خطاب رئيس الحركة الشيخ مصطفى بلمهدي في تجمع الاتحاد بالأغواط يوم السبت 11 مارس 2017

الحمد لله على نعم الله الذي لا يحمد سواه والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه و من والاه
ايها الحضور الكرام رواد الاتحاد في هذه الولاية الكريمة المضيافة
احييكم بتحية الملائكة لأهل الجنة يوم الفوز العظيم و انتم من اهلها بفضل الله فتحيتكم يومئذ سلام.
فالسلام عليكم و رحمة الله وبركاته
و يسعد وفدنا اليوم بالحضور بينكم، رفقة اخوان في الله، حريصين على هذا الوطن واستقراره، وامنه وتنميته، وصلاح مستقبله، وصناعة الامل لأجياله القادمة.
ايها السادة
لا يمكن الوقوف في الاغواط موقف الحديث اليكم، دون ان نتذكر رموز هذه الربوع امثال:
• الشهيد بن ناصر بن شهرة رحمه الله، الذي قاوم وصبر وهاجر، وعاد الى المقاومة من جديد، وتحالف مع القوى المقاومة في الغرب والجنوب والشرق، لأنه مؤمن باستكمال العمل والنتائج على الله.
• والزاوية التيجانية العامرة بالذكر والقرآن، و اطعام الطعام، والتي تظل صامدة شامخة رغم الانواء والمناوئين، وهي مفخرة للجزائريين بما يمثله اتباعها من امتداد في الجزائر، و افريقيا والعالم، وما يرمزون له من دور الاسلام في العلاقات الدولية، والمساهمة في أمننا القومي، ومواجهة العنف ونشر قيم السلام العالمي، والتي لا زلنا نقدر ان الدبلوماسية الجزائرية لم تستفد منها، لغفلتها عن الدبلوماسية الحزبية والشعبية .
• ونتذكر عبد الله بن كرِّيوْ الشاعر الملتزم، والمثقف الاصيل، الذي لا تزيده السنوات الا تألقا في الذاكرة الشعبية.
ومثله ابن الحرمة الذي ولد ببريان، ونشأ وترعرع بالأغواط، وانتمى ثقافيا إليها، ومنها شاع صلاحه وقصائده في مدح القرآن والرسول صلى الله عليه وسلم.
• وثالثهم مفسر للقرآن الكريم في الجزائر، المجاهد التواتي بن التواتي، ادام الله نفعه، والشيخ بلقاسم حفظه الله وزاده رفعة بتواضعه.
• ومثل هؤلاء العظماء عشرات المثقفين والأدباء، والفنانين واهل الابداع والخير، من هذا البلد العامر الذي نعتز به، ونتمنى لأهله الخير والسداد، من ربوع افلو منفى العلامة الشيخ البشير الابراهيمي، الى حاسي الدلاعة، وقصر الحيران، ومن حاسي الرمل الى سيدي مخلوف.
فالأغواط ولاية الامجاد و ولاية الجهاد والثورة، و ولاية الفلاحة، والثروة الحيوانية، وولاية الحضارة والقيم، و ولاية القرآن والعلم، و ولاية الطاقة والسياحة، والتي قال فيها مفدي زكرياء “فأغواطنا بالشآم استخف”.
ولذلك فان الاغواط في برنامج الاتحاد من اجل النهضة و العدالة و البناء ولاية مركزية، لأنها ولاية اهل القرآن و البيان والوطنية الصادقة، وأملنا ان يحتضن سكان الاغواط اتحادهم من اجل النهضة والعدالة والبناء الوطني لصناعة مستقبلنا بأيدينا رغم التحديات، ومن خلال جهود الرجال الابرار، والنساء الحرائر، الذين نحييهم من خلال تحيتنا لكل نساء الاغواط، اللواتي صنعن بحسن تربيتهن رجالا عظماء.
ايها السادة ايتها السيدات
اننا نلتقي في شهر مارس و ما ادراكم من شهر مارس فهو الشهر المبارك بدماء الشهداء الابرار قادة الثورة الاخيار
• ففي شهر مارس ارتقى شهيدا ابو الثورة مصطفى بن بولعيد
• وفي شهر مارس ارتقى شهيدا عبقري الثورة العربي بن مهيدي
• وفي شهر مارس ارتقى شهيدا البطل الذي أمن الصومام، الشهيد عميروش
• وفي شهر مارس ارتقى شهيدا العقيد الحواس
• وفي شهر مارس ارتقى شهيدا العقيد لطفي
وكانوا رحمهم الله جميعا في ربيع اعمارهم، ولكنهم آثروا الشهادة في سبيل الله، وتجاوزوا المصالح والانا و حب الزعامة، وخرجوا من العصبية والفئوية والصراع على الزعامات والمناصب والمكاسب، صدقوا فاختارهم الله وهم اليوم عنده احياء يرزقون شهداء على من تركوهم خلفهم.
و في مارس حدث الاستقلال الحقيقي؛ بوقف القتال في 19 مارس 1962 و لكن بين مارس و جويلية حدث استعمار جديد، حيث اتمت فرنسا تهريب الارشيف الجزائري، الذي نطالبها باستمرار باعادته، لانه تاريخ جهادنا و تاريخ جرائمهم و تاريخ عملائهم.
و من مارس الى جويلية غرست فرنسا عملاءها، وسط منظومتنا الوطنية، حيث ظهر لنا من يدعي انه كان مجاهدا، و كثر الفارون من الجيش الفرنسي نحو جيش الحدود، ليتبوؤا المواقع بين المجاهدين في عهد الاستقلال و لعل ذلك ضمن مخطط دوغول لعودة نفوذ فرنسا بعد ثلاثين سنة.
و من مارس الى جويلية قامت المنظمة الارهابية الفرنسية، بتدمير المنشآت و قتل الجزائريين، و لكن رغم كل هذا فقد انتصرت الجزائر و ارتفع الآذان على كتشاوة بعد ان بقي كنيسة منذ 1830، منه حذر البشير الابراهيمي في اول جمعة بعد الاستقلال قال للجزائريين “يا معشر الجزائريين: إن الاستعمار كالشيطان الذي قال فيه نبينا صلى الله عليه واله وسلم (إن الشيطان قد يأس أن يعبد في أرضكم هذه ولكنه رضي أن يطاع فيما دون ذلك)، فهو قد خرج من أرضكم، ولكنه لم يخرج من مصالح أرضكم، و لم يخرج من ألسنتكم، ولم يخرج من قلوب بعضكم”.
والاتحاد من اجل النهضة والعدالة والبناء، يجعل الشهداء منارات في برنامجه، بهم يقتدي في التضحية، ولهم سنظل اوفياء، وبرسالتهم عاملين متمسكين، من اجل تحقيق حلمهم في دولة جزائرية اجتماعية لا يجوع اهلها، وديمقراطية لا يستبد حكامها، و دولة في اطار المبادئ الاسلامية لأنه من خرج عن الاطار خان الشهداء الابرار، لان المبادئ الاسلامية هي الجدار الحامي من الغزو.
ايها السادة
ان شهر مارس تشرف ايضا باستشهاد البطل الفلسطيني، الشهيد احمد ياسين، الرجل القعيد الذي أقام الشهادة علينا و على الامة الاسلامية، حينما خطط و حارب من على كرسيه وهو مشلول، اكبر استعمار صهيوني، ليقول بلسان الحال لمن بعده.
” انْفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ”
سورة التوبة الآية 41
واقام احمد ياسين الشهادة على وحشية الاستعمار الصهيوني وجبنه، حين قصف الشهيد وهو خارج من صلاة الفجر، بطائرات امريكا المعتدية .
فلا حجة للقاعدين عن الجهاد في فلسطين، التي تحتاج منكم الى نصرتها اليوم اكثر من اي وقت مضى، و في الاقصى ايها الاحبة توجد حارة المغاربة تنتظر منا تحريرها من المعتدين الصهاينة، لأنها وقف علينا و كان سكانها من المغرب العربي حراسا على امن الاقصى.
ايها السادة الافاضل
اننا اليوم أمام منعرج حساس في حياة الوطن والشعب، نحتاج فيه إلى أن نكون في يقظة كبيرة لما يحاك في اوطان شقيقة حولنا، فقدت استقرارها، واستباح الاجنبي ارضها وسيادتها و ثرواتها، وهجر سكانها، واحتكم شبابها الى السلاح لحسم صراعهم فاهلكوا الاخضر واليابس والحرث والنسل، وانفقوا أموالهم اليوم في شراء السلاح عوض البناء و الاعمار، وسينفقونها غدا ايضا على إعادة الإعمار، والمستفيد الاول والاخير في ذلك هو الشركات الأجنبية، وتجار الحروب، والمقتاتون من الازمات والدماء.
ولذلك فإننا مطالبون اليوم في الجزائر بتماسك اجتماعي، و جدار وطني متين مرصوص، والاتفاق حول المصالح العليا للبلاد من طرف الجميع، ومن كل المؤسسات والجهات والفئات.
و مطالبون بدعم قوانا الوطنية وعلى راسها الجيش الوطني الشعبي و هم شباب القوة و الفتوة في حماية الوحدة الترابية للجزائر.
و مطالبون بدعم دبلوماسيتنا في القيام بمساعي المصالحة في دول الجوار.
و مطالبون بدعم الاستقرار في الجزائر بالمشاركة الواسعة في الانتخابات، لبناء مؤسسات سياسية، تحوز الشرعية والمشروعية والثقة، ولا يتم ذلك إلا بروح الفريق الوطني، والتعاون على البر والتقوى، بعيدا عن الانا والمصالح الفئوية الضيقة.
قال الله تبارك و تعالى:
“وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ”
سورة المائدة الآية 02
• فالفساد الاقتصادي إثم وعدوان
• والفساد الإداري إثم وعدوان
• والفساد السياسي إثم وعدوان
• والفساد الأخلاقي إثم وعدوان
• والفساد القضائي إثم وعدوان
• والفساد التعليمي إثم وعدوان
• والفساد الاجتماعي إثم وعدوان
والفساد اذا عمّ اهلك الجميع والله لا يصلح عمل المفسدين، الفساد انتشر و لابد من تضييق دائرته بتوسيع دائرة الصلاح و الاصلاح في مواقع الفساد.
و قد قال الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه “ان الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن”.
ندعو الله ان يرنا الحق حقا و يرزقنا اتباعه و يرنا الباطل باطلا و يرزقنا اجتنابه.
طبتم وطاب مقامكم و بصعود الاخلاص الى الله يتنزل التوفيق.
و السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
الاغواط في 12 جمادى الثانية 1438هـ
الموافق لـ 11 مارس 2017 م

اترك تعليقًا