لماذا مركزية القدس في الصراع؟

مدينة القدس، زهرة المدائن ومهد الرسالات السماوية، حملت تاريخا طويلا يضرب بجذوره في السنين والقرون الممتدة، وما أحوجنا وأحوج أبنائنا وبناتنا لدراسة تاريخ القدس

دراسة معمقة، حتى نتمكن من التعامل مع قضيتها، في وقت يشاهد فيه العالم محاولات وجهود اليهود والصهاينة لتهويد وطمس معالم المدينة الضاربة في التاريخ القديم (يقدر علماء الآثار أن تاريخ مدينة القدس يرجع إلى حوالي خمسة ألاف سنة قبل الميلاد).

لقد حظيت مدينة القدس بمكانة مرموقة في التاريخ الإنساني لم تساوها فيها أي مدينة، مكانة نالتها عبر تفردها بالبعد الروحي المرتبط بالزمان والمكان، فهي في الزمان ضاربة جذورها فيه بوجهها الحضاري المشرق، وتتمتع بالموقع والموضع، فكانت ملتقى الاتصال والتواصل بين قارات العالم القديم، كما تعاقبت عليها الحضارات وأقامت فيها المجموعات البشرية المختلفة، مخلفة وراءها أثارها ومخطوطاتها القيّمة، التي جسدت الملاحم والتاريخ، دلالة على قداسة المكان وعظمته.

وقد نالت هاته المكانة لاعتبارات منها:

أولا: أنها أولى القبلتين التي توجه إليها المسلمون في صلاتهم نحو ما يزيد عن ستة عشر شهرا بإمامة النبي صلى الله عليه وسلم .

ثانيا: فيها ثالث الحرمين الشريفين الذي تشد إليه الرحال معهما ولا تشد لغيرها إذ قال عليه الصلاة والسلام: “لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى”.

ثالثا: فيها مسرى الرسول صلى الله عليه وسلم ومن هنا يرتبط ذلك المكان بعقيدة كل مسلم وقد سجل الله تعالى هذا بكتابه العزيز فقال عز من قائل: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير.

رابعا: هي مهبط رسالات الأنبياء والرسل ومنها انطلاق الهداية للبشر لعبادة الله وحده، وهذا نابع من احترام الإسلام والمسلمين للشرائع السماوية السابقة وأنبيائها ورسلها.

خامسا: في القدس أبرز معالم الحضارة الإسلامية وقد تركت تلك الحضارة بصمات لا تنسى فيها ما زالت ماثلة أمام التاريخ كالحرم القدسي الشريف والمسجد الأقصى المبارك ومسجد قبة الصخرة والجامع العمري وحائط البراق الذي أوقف النبي صلى الله عليه وسلم براقه عنده ليلة الإسراء، وفي القدس مقابر تضم في ثراها أعدادا كثيرة من الشهداء وأبطال المسلمين من عهد صلاح الدين الأيوبي ومن قبله ومن بعده وفيها من المدارس الإسلامية التاريخية التي اهتمت بشتى العلوم الإنسانية والفقهية والإسلامية وغيرها من العلوم.

اترك تعليقًا