كلمة رئيس حركة البناء الوطني الأستاذ عبد القادر بن قرينة في احتفالية حركة مجتمع السلم احياء لذكرى وفاة الشيخ المؤسس محفوظ نحناح رحمه الله

بِسْم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه اجمعين
أيها الإخوة الكرام السادة الحضور أحييكم فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وفي البداية أود أن نسجل شكرنا لهذه الدعوة الكريمة التي تجمعنا في ظلال احياء ذكرى رجل عظيم مؤسس لخيارات وربان لفكرة واحد من رجالات الجزائر والعالم الاسلامي المعاصر هو الشيخ نحناح صاحب رؤية ثاقبة ومواقف سجلت في سجل تاريخ الجزائر المعاصرة قلّ ما يتكرر لسبب ذلك الحرص المميز فيه على الجزائر شعبا ودولة ،أحزابا ونخبا ، حاضرا ومستقبلا ، ماضيا مشحونا بالقيم وأملا متطلعا للتنمية ، والحريص على الجزائر في وعائها الحضاري ، وفضائها الجغرافي ، والتزامها بقضايا الأمة ، والحريص على الإسلام في اعتداله ووسطيته وشموله ، وتسامحه وحيويته واحيائه لقيم الحرية والعمل والتعاون لأمن والإنسانية وسلامها وتعايشها فلم يكن فيلسوفا ولا فقيها مجتهدا و لا خريج جامعات عالمية في الاقتصاد و السياسة، و إنما قذف الله في قلبه بقعة ضوء و نور كانت هي السبب في رسم منهج ناصع المعالم في الفهم الصحيح للإسلام، و مدرسة في الوطنية الصادقة و قدوة في نكران الذات، وثباتا على الحق لا يتزحزح. 
جاء في الأثر: ما فضل أبو بكر الناس بكثرة صلاة ولا بكثرة صيام، ولكن شيء وقر في قلبه.
ومن هنا نقول إن الشيخ محفوظ نحناح رجل سبق عصره وعلينا اليوم أن نستدعي أفكاره ورؤاه ومبادراته لنستنير بها في وسط هذه الطبقات المظلمة، والغيوم القاتمة في أوضاعنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وفي علاقاتنا البينية او علاقاتنا مع الآخر لأننا أصبحنا في هذا الوطن العزيز نلاحظ حالات من التخبط غير مبررة بل ومسيئة للجزائر بلا سبب.

أيها السادة
لقد كان الشيخ محفوظ نحناح رحمة الله عليه:
كان يكرر المطالبة بالحوار غير المشروط ومتجاوب معه كيف لا وهو الذي طالب به في وقت رفصه الجميع وحرص على الحضور لأي دعوة سقفها الجزائر ووحدتها وثوابتها ولم يقصي من الحوار أحد واستحق بجدارة انه كان رجل الحوار.
كان يقول ويكررالجزائر حررها الجميع ويبنيها الجميع، ونحن اليوم نضيف ويحميها الجميع لنؤكد ان الجميع هو حالة عدم الاقصاء والتحرر من الذهنية الأحادية والبحث عن القواسم المشتركة التي نسميها أحيانا الجدار الوطني وأحيانا الاجماع وأحيانا الوفاق والعبرة من المسميات وليس بالأسماء.
كان حريصاً على استمرار الدولة حتى وان كانت بشرعية معطوبة لأنه ناضل من اجل ان لا تتكرر مأساة اللبننة والأفغنة والصوملة في بلادنا لان الجزائر وعاء الديمقراطية ووعاء الإسلام والحرية فاذا تمزقت الجزائر او انكسرت مؤسساتها الاستراتيجية او هدد استقرارها الوطني أو سمح للأجندات الأجنبية للتلاعب بسيادتها فإنه سيجعلها حالة مستباحة مثل العديد من الدول فيما بعد الربيع العربي ونعتقد ان ذلك سيتلف الديمقراطية ويهدد التعددية ويربك الإسلام…
لقد كان الشيخ رحمه الله مبادر الى مصالحة تاريخية بين التيار الوطني والاسلامي المعتدل واسس لفكرة مشروع التحالف الوطني الاسلامي وبدأ خطوات في انجازه ورغم التعثر الذي عرفه لأسباب تعرفونها جميعا الا اننا لازلنا نرى انه احد مقومات الحل لما تعرفه الجزائر مسنودا بالقوى الوطنية الاخرى من المدارس السياسية المتعددة المشارب وان بوصلتنا لازالت في هذا الاتجاه وسنبذل كل الجهد من اجل تطويرهذا المشروع والاستمرار في نهج الاصلاح والتقويم وتحقيق هذا المشروع الحلم حتى نتمكن من احداث التغير الذي يستحقه شعبنا في الرفاهية وقبلها في تحقيق الاكتفاء الانمائي والغذائي والصناعي ومعهم جميعا نظام سياسي تعددي امن مستقر يستوعب طموحات شبابنا
لقد عمل رحمه الله على ابعاد البلاد والابتعاد عي أي مسعى او جهد يمكن ان يوصل الى تدويل قضايا الجزائريين ويخترق سيادة قرارهم الوطني وفضل في هذا الحكمة والموقف المقاصدي على الاعتبارات الشعبوية والشخصية والحزبية وهاهي بعض الأقطار العربية تدفع ثمن تدويل ازماتها ولا يبدو في الافق حلا يمكن ان يعيد الامل الذي تتوق له شعوبها والمخلصين فيها وبالمقابل كان الشيخ رحمه الله يرى ان ازمات الجزائريين لا تحل الا بأيدي جزائرية وتحتاج جميع الجزائريين مؤسسات وأحزاب ونخب ومواطنين دون اقصاء أو تفرد بالبطولة لأن الأزمة أكبر من أن يستطيع طرف الاضطلاع بحلها وحده، و نحن بحاجة للتذكير بهذا الآن لأن حجم التدخل بشؤوننا الداخلية كبير في الخيارات السياسية المقبلة و الاقتصادية و التي و في الدفع بنا لندخل مستنقع الساحل و الصحراء.
لقد رافع الشيخ محفوظ على تأمين الوطن ليس بالدبابة وحدها بل هو واجب يقع على الجميع ان يتحمل جزء منه لثقل الأمانة التي يحملها ابناء الجزائر من أفراد الجيش المرابطين على ثغورها ويتقاسموا عبء حماية الأمن القومي مع السليل كما يحب الشيخ ان يسميه، من خلال الوعي العام وتمتين الجبهة الداخلية وتوسيع قاعدة الحكم والحراك الاستباقي في الملفات الإقليمية الحساسة وذلك هو معنى التامين للمستقبل بتمدين سياسي حقيقي لمنظومة الحكم في نظام اساسه الثقة المتبادلة لا التشكيك والتفخيخ الذي اصبح يزعج ويقلقل الخيرين في بلادنا.
أيها السادة
لا أريد ان اطيل عليكم في هذا المقام الذي ليس مقام الخطب وإنما اريد أن نجدد مواقفنا في حركة البناء الوطني بهذه المناسبة.
أولا: إننا في حركة البناء الوطني سنظل أوفياء للشيخ منهجا وفكرة ورسالة وعملا ونجعل كل اعمالنا صدقة جارية له رحمة الله عليه ونحن واثقون ان ابناء الشيخ نحناح كثر في هذا الوطن سواء من بنوة صلب منهجه، أو من بنوة الوطن والنضال وشراكة الالام والآمال.
ثانيا: إننا حريصون على استكمال المسار الوحدوي الذي بدأناه مع اخواننا كأجمل ما يهدى لروح الشيخ نحناح رحمه الله وتكريسا لاستمرارية المنهج الذي تركنا عليه الشيخ، بعيدا عن اكراهات الساحة وتأثيراتها لأننا نجعل هذا المسار خدمة للوطن وخدمة لشعبنا وامتنا وتجسيدا لالتزاماتنا مع الله وتحقيقا لتطلعات ابنائنا وقواعدنا النضالية وصيانة لأمن وطننا.
ثالثا: إن الثوابت الوطنية كانت باستمرار هي منطلق الشيخ نحناح وهي اليوم منطلقنا في استكمال بناء الدول الحديثة التي تستطيع أن تواكب حالة إعادة بناء النظام الدولي والإقليمي ونحن لسنا منبهرين ولا عاجزين ولا ينبغي أن سمح بالاختراقات الكبرى لمشروع المجتمع الذي كان ثمنه مليون ونصف مليون من الشهداء.
رابعا: إن فلسطين كانت باستمرار خارج كل الحسابات والتوازنات السياسية لدى الشيخ نحناح لأنه يراها الحق والقضية المركزية للأمة وبين يدي مشروع صفقة القرن الظالم بين من لا يملك ولمن لا يستحق، واذ نثمن دور الجزائر في دعم هذا الحق الفلسطيني فلا بد ان نقول اليوم بضرورة بناء وتنسيق عمل وطني واقليمي لخدمة هذا المشروع وكما اعتبر الشهداء أن استقلال الجزائر يظل منقوصا مالم تتحرر فلسطين فحن نجدد هذا الخط والفكر والعمل.

شكرا لكم

اترك تعليقًا