رسالتي لأساتذتي .. أول الخطى …بقلم الأستاذ حشاني زغيدي

بينما كنت أعيد سجل أرشيف الذكريات، أخذني حنين للماضي المشرق، أقلب دفاتر ذكرياتي حين كنت في بداية طريقها أشق خطواتي الأولى نحو مهنتي التي شرفها الله مهنة تربية الأجيال وصاعة الرجال، تخيلت نفسي أنني أحمل أجمل رسالة وأشرف مهنة فأعددت نفسي لأكون جندي فكرة، أحمل هدفا وأنشد طريقا مميزة، طريق سار عليه أفضل الخلق .

جعلت نصب عيني أن يكون جهدي وتعبي ارضاء لله تعالى، أرجو رحمته وثوابه، فأكون مثل تلك الشجرة الطيبة الظليلة المثمرة ذات النفع الوافر والخير العميم، شجرة تضرب بجدورها الأرض، لكن أصلها في السماء  ” أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ ” سورة إبراهيم : الآية رقم 24 .

و أحببت أن أكون مثل تلك النحلة، التي تتغدى بأطيب الرحيق، فتخرجه عسلا صافيا صائغا شربا ودواء، تأملت تلك الحشرة النافعة فوجدتها أخذت بكل أسباب النجاح، انضباط شديد، جهد مضني وثقيل، وإتقان في غاية من الروعة في انجاز المهمات، رافقتها قيادة راشدة للفريق فقلت في نفسي : كيف لا نتعلم من هذه المخلوقات المبدعة؟

ولك أن تأمل أستاذي تلك الآيات الرائعة لقصة نجاح رائعة، صنعتها مخلوقة صغيرة يقول الله تبارك وتعالى: (وَأَوْحَى رَبُّكَ إلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ * ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِّلنَّاسِ إنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (سورة النحل آية 68 ـ 69).

و قد دربت نفسي ان أعيش حياة الجماعة التربوية، تلك الجماعة التي تقوم على أسس متينة قوامها التفاهم والتعاون والتكافل كأسرة واحدة، جماعة تتبادل فيها الخيرات والتجارب من خلال التنسيق في كل المسائل التربوية، جماعة تبعث روح البحث والمطالعة لتنمية الموارد والمهارات فاستفدت من خبرة المدير القائد والمشرف وخبرة الأستاذ القديم صاحب المراس الطويل فصقلت مواهبي فسهلت مهمتي .

رغم تلك المؤيدات إلا أن وجود التربية الذاتية لها دورها فهي محرك الانطلاق لأن كل تأثير خارجي في الحركة مفعوله أقل بكثير فرسمت طريقي فألزمت حياض العلم وتسلحت بالأخلاق الفاضلة واستكملت نقصي المعرفي واجتهدت في تطويري خبراتي ومهارتي ومواردي لأسير على ثقة لأنني كنت على يقين أن طريق سيري طويلة وأتعابها كثيرة ومهامها متعددة فسرت نحو هدفي أعمل بخطى ثابتة لأسعد نفسي وأسعد غيري وأسهم مع الخيرين من أبناء وطني

أستاذي المحترم أحببت أن يكون آخر كلامي أبيات معطرة من الشعر في وصفة دواء كافية لسالك طريق التربية والتعليم لأن الأستاذ إذا أفرع من الخلال الكريمة فلا فائدة ترجى ولا أجر يحصل يقول شاعرنا وهو يقدم عصارة تجاربه في أبيات غاية في الروعة والفائدة:

وليس بمنسوب الى العلم والنهى

فتى لا ترى فيه خلائق أربع

فواحدة تقوى الإله التي بها

ينال جسيم الخير والفضل أجمع

وثانية صدق الحياء فإنه

طباع عليه ذو المرؤة يطبع

وثالثة حلم إذا الجهل أطلعت

إليه خبايا من فجور تسرع

ورابعة جود بملك يمينه

إذا نابه الحق الذي ليس يدفع

فاللَّهمَّ صلِّ وسلِّم وبارك عليه في كلِّ وقتٍ وحين، وفي كلِّ مِلَّةٍ ودين، وفي العالمين إلى يوم الدِّين .

 

بقلم الأستاذ حشاني زغيدي

اترك تعليقًا