كلمة الشيخ مصطفى بلمهدي رئيس الحركة أمام المؤتمرين في ندوة الجزائر_وسط

كلمة الشيخ مصطفى بلمهدي رئيس الحركة أمام المؤتمرين في ندوة الجزائر_وسط

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله و على آله وصحبه و من والاه .
تحية طيبة، تحية الاسلام فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد
نلتقي في  اختتام أشغالنا التحضيرية للمؤتمر الاستثنائي من القاعدة الى القمة لحركة البناء الوطني المزمع عقده إن شاء الله و بحول الله في آخر الشهر الثالث في ايام 29-31مارس 2018 .
وقد رفعنا فيه شعار المؤتمر الاستثنائي وهو:
الوحدة والديمقراطية لضمان التنمية .
و اخترنا هذا الشعار حرصا منا على الوحدة والديمقراطية، وأيضا خوفا منا على الوحدة والديمقراطية.
فأمّا الحرص على الوحدة فلأن الجزائر إنما حققت حريتها وأمنها واستقرارها وتنميتها بالوحدة الوطنية والتماسك المجتمعي.
واذا مست الوحدة الوطنية بسوء تهتز لها أركان الجزائر و تفقد قوتها ويتسلل إليها الوهن -لا قدر الله-.
ولذلك فالذين يلعبون و يعبثون بالوحدة الوطنية إنما يلعبون بالنار” والفتنة نائمة لعن الله من أيقظها ” كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وحرصنا اليوم على الوحدة يزداد بكل الاتجاهات لأننا نحسب خطر تفتت الوحدة الوطنية في الأقطار والدول التي مستها نار الفتنة والانقسام، وهي تدفع اليوم ضريبة اللّادولة بعد الانقسام المجتمعي، والصراع البيني الذي بدأ بخلافات سياسية، ثم تحولت الى حروب الأهلية، و اذا غابت المصالحة تبقى الاحقاد تتوارثها الاجيال.
وأما خوفنا على الوحدة، فلأننا نرى إشارات واضحة ودعوات متكررة تحاول المساس بهذه القيمة الوطنية، بسبب التعصب الجهوي أو الطائفي، كما نرى تراجعا في منسوب الخوف على الوحدة التي رسمها الشهداء بتضحياتهم وسقوها بدمائهم، و من اجل الحفاظ عليها دامت الثورة سبعة سنوات رفضا من الشهداء لفصل الصحراء عن الشمال.
كما أننا نعلم يقينا الاجندات الخارجية التي تشتغل ليلا نهارا على خريطة من أجل تقسيم الجزائر، وليس الجزائر فقط وانما تقسيم مختلف مراكز القوة في أمتنا، وتفتيت كل المرجعيات الوحدوية وتشويهها، سواء على مستوى القيم والمبادئ، أو على مستوى العلاقات الوطنية، أو على مستوى المصالح الاستراتيجية للبلاد. والوحدة الوطنية قيمة كبيرة ندعو لاستمرار الدعوة اليها، ونجدد الاستعداد الدائم للتضحية من أجلها، ونهيب بكل من يستطيع المساهمة في تجسيدها ألا يتأخر عن المبادرة لذلك فقد قال الله تعالى: ” وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ”
سورة آل عمران الآية 103
هذا نداء رباني فهل من مستجيب؟
وأما ما يتعلق بالديمقراطية ايها الاحبة، ونحن حريصون عليها اشد الحرص لأننا نشعر بان الشعب الجزائري لم يستكمل مساره الديمقراطي منذ بداية الاستقلال، وهو يطمح الى اليوم الذي يرى فيه الديمقراطية مقياسا حقيقيا للاختيار والتمثيل على مستوى كل مؤسسات الدولة، وتحويل الديمقراطية الى ثقافة عامة تعيش وسط المجتمع المدني وبين المواطنين، يتشاركون من خلالها إمكانية التداول السلمي والمساهمة الفعالة في تسيير شؤون وطنهم. فالديمقراطية أصبحت محل خوف نتيجة تغول وهيمنة المال على الممارسة السياسية، مما حول صوت المواطن الذي هو مصدر الشرعية الى سلعة تباع في أسواق الانتخابات كل موسم انتخابي.
والديمقراطية أصبحت محل خوف لأننا سجلنا في الانتخابات الماضية تواطؤا فاضحا على التزوير مما يعني التطبيع بين التزوير والمجتمع.
والخوف على الديمقراطية يزداد في جحيم التدخلات الأجنبية التي هددت الديمقراطية في الكثير من الدول القريبة منا حتى أصبح أهلها يتذكرون مراحل الاستبداد والحكم الأحادي و يعتبرونه افضل مما هم عليهم اليوم.
ان حركة البناء الوطني جعلت الوحدة والديمقراطية ضمانا للتنمية فلا تنمية بدون وحدة و ديمقراطية، لأننا اليوم نعتبر التنمية أولوية الأولويات سواء التنمية الاجتماعية التي ترتقي بالمجتمع حتى يستطيع انتاج الحكومة الراشدة التي تحقق قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “كما تكونوا يولى عليكم” او التنمية الاقتصادية التي تسمح لنا بتجاوز اكراهات الازمة والانعتاق من التبعية للنفط الضيقة، الى سعة مختلف الإمكانيات المتاحة في البلاد، والتنمية السياسية التي تنقلنا الى المشاركة الشعبية وتنهي حالة العزوف الشعبي عن الانتخابات، وتتجاوز عقد الزعامات و الجهويات من أجل تحقيق جزائر الجميع.
ان السيادة ايها السادة، لا يمكن ان تحقق أو تكتمل الا بالتنمية وان التنمية لا يمكن أن تحقق الا بالديمقراطية، وان الديمقراطية تحتاج الى بيئة آمنة مستقرة هي بيئة الوحدة الوطنية والانسجام الاجتماعي ولذلك نقول ونهتف
الوحدة والديمقراطية ضمان التنمية
ونجعل هذا الشعار قائدا لنا خلال الخمس سنوات القادمة من اجل بناء مؤسسات الدولة وفق شرعية ديمقراطية تحترم الإرادة الشعبية.
أيها السادة ايتها السيدات
اننا اليوم امام ذكرى الرابعة والعشرين 24 من فيفري، وهو اليوم الذي يذكرنا بالقرار السيادي لتأميم الجزائر لثرواتها من المحروقات التي كانت تستغلها فرنسا بأبخس الأثمان ، وقد اعتبر ذلك اليوم استقلالا جديدا للجزائر و استكمالا للسيادة الوطنية، لان تحرير الاقتصاد يشبه تحرير السياسة ، وتحرير ما تحت الأرض يكمل تحرير ما فوق الأرض
واليوم نسجل في حركة البناء الوطني تراجعا غير مبرر في مسارنا الاقتصادي ظهر جليا في سوء التسيير، ويظهر بشكل مخيف أمام توقعات انهيار النفط وتوقعات انتهاء مرحلة النفط مما يدعونا اليوم الى التوجه قبل فوات الاوان نحو الطاقات البديلة والطاقات المتجددة والخروج من الاقتصاد الأحادي الى الاقتصاد المتعدد ، ومن السوق الأحادي الى السوق المتعدد وتحمل اكراهات التحول وضريبة التحرر الاقتصادي فالأزمة قد تلد الهمة اذا صاحبتها الإرادة الصادقة ولكنها قد تقتل الامل اذا استمرت الحكومة في ممارساتها المتخبطة وترددها الغريب المستغرب تجاه الاحتجاجات التي أصبحت مثل كرة الثلج تتعاظم يوما بعد يوم بسبب غياب الحوار.
ان الاضطرابات الاجتماعية الكبيرة والتي تتوسع يوما بعد يوم تدل على ضبابية المشهد وضعف الموقف وسوء التقدير للمآلات ، لأن ضريبة وتكلفة الإضرابات في قطاع التربية الحيوي وقطاع الصحة تجاوزت قيمة المطالب التي بدأت بها هذه الإضرابات والوصول الى حل اليوم قبل الغد سيجعلنا نخفف من النزيف الوطني في ظل الأزمة الخانقة التي لا تحل بلي الأذرع و التعسف في تطبيق القانون، ولكن تحل بالتوافق والتنازل والحوار الجاد.
ان حالة الضنك التي يعبر عنها ضعف القدرة الشرائية للمواطن تدل على ارتفاع البركة وارتفاع التوفيقات  بسبب الفساد والأعراض عن الله عز وجل الذي قال سبحانه وتعالى : وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا” سورة طه الآية 124
ولذلك فإننا مدعوون لتوسيع دائرة التضامن الوطني والتقليل من مظاهر الفساد على كل المستويات وهذا مالا يتحقق الا بإرادة الجميع فالجزائر التي حررها الجميع يبنيها الجميع ويحميها الجميع و يحرس ثغورها الجميع.
الجزائر الوسط  في 06 جمادى الثاني 1439هـ الموافق لـ 23 فيفري 2018

 

اترك تعليقًا