاتحاد”..؟ هل انتم كذلك اصبت بخيبة أمل؟
العكس نحن واقعيون في رؤيتنا للاتحاد، وننظر إلى الجانب المملوء من الكأس عند تقييمنا للشركاء، ولنا تجربة كبيرة في المفاوضات مع الاخر، ونعرف جيدا ان الامور تتم بالتدرج والصبر. ونحن لا نصاب بخيبة امل ما دمنا نستطيع ان نجد حلولا من طرف كل المؤسسات، ونحن لا نربط الاتحاد بالانتخابات لأنه مشروع اكبر من الانتخابات.
ولا ندري بالضبط ماذا كان ظن الشيخ عبد الله في الاتحاد لأن قرارات الهيئة المديرة ليست ظنا، بل هي يقين حين قررت بأن الانتخابات هي محطات في مسار الاتحاد الكبير الذي هو مشروع وطني لتجميع قوى وطنية على مصلحة وطنية.
والشيخ كما صرح كان له رأي في المحليات، ولكن مؤسسة مجلس الشورى في العدالة كان لها راي آخر، قرر فيه الاخوة التمسك بالاتحاد، وقرارات المؤسسات الشورية ملزمة للقيادة قبل القاعدة. وأنا سمعت من الشيخ منذ بداية العمل للاتحاد بأنه يرغب في التفرغ للعلم والفكر والدعوة، وأن الانتخابات لا تشكل أولوية بالنسبة له، ولكن ليس كل الناس في الاتحاد لها هذا التوجه العلمي ولا الاولوية الفكرية، وكل ميسر لما خلق له. والاتحاد يجب ان يستوعب الجميع.
قال جاب الله كذلك: “اتضح بأن هدف الانتخابات عند الشركاء مقدم على غيره، فقلت لسائر الإخوة في جبهة العدالة بأنني لو كنت أعلم أن هدف الاتحاد هو هدف انتخابي ما وافقت عليه من الأول”، ألا ترون ان هذا التصريح يعد توقيعا على شهادة وفاة الاتحاد؟
أعتقد أن الإمضاء على شهادة ميلاد الأرضية كان قلاقيا وكل ما يتعلق بالاتحاد يجب أن يتم ثلاثيا، وهذا أصله أن أطراف الاتحاد أوكلت هيئة مديرة هي من يقرر في الاتحاد، ولم يطلب أي طرف مناقشة ايقاف مشروع الاتحاد، وأما التصريحات الاعلامية فليست قرارات. وأبناء الاتحاد لا يتلقون القرارات الهامة من الإعلام، لأن لهم مؤسسات.
ما هو مستقبل الاتحاد في ظل هذه المتناقضات؟
مستقبل الاتحاد مضبوط بقول الله تعالى: “وقل اعملوا” فمن يعمل لأجل الاتحاد ويصبر سيصل ان شاء الله، وحركة البناء تعمل كل ما في وسعها لتقريب أبناء التيار الإسلامي وجمع قوتهم، والدعوة موجهة لغير أطراف الاتحاد الذين سنقترح ان نتصل بهم في الايام القادمة ونفتح معهم ورشات حوار حول صيغ وحدوية، وخاصة حمس والإصلاح. ونحن نضمر في قلوبنا الخير، ونسأل الله ان يجعلنا مفاتيح للخير. ومستقبل الاتحاد من مستقبل الجزائر، والعمل على تأمين مستقبل الجزائر وحمايتها من التهديدات والتحديات الإقليمية والدولية ومن انعكاسات الأزمة الحالية سيكون عاملا مساعدا على مستقبل افضل لاطراف الاتحاد.