وعد بلفور ..100 عام بقلم الطالب بالمعهد الجزائري للدراسات والمعارف المقدسية طالزات محمد الأمين

يعد وعد بلفور اللبنة الأولى والأساسية لبناء وطن قومي لليهود في فلسطين وقد صدر هذا الوعد في الثاني من نوفمبر عام 1917 م، وقيل انه الحدث الأعظم الذي جعل حلم الصهيونية يتحقق. إذ تكلم رئيس الوزارة البريطانية الأسبق ” لويد جورج” في مذكراته عن الدور الذي قام به وايزمان لخدمة بريطانيا إبان الحرب، حيث رفض هذا الأخير كل جزاء مقابل ما صنع، بشرط ان تفعل بريطانيا شيئا في سبيل “الوطن القومي اليهودي”، وبعد تولي “لويد جورج” رئاسة الوزارة، وجه الخطاب إلى بلفور لاستمالة اليهود وكسبها في صفه، أو بتعبير آخر، أراد ان تكافئ بريطانيا “الكيان” على عملها، ومساعدتها لها في الحرب، فكان ذلك الوعد المشؤوم عام 1917، وكان ذلك الوعد بحق ‘وعد من لا يملك لمن لا يستحق’. وجاء الوعد على شكل تصريح موجه من قبل وزير الخارجية البريطاني أنذاك “جيمس بلفور” إلى “اللورد روتشيلد” أحد زعماء الحركة الصهيونية العالمية.

واليوم، يعيش أبناء فلسطين في الداخل وفي الشتات أجواء الذكرى المئة لــ “وعد بلفور” وهم يقاسون مأساته منذ 100 عام حيث توارثت أجيالهم تبعات هذا القرار الجائر بحق الإنسان والأرض منذ ذلك الحين، بلفور، هذا الرجل الذي عرف عنه منذ زمن غير بعيد عن دخول بريطانيا الحرب، أنه من أشد الناس كرها لليهود، وأنه قد سبق واصدر تشريعات تحد من هجرتهم لخشيته على بلاده منهم، كذلك لويد جورج، فإن هذا الرجل لا يقل كرها لأعضاء الجماعات اليهودية عن بلفور، نفس الأمر انطبق على شخصيات أخرى كان لها تحفظ في علاقة اليهود ببريطانيا، إذ أرادوها أن تستفيد منهم وهم خارج حدودها.
ومع مطلع السنة المتممة لمرور قرن على هذا الوعد المشؤوم، أبد بعض المحللين آرائهم بخصوص هذه القضية، إذ قال المحلل السياسي والنائب العربي السابق في الكنيست الصهيوني، “عباس زكور” في حوار نشرته جريدة “فلسطين”: إن العالم العربي والأمة الإسلامية لم يتعلما بعد أن ضعفهما أدى إلى خسارتهما أرض فلسطين.
وتابع قائلا:” بعد مرور نحو 100 عام على هذا الوعد نعيش في تخبط واقتتال ومن كنا نعول عليه في العالم العربي هم الآن في وضع لا يحسدون عليه”، معتبراً أن البقاء في هذا العالم هو فقط للقوي.
وفي سياق متصل، يرى خبير القانون الدولي عماد صلاح الدين، أن القضية الفلسطينية رغم كل المتغيرات السياسية إلا أنها من الجانب المعنوي لا تزال حاضرة ومتألقة كونها مرتبطة بشعب له حياته وتراثه وامتداده التاريخي، مضيفا أن ما صدر في المحافل الدولية فيما خص القضية الفلسطينية – وإن كان مجرد توصيات-إلا أنه يمكن البناء عليها ومواصلة الطريق، منوها إلى وجوب طرح القضية الفلسطينية كجوهر وليس ملفات.
ونوه صلاح الدين إلى وجود عدة قرارات دولية تخص القضية الفلسطينية منها ما هو لصالح الفلسطينيين مثل قرار يونسكو ومنها ما هو ضد الفلسطينيين مثل وعد بلفور، موصياً بضرورة تفعيل هذه التوصيات لدعم الايجابي منها وإلغاء السلبي، ودعا إلى ضرورة إثبات بطلان وعد بلفور، معللا أن بريطانيا كمحتل لا تملك حق التفريط فيها.
وأضاف: “وفق القانون الدولي الإنساني فإن هذا الوعد مرفوض ولا يجب أن يبنى عليه أية حقوق لا مدنية ولا اجتماعية ولا سياسية، وهذه الحقوق هي حصراً للفلسطينيين فقط”، موصياً بضرورة تفعيل التوصيات الدولية في المحافل الدولية عبر أطر سياسية ودبلوماسية.
كما طالب محمود عباس بريطانيا ب”الاعتذار” للفلسطينيين على ما احدثه ذلك الوعد، وما ترتب عليه من “ظلم” للشعب الفلسطيني، واغتصاب لأرضه.
ومن جهة أخرى نشرت جريدة الأيام مقالا لزئيف بني بيغن بعنوان “100 عام على وعد بلفور”، وكان مضمونه عن الدور البارز الذي لعبه هذا الوعد في تحقيق حلم إسرائيل الأكبر، مشيرا إلى أن أعينهم ترى بعد مرور 100 عام أن الوطن القومي لليهود “يزدهر” على أرض فلسطين
قد تكون هذه مجرد آراء، لكنهم فعلا لا يتكلمون من فراغ، هم يعملون ويجهزون ويكيدون كي يصلوا إلى مبتغاهم، وبماء “معبدهم” الملعون، في وقت لا زلت الامة الإسلامية والعربية تشهد تخبطا وانحرافا، انحراف أدى بها إلى خسارة الاندلس. نفس ذلك الانحراف –إن لم يُقَوَّم-سيؤدي بها إلى خسارة فلسطين.. “فلسطين كي لا تكون أندلسا أخرى”.

اترك تعليقًا